أكلت الكثير من جسده إذ انطلقت التجربة منذ ستينات القرن الماضي مع فرقة الكاف، عيسى حراث الممثل المسرحي المختلف صاحب الحضور البهي والصوت القوي، عيسى حراث احد أعمدة المسرح في تونس، فنان تتلمذت على يديه الكثير من الاجيال، أحب المسرح وشغف به فاختاره مسار للحياة، ممثل يترك بصمته كلما صعد على الركح واعترافا بقيمته الفنية الكبيرة وتكريما لمجهوداته الكثيرة كرّم في أيام المسرح بتطاوين.
عيسى حراث ذاك الأسمر سمرة هذه الأرض، الحالم دائما بفعل مسرحي يعلم الإنسان حب الأرض والوطن، ذاك المناضل الغيور على الفعل المسرحي والفني، ذاك الذي تناسته الدولة لاعوام طويلة وتركته يصارع الزمن وينتصر عليه، فنان أبدع في «عطشان يا صبايا» وقدم الكثير في الكاف وتونس وصفاقس وقفصة «علي بن غذاهم»، احبه جمهور الدراما في اغلب الاعمال الدرامية من «ماطوس» الى «حكايات العروي» الى «وردة» و»صيد الريم» و»لاجل عيون كاترين» و»ظفائر» و»قمرة سيدي المحروس» الى «قلب الذيب»، ووقف لابداعاته جمهور السينما السينما شارك في 5 أفلام من سنة 1986 إلى سنة 2006 هي «أميرة والوحوش» سنة 1986 و»طفل اسمه يسوع « 1987 وعصفور سطح سنة 1990 و»قوايل الرمان» سنة 1999 و»التلفزة جاية» سنة 2006 كما شارك في فيلم باستاردو لنجيب بالقاضي في سنة 2014 .
الممثل الشامخ والطفل الحالم عيسى حراث كان ضيف اليوم الافتتاحي وكرّم رمزيا بعد عرض «في مديح الموت» وهو الحاضر في العمل من خلال صوته، وسبق وان تدرب لشهر كامل مع المجموعة ليقدم شخصية الفنان لكن للمرض حكمته وحلّ مكانه الممثل كمال العلاوي.
عيسى حراث كرم بالورود، وقف شامخا على الركح رافعا وروده مثل طفل يرفع جائزته في اختتام السنة الدراسية، كعادته هادئ وصامت، ينصت للعرض ويتابع كل تفاصيله بدا عيسى حراث كعرّاب للمسرحية والمسرح التونسي، لم يمنعه التعب ولا المرض من مشاهدة المسرحية كاملة والتفاعل معها ومع رفاق الركح والفكرة، في تطاوين كرّم الممثل والمبدع عيسى حراث اعترافا بدوره في صناعة الفعل المسرحي وهو الممثل الذي خبر اركاح الجمهورية جنوبها وشمالها، ممثل أعطى الكثير من الحب والصدق للمسرح فقوبل بحب الجمهور ودموعهم اعترافا بقيمته الفنية والانسانية.
على ركح المركب الثقافي بتطاوين بكى عيسى حراث وتأثر بالتصفيق والهتاف باسمه، تأثر ذاك الجبل الشامخ ونزلت عباراته امام جمهور من الشباب احب أعماله وتأثر به الكثيرين، في تطاوين عبر عيسى حراث عن تواصل الفنون وخلودها، اكد ان الفن باق مادام هناك الصدق والأمل.
في تكريم عيسى حراث امام جمهور من الشباب وبعد عرض مسرحي اعتراف بقيمته الفنية ودعوة للسلط لتنتبه الى مبدعيها وتكريمهم، هي اعتراف بما قدمه عيسى حراث من ابداعات لا تحصى، فهو رجل يعرف جيدا لوح الركح سالت دمائه كثيرا اثناء البرايف، خبر ارض تونس شمالها وجنوبها، احبته الكاف واستقبلته وقدم مع فرقتها الكثير من الابداعات العالمية، استقطبته فرقة تونس ليكون نبراس قوة وبهاء ثم توجه الى صفاقس ليقدم الكثير من المسرح ويكون صوته الانيق والفخم علامة مسجلة في المسلسلات الاذاعية التي انتجتها اذاعة صفاقس، تكريم عيسى حراث هو تكريم للفن، تكريم للابداع ورسالة اعتراف ان على هذه الارض ما يستحق الحياة، على هذه الارض مبدعين ينثرون ورود الامل اينما كانوا وعيسى حراث وردة برية تعودت على مقارعة رياح اليأس وجبروتها ليزهر على الركح بابتسامته المميزة.