في ضيافة آية: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا (2)

• الوقفة الثالثة: قوله تعالى: {ربنا لا تزغ قلوبنا} الآية، للمفسرين قولان هنا: الأول: أن هذا القول من مقول الراسخين في العلم، فهم يقولون:

{آمنا به كل من عند ربنا} (آل عمران:7) ويقولون أيضاً: {ربنا لا تزغ قلوبنا} (آل عمران:8) وكأنهم إذ يعلنون الإيمان والإذعان، يضرعون إلى الله تعالى أن يحفظه ويبقيه بإبعادهم عن الزيغ والاضطراب في العقيدة. الثاني: أن هذا كلام جديد، وهو تعليم من الله تعالى للمؤمنين ليدعوا بهذا الدعاء.
والمعنى على القولين: ربنا أي يا خالقنا والعليم بنفوسنا، والقيوم على أمورنا {لا تزغ قلوبنا} لا تبتلينا بابتلاء واختبار تزيغ معه قلوبنا، وتضطرب معه نفوسنا، فتكون الإزاغة عن الطريق المستقيم والمنهاج الحق. و(الزيغ) يبتدئ دائماً بسيطرة الأهواء على النفوس، فتضطرب فتحيد، فيكتب الزيغ فتزيغ.

• الوقفة الرابعة: قوله عز وجل: {بعد إذ هديتنا} تحقيق للدعاء على سبيل التلطف؛ إذ أسندوا (الهدى) إلى الله تعالى، فكان ذلك كرماً منه، ولا يرجع الكريم في عطيته، وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من السلب بعد العطاء.

• الوقفة الخامسة: قوله سبحانه: {وهب لنا من لدنك رحمة} هذا بقية الدعاء والضراعة التي تجري على ألسنة الراسخين في العلم، وهي من تعليم الله سبحانه وتعالى، وهذا الدعاء يتضمن طلب الرحمة، وقد تضمن الأول طلب تثبيت الإيمان، وهو أول أبواب الرحمة، والأصل لكل رحمة؛ فبعد أن علمنا سبحانه الضراعة بأن لا تميل قلوبنا، وجَّهنا لطلب الأثر كذلك وهو الرحمة، ورحمة الله تَفَضُّل وإنعام على العبد؛ لأنه وما يملك مِلك لله تعالى، يتصرف فيه كما يتصرف المالك في ملكه، وليس لأحد عند رب العالمين حساب. و(الرحمة) المطلوبة كلمة شاملة جامعة، فتجمع النصر في الدنيا والقرار والاطمئنان فيها، والنعيم في الآخرة.

والتعبير بقوله تعالى: {من لدنك} أي: من عندك، ولدن لا تستعمل بمعنى عند إلا إذا كانت (العندية) في موضع خطير جليل عال. والمعنى على هذا أن الرحمة فيض من فيوض الله ينزل على عباده كما ينزل المطر من مرتفع السماء إلى الأرض.

يتبع

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115