مشروع «أطفال مبدعون» لجمعية ملتقى الجنوب للثقافة والفنون: ترسيخ لثقافة السينما والصورة لدى الأطفال فعل نضالي

فلنحلم مع السينما، لنغير انفسنا وعالمنا الصغير بالسينما، فلتكن الكاميرا سلاحنا لنقد الواقع وصناعة عالم آخر أجمل

بإمكاننا الحلم وابتكار اساليب جديدة للتثقيف والنقد والحياة اليست السينما حياة؟ اليست السينما عالما شاسعا وممتدا يختزل الاحلام الكثيرة والآمال الكبيرة ويحوّلها الى افلام تربوية وتثقيفية وتعليمية تؤكد ان للطفل الحق في الابداع وممارسة الفنون فرجة وانتاجا وهو ما تحرص عليه جمعية «ملتقى الجنوب للثقافة والفنون» بتطاوين التي اختتمت فعاليات مشروعها «اطفال مبدعون» بعد عام ونصف من اللقاءات النظرية والتطبيقية والتصوير والمشروع « المدعوم من برنامج «لنكن فاعلين/فاعلات» و جمعية «التضامن المدني بتونس» و بالشراكة مع المندوبية الجهوية للمرأة والأسرة والطفولة بتطاوين.
انتهى المشروع بأفلام ابدع في تصويرها وانجازها اطفال في نوادي السينما الموجودة بولاية تطاوين، افلام كانت حصيلة عام ونصف من التدريبات، اولا تاطير منشطي نوادي الطفولة وتعليمهم ابجديات تصوير الفيلم السينمائي قدمها المخرج عبد العزيز بوشمال والناصر الصردي ثانيا تاطير الاطفال وتأسيس نواد بمؤسسات الطفولة وانجاز افلام بعضها يقدم لموروث الجهة وتراثها «محلاه لبس بلادي» و«قرن غزال» و«الخبز» وآخر يكشف عن المخاطر التي يعانيها طفل «وحيد التكنولوجيا» و«من جد وجد» وأخرى تدعو الى التسامح وقبول الاخر «رحمة» وافلام تؤكد قيمة العمل «شاقي ولا محتاج»، اختلفت المواضيع لكن الرسالة واحدة: السينما قادرة على التغيير وأطفالنا مبدعون متى سنحت الفرصة.
«وحيد التكنولوجيا» دعوة إلى الانتباه إلى خطر الألعاب الالكترونية
يعيش طفل اليوم في فضاء ينفتح على العالم من خلال وسائل التواصل الحديثة، يعيش الطفل مع الهاتف وأصدقاء افتراضيين وألعاب الكترونية تأسره وتجبره على الوحدة في كثير من المرات إلى حد المرض احيانا «التوحد» او «العنف اللامبرّر» بسبب كثرة الالعاب الدموية الموجودة على الهواتف «الفري فاير» و«البابجي» ولانّ للطفل الحق في التمتع بطفولته الطبيعية واللعب مع اترابه والخروج من عالم افتراضي قاتل اختار نادي سينما الاعلامية الموجهة للطفل موضوع «العالم الافتراضي» وطرحه في الفيلم الفائز بالمرتبة الاولى في المسابقة مطية لنقد هذه الظاهرة ودعوة لمتابعة الاطفال ومراقبة استعمالهم للهاتف والفيلم من اخراج نور الهدى دب.
«وحيد التكنولوجيا» عنوان الفيلم، طريقة طرح بسيطة وتناول عميق لموضوع العصر، طفل يجلس تحت الشجرة في نادي الالعاب يمسك بهاتفه طيلة الوقت يأتي اترابه للعب يطلبون منه ترك الهاتف ومصاحبتهم، فلا يلبي النداء ويواصل التركيز في هاتفه ولعبته الافتراضية، ينهون فترة اللهو يتركون المكان ويبقى لوحده لساعات طويلة إلى حدّ النوم والسقوط في القاعة، بطريقة بسيطة وقع الكشف عن ادمان الطفل على التكنولوجيا وخطرها عليه، فالطفل من حقه ممارسة اللعب الحقيقي لا الافتراضي وعلى العائلات مراقبة استعمال ابنائهم للالعاب الالكترونية الخطيرة التي اثرت سلبا على الاطفال والمراهقين، فكم من لعبة كان نتيجتها انتحار الطفل «الحوت الازرق» والعاب اخرى تعلموا منها العنف «الفري فاير» والبابجي» وهذه الالعاب بالاضافة لتأثيرها الجسدي لها تأثير نفسي فهي تجعل الطفل منزويا دائما ويريد فقط التركيز على هاتفه ومن نتائجها الاضطرابات النفسية والعقلية ايضا اذ وافقت منظمة الصحة العالمية على الاعتراف بإدمان الألعاب الإلكترونية كاضطراب في الصحة العقلية ومن خلال الكاميرا نبّه ابناء نادي سينما الاعلامية الموجهة للطفل بخطورة هذه الالعاب عبر شخصية معتز في فيلم «وحيد التكنولوجيا».
فيلم «رحمة» الاختلاف ضروري وقبول المختلف سلوك متحضّر
الاختلاف ضرورة، لم يخلق البشر متشابهين لا في اللون ولا في العقيدة ولا في طريقة النطق، الاختلاف من سنن الحياة وقبول المختلف عنا هو قعل سلوكي حضاري يجب ان يتعلمه الطفل ويمارسه في محيطه المدرسي والعائلي، هكذا يمكن وصف فيلم «رحمة» انتاج نادي سينما الطفل غمراسن.
الفيلم بطلته طفلة اسمها رحمة، تلميذة نجيبة، نهمة للقراءة والمطالعة تقضي الساعات الطويلة في البحث عن معلومات تفيدها في دروسها، عازفة عود تحب الموسيقى وتراها وسيلة للحلم ايضا، الطفلة رحمة تنبذ من المجموعة فقط لاختلافها تعكس الكاميرا الالم النفسي الذي تعيشه الطفلة لاختلافها في السلوك عن البقية لكنها تواصل التمسك بالكتب وارتياد المكتبة و البحث عن الجديد الى ان انتشرت عدوى الكتاب والمطالعة وقبل الزملاء اختلاف صديقتهم وطريقة تفكيرها واستنتجوا ان «نستفيد ممن يخالفنا اكثر من استفادتنا ممن يشاركوننا نفس الراي».
فالفيلم يدعو الى قبول الاخر المختلف عنا، دعوة للطفل ليتعلم ان الاخر ليس شريرا او «حجيما» الاخر يختلف عنا لغة ولونا ولهجة وطريقة تفكير واختلافه لا يعني هرسلته او التنمر عليه بل قبول اختلافه، رسالة تعليمية وتثقيفية ضرورية في المدارس ونوادي الاطفال لوجود نسبة كبيرة من التنمر في العديد من المؤسسات بسبب الاختلاف.
السينما وسيلة للتوعية
السينما وسيلة لتنبيه الطفل بمخاطر الشارع، السينما اداة ليعرف التلميذ خطر الادمان وسلبيته على دراسته وحياته وصحته في هذا الاطار يتنزل فيلم «من جد وجد» لنادي سينما الذهيبة، فالذهيبة الحدودية مدينة يحتاج اطفالها الى الفنون ونادي الاطفال هو المؤسسة المقاومة لكل الجفاء الجغرافي والتاريخي بين الفن والمدينة، ولان الادمان من مخاطر اليوم والفراغ عادة يجبر الطفل على تجريب التدخين ومن ثمة المخدرات بانواعها المتوفرة اراد ابناء النادي ابراز هذا الخطر من خلال الكاميرا والسينما.
عنوان الفيلم «من جد وجد» اخراج فجر النقاز ومونتاج يوسف عدالة يسلط الضوء على خطورة ادمان التلميذ للتدخين ثم ادمان المخدرات، ميزة الفيلم الموسيقى الجميلة التي ابدعت فيها ساجدة النقاز التلاميذ المنتشرين في الشارع وقت الفراغ لن يتعلموا من الشارع الامل او الجمال بل سيتعلمون ما يحول حياتهم الى وجع دائم، الفيلم توعويّ انجزه تلاميذ اطفال وموجه للطفل والعائلة ايضا فكلاهما معني بمعرفة بشاعة الادمان وكلاهما معني باهمية الفن ونوادي الفنون لتاطير التلميذ ومساعدته على النجاح.
اختتمت فعاليات مشروع اطفال مبدعون الذي نتج عنه تاسيس سبعة نوادي سينما في مؤسسات الطفولة الموجودة بولاية تطاوين، هي لبنة ثقافية اخرى تضاف للجهة ومطية جديدة ليمارس ابناء الدواخل حقهم في الفن والسينما.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115