وجوه الدراما: ناجية الورغي وحمزة داود.. حين تشتعل الذاكرة حبّا

هم جزء من ذاكرتنا، ركيزة اساسية في ذاكرة التونسيين كانوا نجوم الدراما ولازالوا الى اليوم يخطفون الاضواء ويشدون انتباه

متابعي المسلسلات التونسية حتى وان كانت الادوار ثانوية فمحبة الكاميرا لهم وأدائهم الصادق يدفعهم للتربع دائما على عرش القلب.
في الدراما الرمضانية للعام 2022 يعود الى الحضور العديد من الممثلين الذين كانوا من نجوم الذاكرة، لحضورهم اثره الجميل، ممثلين لازالوا يتقدون حماسا ليبدعوا ويكونوا صادقين امام جمهورهم على غرار الممثلة ناجية الورغي في «كان ياماكانش» اخراج عبد الحميد بوشناق و الممثل حمزة داود في «حرقة» لسعد الوسلاتي.
حمزة داود: ممثل شغوف انهكته الحياة فواجهها بالفن
شامخ وعنيد، ممثل لا يعرف معنى الاستسلام، قدم الكثير من سنوات عمره للمسرح،يمارس المسرح منذ اربعة وأربعين عاما تعلم ابجديات الفن الرابع في فرقة الجنوب بقفصة، اضحك جمهور المسرح في «حمة الجريدي»، ممثل شغف بالتمثيل، اختاره منهجا للحياة ومهنة، صنع الكثير من الاحلام وقدم الكثير من الجهد والعرق على الركح، خبر اركاح تونس جميعها، الممثل التونسي حمزة داوود، ذاك الرجل بملامح الطفل، حمزة داود اطل الى جمهور الدراما هذا العام بشخصية «عم الجيلاني» في مسلسل الحرقة وجسد شخصية رجل سبعيني يعمل «برباش» في المصبّ، بين الجيلاني وحمزة داوود الكثير من الشبه فكلاهما ابيض الشعر، كلاهما خبر الحياة وصارعها كثيرا، كلاهما حقق انتصاراته الصغرى وكلاهما يفرح لابتسامة شخص آخر، كلاهما اثقلته الحياة ولازال متشبثا بضحكته، كلاهما يريد ان يحلم رغم كمية السواد واليأس المنتشرة، عم الجيلاني في «المصب» يعد مركز الحكمة وموزع الابتسامات على الجميع، شخصية اخرى لحمزة داود قدمها بشغفه وصدقه الذي عرفه عليه جمهور الدراما.
حمزة داود ابن قفصة من مدينته تعلم الشموخ، من بيئته اكتسب مهارة المقاومة هو كقطرة ماء تحي التربة الجافة، ادائه يشبه الزهرة البرية المقاومة للجفاف، حمزة داود فنان وممثل احب المسرح، هو كفانوس يضيء الليالي المعتمة، داود شارك في اغلب اعمال فرقة مسرج الجنوب التي تحولت الى مركز للفنون الركحية والدرامية، شارك الممثل عبد القادر مقداد في العديد من الثنائيات الناجحة االمحفورة في ذاكرة التونسيين،حمزة داود هو «سي محي الدين» في مسرحية الجراد، و»القراعي القهواجي» في «عمار بوزور» ترك اثره في «حمة الجريدي» ممثل متلوّن ومحبّ لفنه، حمزة داود عرفه جمهور الدراما في شخصية «والد العاتي» في «الدوار» وقدم ادوار في «منامة عروسية» و»العاصفة» ولعلّ اخر اعماله المسرحية التي جسد فيها الشخصية الرئيسية مسرحية «علي بن غذاهم باي الشعب» اخراج صابر الحامي ونص بوكثير دومة ، ادائه كان مركبا مميزا.
حمزة داود ممثل التونسي عاند الحياة لينجح، ممثل هادئ ومختلف يتقن فنّه ويلعب كما الطفل كلما وقف امام الكاميرا او على الركح، حمزة داود «عم الجيلاني» شخصية سترسخ لدى من يتابع هذا الممثل وينتبه الى صدقه، حمزة الذي عاندته الحياة وأتعبته، حمزة داود تنكر له المسرح فواجه الالم بمزيد من الإبداع مرددا ما تقوله شخصية علي بن غذاهم في المسرحية :
«ليش البكاء يا عيني
وليش أمرار الغلاب الكاس جرّعتيني
كل يوم باكية واليوم بكّتيني
وبالدمع ديمة غارقة في سيلك»
حمزة داود الشخصية الهادئة والشيخ بملامح الطفل سيقى ادائه بصمة وعنوان للإبداع وتحفر جملته «اكسيليري مليح، خلي الموبيلات يهزها الريح» ووقوفه فاتحا يديه للحرية والحياة معاندا الريح اجمل الصور التي يمكن اختزالها عن قامة مسرحية اسمها حمزة داود.
ناجية الورغي: متشبثة بإبداعها تشبث «الفرنان» بارضه
سيدة من سيدات الشاشة التونسية، شامخة شموخ جبال عين دراهم، مقاومة كأشجار الفرنان المعانقة للسماء، هادئة ورقيقة كما الطائر السنونو، ناجية الورغي ممثلة تونسية لها مكانتها في ذاكرة التونسيين، ممثلة جرّبت المسرح والتلفزة والسينما، متلونة، متغيرة وحالمة أبدا.
ناجية الورغي انطلقت تجربتها المسرحية منذ عام 1969 في فرقة الكاف قبل ان تنتقل الى الجارة جندوبة لتؤسس مع رفيق الرحلة والحب فرقة «مسرح الارض» بجندوبة، ناجية الورغي العاشقة دوما للمسرح والتجديد ممثلة تعود الى الدراما هذا العام لتشارك بشخصية «ام صرد» في سلسلة كان ياماكانش، شخصية الام تركت السنون اثارها على الوجه وانحناءة الظهر لكن تلك النبرة المميزة في الصوت لازالت كما هي، نبرتها المختلفة تميز ناجية الورغي عن غيرها «ممثلة تتعرف بصوتها» كما يقول محبيها، ظهور ناجية الورغي بعد غياب عن التلفزة كان بمثابة الاعتراف بالقيمة الفنية لهذه المرأة الحالمة والشامخة.
ناجية الورغي ممثلة وكاتبة نصوص وساهمت في الاخراج أيضا خبرت المسرح، احبته لتقدم اكثر من خمسين عمل مسرحي في «مسرح الارض» التجربة المسرحية والانسانية التي توجهت الى حكايات الريف التونسي واستلهمت منها اجمل الاعمال المسرحية فالفضاء الريفي الذي ظل مهمشا لعقود طويلة وسيطر عليه الطابع الفلكلوري وكان محطة للسخرية في بعض «السكاتشات» كان الحافز الاول ليصنع الثنائي ناجية الورغي ونور الدين الورغي حزام مقاومة عن كينونة الريفي وحقوقه ومكتسباته وحققا نجاحا جماهريا واصبح «مسرح الأرض عنوان للمقاومة بالفن.
ناجية الورغي بشامتها المميزة اطلت على جمهور الدراما بشخصية مختلفة عن سابقاتها، بدت متمكنة من اليات الكوميديا وتستطيع الانتقال بسرعة الى الدرامي، تضحك المتابعين وتبكيهم في الوقت ذاته، ناجية الورغي المحبة للتمثيل برز نجمها في السبعينات والثمانينات هي من سيدات المسرح والدراما، في رصيدها العديد من الاعمال على سبيل الذكر «خيرة» و»المغناة» و»ريح ومديح وكلام فصيح» و»تراجيديا الديوك» و»حبة رمان» و»خوافر سبول» و»جاي من غادي» التي قامت باخراجها ، يعرفها جمهور الدراما بشخصية الجدة «تبر» في مسلسل «بين الثنايا» اين جسدت دور المرأة الريفية المتمسكة بحق حفيدتها في التعليم وإتمام دراستها الجامعية، شخصية قوية تتماهى مع ناجية الورغي المقاومة للنسيان، شاركت ايضا في «عنبر الليل» و»لأجل عيون كاترين» و»شرع الحب» و»نواصي وعتب»، ولها مشاركات في السينما في افلام «صمت القصور» و»باب العرش» والشريط التلفزي «ريح الفرنان» وكان ادائها صادقا وحقيقيا ربما لتماهي البيئة الجغرافية للفيلم مع البيئة التي ترعرت فيها الورغي وتعلمت حبّ التمثيل.
ناجية الورغي من اعمدة المسرح والتمثيل في تونس، ممثلة لها زادها وخبرتها في الفنون قادرة على اقناع المشاهد، صوتها المختلف يميزها عن غيرها، ناجية التي كتب لها نور الدين الورغي «بها ولها اكتب ودونها ألجم»..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115