في ضيافة آية: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا (4)

ومنها التعبير بصيغة المبالغة، وهي: {الوهاب} وأنه سبحانه قد انفرد بالرحمة وهبة الرحمة لمن يشاء، وأن رحمته وسعت كل شيء. فكأن العبد يقول:

إلهي هذا الذي طلبته منك في هذا الدعاء عظيم بالنسبة إلي، لكنه حقير بالنسبة إلى كمال كرمك، وغاية جودك ورحمتك، فأنت {الوهاب} الذي من هبتك حصلت حقائق الأشياء وذواتها وماهياتها ووجوداتها، فكل ما سواك فمن جودك وإحسانك وكرمك.
الوقفة السابعة: طرح القرطبي هنا سؤالاً وأجاب عنه، فقال: "أفكانوا يخافون -وقد هُدوا- أن ينقلهم الله إلى الفساد؟ فالجواب: أن يكونوا سألوا -إذ هداهم الله- ألا يبتليهم بما يَثْقُل عليهم من الأعمال، فيعجزوا عنه، نحو {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم} (النساء:66) قال ابن كيسان: سألوا ألا يزيغوا، فيزيغ الله قلوبهم، نحو {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} (الصف:5) أي: ثبتنا على هدايتك إذ هديتنا، وألا نزيغ فنستحق أن تزيغ قلوبنا".

الوقفة الثامنة: روى مالك في "الموطأ" عن الصنابحي أنه قال: "قدمت المدينة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فصليت وراءه المغرب، فقام في الثالثة، فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد تمس ثيابه، فسمعته يقرأ بأم القرآن، وهذه الآية {ربنا لا تزغ قلوبنا} الآية.
قال العلماء: قراءته بهذه الآية ضَرْب من القنوت والدعاء؛ لما كان فيه من أمر أهل الردة. والقنوت جائز في المغرب عند جماعة من أهل العلم، وفي كل صلاة أيضاً إذا دَهِمَ المسلمين أمر عظيم يفزعهم، ويخافون منه على أنفسهم. وروى الترمذي من حديث شهر بن حوشب، قال: قلت لأم سلمة: يا أم المؤمنين! ما كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عندك؟ قالت: كان أكثر دعائه: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك). فقلت: يا رسول الله! ما أكثر دعاءك: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك! قال: (يا أم سلمة! إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله، فمن شاء أقام، ومن شاء أزاغ). فتلا معاذ {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا}. قال الترمذي: حديث حسن.

وفي رواية فيها زيادة: "قالت: يا رسول الله! ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي؟ قال: (بلى، قولي: اللهم رب النبي محمد، اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلات الفتن).

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115