حين تجتمع الفكرة مع النوتة الاوبرالية مع الكلمة التي تخترق الروح تولد شهرزاد وفي اجتماع جاهدة وهبة وامنة الرميلي بعث للحياة في ارواح نساء صنعن التاريخ واثرن فيه، نساء سينصت الجمهور اليهنّ بصوت جاهدة وهبة في عرض «اوبرا شهرزاد» التي كتبها موسيقيا المايسترو سمير الفرجاني.
«اوبرا شهرزاد» عمل موسيقي اوبرالي يلتزم بمواصفات وتقنيات الاوبرا الاساسية، من اخراج بسام حمامة وتوزيع موسيقي ايمن عزيز وانجاز الموسيقى للمايسترو سمير الفرجاني، العرض من تنفيذ الأركستر السمفوني التونسي بمشاركة كورال الجم الذي ولد مع هذا المشروع ليكون أول ظهور له في عرض شهرزاد، العمل من انتاج مهرجان الجم «الاوبرا جزء من مشروع ضخم» وجاهدة وهبة، شهرزاد هي صوت النساء والحب والحياة فهبّوا لتسمعوا اصواتهنّ مساء غد الاربعاء 29ديسمبر بقاعة الاوبرا بمدينة الثقافة.
جاهدة وهبة صوت شهرزاد ونساء عظيمات من التاريخ
صوتها يلامس السماء في امتدادها، صوت شعري وشاعري، لها قدرة على تطويع صوتها للغناء الاوبرالي والمشرقي، فنانة مميزة، لها حضورها المبهر على الركح، في كل عروضها تبدو كمكلة تتربع عرشها، لصوتها طاقة جذب غريبة، الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة ستكون صوت شهرزاد وروحها، ستغني وترحل بصوتها الى بقية النساء في عرض اوبرالي شرقي يغري بالفرجة.
وفي الندوة الصحفية التي اقيمت لتقديم «اوبرا شهرزاد» تحدثت الفنانة فقالت: «ان العرض قراءة معاصرة «لألف ليلة وليلة»، لن تكون شهرزاد بصبغتها التي يعرفها قارئ تلك الحكاية لانها ستكون متلونة متغيرة في صوتها وحكاياتها واكسسواراتها، العمل حلم جميل «منذ زمن كنت احلم بتقديم عمل نعرّف فيه بالشخصيات النسائية العظيمة وفي لقاء مع المايسترو سمير الفرجاني على هامش مهرجان عليسة تحدثنا عن الفكرة ومنها كيفية انجاز اوبرا شرق عربية والمايسترو هو من اقترح الدكتورة امنة الرميلي لكتابة الاوبرا، وحين قرأت كتاباتها اعجبت بها جدا وبدأ التواصل لننجز حلمتنا».
«اوبرا شهرزاد» مزيج بين الشرقي والاوبرالي وهناك مساحات للارتجال، ساعة لنص من المتعة والجمال سيستمتع بها الجمهور اذ يشارك على الركح اكثر من 100عنصر وكورال في العادة من الصعب على صوت شرقي اداء المقاطع الاوبرالية لكن الله حباني بصوت قادر على التلون وغناء الشرقي والاوبرالي في الوقت ذاته، وعملنا على الاوبرا وستكون مبهرة حقا كما تقول صاحبة الصوت الحالم والجميل جاهدة وهبة.
تنطلق الاوبرا ببحث شهريار عن شهرزاد وسؤاله «لم غيرته شهرزاد» فتخبره انّ الكلمات وسحرها هي التي غيرته، وتزيد ليلة حكايات اخرى وتحكي له بالغناء أصوات النساء اللّواتي غيّرن وجه التاريخ الإنساني في السياسة والحب والشعر مثل: عليسة، كليوباترا، رابعة العدوية، ولاّدة بنت المستكفي، زنوبيا والخنساء. وعنهنّ قالت وهبة «هنّ شخصيات عابرة للمكان والزمان تقدّمهن شهرزاد، التي هي أنا في العرض، غناء، حيث تتلبّس أحيانا هذه الشخصيات وأحيانا أخرى تتكلّم عنهنّ أو تغني بعضا من أشعارهنّ كحال رابعة العدوية حين تناجي حبيبها الخالق أو الخنساء وهي ترثي أخاها صخرا، او الولادة التي كرست حياتها للشعر والحب، وكليوباترا الملكة الضعيفة-القوية، ذات المجد السياسي الهائل والقلب العاشق» جميعهنّ سيكن على الركح، جميعن تستحضرهنّ امنة الرميلي بقلمها وتبعث فيهنّ جاهدة وهبة الحياة بصوتها اللامحدود الذي يعانق السماء، جميعهنّ نساء صنعن التاريخ سيكنّ في شخص وصوت جاهدة وهبة على ركح مسرح الاوبرا بمدينة الثقافة.
كتابة مبهرة من امراة عاشقة للاختلاف والتونع
«شهرزاد ليست فقط القصة، شهرزاد الرمز، شهرزاد الانثى التي استطاعت منع موتها لالف ليلة وليلة، ماذا لو نظرنا الى العالم من نظرة نسائية، ماذا لو بعثت شهرزاد وسافرت عبر الازمان واخذت ملامح شخصيات نسائية اخرى تحكي للحاضر همومه ومشاكله من خلال التاريخ هكذا ولدت شهزاد، بهذه الجمل تختصر الدكتورة الباحثة والحالمة امنة الرميلي اوبرا شهرزاد.
«أوبرا شهرزاد» عمل اوبرالي موسيقي هو رحلة مع نساء صنعن التاريخ واثّرن فيه، تسافر فيه شهرزاد في مناخات تاريخية مختلفة، في سبعة مشاهد نرى شهرزاد تتحوّل من قصة الى اخرى، شهرزاد ستكون صوت اليوم ومشاكل الان، هي والنساء الاخريات فقط الرمز فالعمل ليس استحضار للتاريخ او حديث عنه بل هو نقد للراهن بعيون نسائية.
هي ليلة اخرى ستزيدها شهرزاد في الحكي، فالمشهد الاول ينطلق ببحث شهريار عن شهرزاد التي تخبره بأن الكلمات انقذت روحه من الموت،ثم تقرر ان تحكي له مرة اخرى هذه المرة تستحضر نساء اخريات بداية من «اليسار» الملكة المغامرة التي عرفت ان للاحلام الكبرى اثمانها الباهضة، الى «رابعة العدوية» المؤمنة بالحب المطلق، فولادة التي اختارن ان تطلّ على الكون من شرفة الحبّ، ثم عودة الى الوجع ورائحة الموت حين يمسك السياف سيفه تدعو الخنساء في بكائها اخيها صخر ليعرف شهرزاد ان الحزن كما الحبّ يرمم الروح، ثم ترحل الى «كليوباترا» الملكة العاشقة، واخر الشخصيات هي «زنوبيا» المرأة التي سطّرت على رمال تدمر قصّة مجدها، تحكي شهرزاد على لسانها طرائق «زنوبيا» في بناء مدينتها ومواجهة أعدائها لتحقيق الخلود في ذاكرة التاريخ.. يتعلّم شهريار أنّ المجد يبنى بالإصرار والتحدّي لا بالسيف والعنف، ثم تصمت الكلمات وتترك المجال للموسيقى وكانها اعلان عن ولادة متجددة للامل»، جميعن نساء شامخات كنّ ولازن من رموز التاريخ، بأصواتهنّ تستفيض شهرزاد في الحكي.
«اوبرا شهرزاد» ابورا كتبت باللغة العربية الفصحي وهي تجربة اخرى تضاف للتجارب الابداعية التي شكلتها امنة الرميلي، تلك الحالمة الازلية ترى ان العمل هو «حلمة كبيرة ومزيانة، فالاوبرا حلم جميل وموسيقى ساحرة وفي تونس تتوفر كل الطاقات الغنائية والموسيقية والفنية لانجازها فقط يجب ان يلتفت رأس المال الوطني لهذا الفن الجميل» حسب تعبيرها، و»شهرزاد» ليست تجربتها الاولى في الكتابة للاوبرا اذ سبق وان كتبت اوبرا «يا خيل سالم» (عمل ممتع جدا لكنه لم يجد حظه في المشهد الثقافي التونسي، وعلى وزارة الثقافة التدخل ليتجول العرض في ربوع تونس لانه عنوان للوطن يجسدها بطريقة اوبرالية مميزة) واوبرا «فرحات حشاد» والرميلي كاتبة لها طريقتها المختلفة في ملامسة الجراح المخفية، ولقلمها القدرة على بعث الحياة في الشخصيات الميتة فتزرع فيها من روحها وتلبسها القليل من حبها للوطن لتكون شخصياتها كما نبراس الامل كلما نطقت تحدثت وقالت هنا تونس الصغيرة مولد ازلي للحياة والفن والحبّ.
قبل العرض: «اوبرا شهرزاد» لجاهدة وهبة وسمير الفرجاني وآمنة الرميلي: حين تقرر النسوة الانبعاث من الرماد والغناء للحب
- بقلم مفيدة خليل
- 11:15 28/12/2021
- 888 عدد المشاهدات
حين تجتمع النساء تولد افكار عن الحب والجمال، حين ننظر الى العالم بعيون النساء يوشى بمجوهرات الجمال وحليّ الابداع وبريق الموسيقى،