الكاتبة بلقيس خليفة لـ«المغرب»: الأصوات الإبداعية الجيدة يغمرها التجاهل والنسيان

تعتبر الكاتبة بلقيس خليفة صوتا أدبيا متميزا وتستحق تجربتها الإبداعية الاهتمام بحكم التفرد والتنوع ذلك

أنها تكتب القصة القصيرة وسيناريو الأشرطة السينمائية «المغرب» التقت هذه الكاتبة فكان الحوار التالي:
• ما الذي يمكن أن نعرفه عن إصداراتك؟
صدرت لي ثلاث مجموعات قصصية هي «ملاحظات عابرة» (2015 / دار زينب) –« أبستم إنها تمطر» (2017 / دار المنتدى) «ميتة مبتكرة» (2021 / دار ميارة)
كما كتبت سيناريو شريط سينمائي بعنوان (الانتريت) وقام بإخراجه سمري الحرباوي ومؤخرا أنهيت كتابة سيناريو شريط سينمائي اخر بعنوان (عل فجاري) وذلك مع نفس المخرج ويتعلق الأول بمتاعب المتقاعدين فيما اهتممت في الثاني بمتاعب العاملات الفلاحيات
• كيف جئت إلى عالم القصة والسينما؟
في ما يتعلق بعالم الكتاب كان والدي معلمي الأول وهو من شجعني على الاشتراك في المكتبة المتجولة منذ طفولتي وكان يطلب مني أن اقرأ له ما أستعير من القصص باعتباره كفيف البصر، إقبالي المبكر على المطالعة خلق لديّ الرغبة في نسج عوالمي الخاصة وتخيل حكايات تشبهني فبدأت رحلة الكتابة …
أما بالنسبةللسينما فقد كنت أحب مشاهدة الأفلام العربية والأجنبية منذ الصغر وأهتم بتفاصيلها وخاصة الحبكة والسيناريو، ولا أخفيك أني كنت أحب التمثيل وكثيرا ما أعدت مشاهد تمثيلية لنفسي في المرآة... وكان حلما من أحلامي الصغيرة أن أصبح ممثلة.
وفي زمن انتشار السي دي كنت ألاحق أشهر ما أنتجته السينما الأمريكية لأقتنيه (تراجع هذا الاقبال تدريجيا في السنوات الأخيرة بسبب المشاغل العائلية).
وعموما أعتبر الأفلام جزءا أصيلا من تكويني المعرفيلايقل في ذلك أهمية عن الكتاب، وهو ما يفسر نزوع نصوصي إلى تقصي التفاصيل في ما هو يومي وعادي واقتناص اللحظات التي قد لا تلفت انتباه أحد والاهتمام بكل ما يصدر عن الشخوص كما لو أني ألاحقها بعين كاميرا، وعليه أعتقد أن السينما هي التي جاءت إلي أولا قبل أن أذهب إليها... لهذا عندما اقترح على الصديق المخرج سمير الحرباوي أن أقدم له نصا قصصيا يصلح لأن يتحول سيناريو لفيلم لم أتردد كثيرا فكان «لتنريت» وكان النجاح الجماهيري الذي رأيت…
• ماهي أبرز القضايا التي تناولتها في نصك القصصي عامة؟
إن المتابع لمسيرتي في الكتابة يلاحظ أنني لم أقتصر على قضايا بعينها فقد شغلتني قضايا الإنسان أينما كان وفي مختلف حالاته سلما أو حربا واهتممت بكل ما يطرأ على حياته من أحداث ومشاغل سياسية كانت أو اجتماعية أو عاطفية أو نفسية أو وجودية، ففي المجموعة الأولى «ملاحظات عابرة» كانت لدي نزعة قومية في أغلب نصوصها نظرا لأن أغلبها كتبت في زمن الأحداث الكبرى التي هزت المنطقة العربية في أواخر القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين، وفي المجموعة الثانية انكببت على مشاغل محلية تهم الشأن التونسي إبان الثورة، أما مجموعتي الأخيرة فهي ترجمة نفسية ووجودية لما عشناه خلال العشرية الأخيرة من انتكاسات وخيبات وخذلان.
• غالبا ما يندفع كتاب القصة نحو الرواية فهل جربت بلقيس خليفة هذا الجنس أو اللون الأدبي؟
القصة القصيرة في تقديري ليست جنسا أدبيا بقدر ماهي حالة نفسية وإبداعية مشحونة ومكثفة تخرج دفعة واحدة ، تحتاج إلى إحساس مرهف قوي إلى جانب الصنعة، لهذا يتجرأ عليها كثيرون ولا يجيدها إلا قلة، أما الرواية فهي نص إبداعي يتخفف من الاندفاع الوجداني والعاطفة لينبني بأكثر عقلانية وهدوء في مجال زمني ونفسي أطول، ولأني كائن انفعالي جدا تكثر قصصي وتقل رواياتي رغم أن لدي رواية أتردد في نشرها منذ سنتين لأنها لم تنل رضاي بعد.
• السينما فن لا شك في ذلك وهناك من كتاب القصة من انعطف نحو الفن التشكيلي لكنك خضت مجال السينما فما الدافع لذلك وكيف تقيمين هذه التجربة ؟
أحب الفن التشكيلي ولولا ضيق الحال في زمن ما لتوجهت إلى معهد الفنون الجميلة لدراسة الفن التشكيلي، ولكني ميالة كما أسلفت الذكر إلى السينما منذ الصغر ولم يكن يحتاج مني إلا لدخول غمارها سوى ورقة وقلما وتشجيعا من أحد المخرجين وهو ما وجدته مع الصديق العزيز سمير الحرباوي الذي آمن بقلمي ولم يتردد لحظة في قبول النص الذي اقترحته عليه وقد كانت التجربة معه ممتعة حقا أضافت إلى تكويني الكثير خاصة عند حضور أجواء التصوير، كما أن الفرصة أتحت لي ولأول مرة رؤية شخوصي التي أقدها من حبر وورق شخصيات حقيقة من لحم ودم، هي متعة شبيهة بمتعة بعث الحياة في دمى خشبية أو دمى قدت من صلصال.
• ما الذي يمكن أن نعرفه عن مشاريعك القادمة؟
لدي رواية أرجو أن تنشر خلال هذا الموسم الثقافي وسيناريوهات جديدة تطبخ على مهل وقصص تطل من كل الزوايا حيثما نظرت….
• كيف يبدو لك المشهد الأدبي والثقافي عموما في بلادنا بعد 2011؟
مشهد مختلط مرتبك تعمه الفوضى والاستسهال والإسهال، كبحر مر به إعصار، يحتاج وقتا ليهدأ فيرسب فيه ما يترسب ويلفظ ما زاد عن حاجته ثم يصفو…
وخلال كل هذا تضيع أصوات إبداعية جيدة كثيرة للأسف ويغمرها التجاهل والنسيان وتطفو أصوات فارغة، تدفعها ماكينات ثقافية جديدة تعمل بمنطق ادعوني أدعوك، (مسّني نمسّك) وأنت صديقي إذن أنت كانت كاتب جيد، فضلا عن منطق الشلليّة الذي يحكم أغلب التظاهرات الثقافية للأسف.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115