العرض الأول لفيلم «طبرقيني» للحبيب المستيري: رحلة البحر والصيد والحضارة

قدم التونسي حبيب المستيري فيلمه الوثائقي بعنوان «طبرقيني: البحر الذي يجمعنا» في عرضه الاول يوم امس بقاعة عمر الخليفي،

وهو فيلم مدّته 70 دقيقة وتمّ تصويره في إيطاليا وإسبانيا وتونس، بدعم من صندوق تشجيع الإبداع الأدبي والفني التابع لوزارة الشؤون الثقافية التونسية والديوان الوطني التونسي للسياحة والمعهد الثقافي الإيطالي بتونس. وضمّنه شهادات لباحثين من تونس وإيطاليا واسبانيا عن سكان «طبرقيني».
يؤكد الباحثون في الفيلم على أن «طبرقيني» هم سكان «سان بيترو» و«سانت أنتيوكو» وهما جزيرتان من أرخبيل «سولسيس» في جنوب سردينيا الإيطالية، وهم أحفاد سكان جنوة الإيطالية، وهاجروا حوالي سنة 1540 إلى مدينة طبرقة التونسية لصيد المرجان. وهناك أسسوا مجتمعًا استمر حتى أوائل القرن الثامن عشر ميلادي ثمّ غادروا المدينة فرارا من سلطة الباي..
يروي الفيلم عن سكان «طبرقيني» أنهم جاؤوا إلي طبرقة لصيد المرجان والتجارة ولم يأتوا محتليّن. ويتحدّث الباحثون عنهم بالقول إنهم استطاعوا التأقلم مع طبيعة الحياة في طبرقة التي أصبحت مركزًا تجاريًا مزدهرًا ، تحت قيادة عائلة «لوميليني» ووصل عددهم إلى حوالي 1800 شخص، وقد شاركوا في صيد المرجان والتجارة في المنتجات الإقليمية، بما في ذلك القمح الذي يتم تصديره إلى مدينة جنوة الإيطالية.
وقد خلق الطبرقيني مجتمعًا أصليًا استعار من البيئة المحلية بعضًا من أساليب حياتها عناصر ثقافتها. وأصبحت لغتهم الأصلية غنية بالكلمات والمفاهيم المستعارة من اللغة العربية ومن السكان الأصليين.
يقول عنهم الباحث الإيطالي «فيورنزو توسو»، وهو مختصّ في الألسنية، إن «الطبرقيني» هي لهجة يجب الحفاظ عليها وهي لغة سافرت عبر البحر في تونس. يضيف أن الطبرقيني لطالما تحدّثوا لهجة جنوة، ثم استوعبوا الثقافة المحلية في تونس وصاغوا لغة جديدة لم تتوقف أبدًا عن التطور.
ولم تَبرز ثقافة الطبرقيني في اللغة وحدها، بل إن ثقافتهم تجسّدت أيضا من خلال المطبخ الطبرقيني، وهي أطباق مختلفة تجمع بين الأصول التونسية والإيطالية والاسبانية، وقد أنتجت طعاما تتشابه فيه عديد الأطباق أهمها طبق « كاسكا » أي الكسكسي بالإضافة إلى طبق المحمصة بغلال البحر وعديد الأطباق النباتية الأخرى التي تطبخ مع الأسماك منها بالخصوص سمة «التن»
لقد استطاع المخرج حبيب المستيري التوثيق صوتا وصورة لإحدى أبرز الثقافات المتوسطية وهي « طبرقيني »، مبرزا الثقافات المتنوعة والمشتركة التي تتميّز بها شعوب المتوسط، فبالرغم من الحروب والصراعات التي عرفها البحر المتوسط، تؤكد هذه الثقافات المشتركة والمتنوعة لشعوب المتوسط على السلام والعيش المشترك بينها.
وتجدر الإشارة إلى أن تونس كانت قدّمت سنة 2018، ملفا لمنظمة اليونسكو، من أجل تصنيف «الطبرقيني» على لائحة التراث العالمي غير المادي. ويحظى هذا الملف بدعم من دولتيْ إيطاليا واسبانيا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115