قبيل افتتاح أيام قرطاج المسرحية: بين هواجس الشارع والإبداعات داخل القاعات تكون البداية

ساعات قليلة تفصل جمهور الخشبة عن موعده المنتظر مع المتعة والحياة، سويعات تفصل عشاق المسرح عن لقاء وقع انتظاره

لعامين ليستمتعوا بالفرجة في اعمال تسكن الوجدان بالحب وتسكن العقل بالسؤال.
سويعات وبعدها تنطلق الدورة الثانية والعشرون لأيام قرطاج المسرحية، دورة تنفتح على كل الفنون، تعطي لمسرح الشارع الاهمية وتقدم نظرة على ابداعات المودعين، فرصة للتشبع بالفرجة المسرحية والانتباه لكل التلوينات الفنية.
عروض الشارع: من المواطن تولد الاسئلة واليه تعود
«من الشارع ننطلق واليه نعود» هو شعار اغلب المجموعات المسرحية المدافعة عن مسرح الشارع، هذا الفن الذي يجعل المواطن ممثلا ويدفعه ليكون شريكا في الفكرة وطرح السؤال، ينصتون لنبض الشارع ويحولونه الى اسئلة يصنعون منها اعمالهم المسرحية النابضة بالصدق والحقيقة، مسرح الشارع هو وجه المواطن وحقيقة المجتمع وقبح المسؤولين يقدمها ممثلون لا يهابون المتفرج، يتسلحون بالجرأة لينقدوا ويقدموا اعمالا مسكونة دائما بالوجع ويصدحون بحقائق يريد الانسان كثيرا اخفائها او تجاهلها.
في اليوم الافتتاحي لأيام قرطاج المسرحية سيحتضن شارع الحبيب بورقيبة عرضين لمسرح الشارع، لكل منهما موضوعه المختلف ومادته المسرحية النقدية.
ينطلق العرض الاول يوم السبت 4 ديسمبر في الثالثة والنصف ظهرا هو «الداموس» لجمعية القطار لمسرح الشارع، «الداموس» قصص الكادحين، هو صوت انين من سرقت احلامهم وأجسادهم في ظلام الدواميس، هو صوت قصص المنسيين والمهمشين الذين اكلت «المينة» اعمارهم وشبابهم قبالة الكثير من المرض والوهن وحقوق مسلوبة وكرامة منسوفة، الداموس عرض تجاوز عمره الاربعة اعوام ولازال يعبر عن وجع عمال الداموس ومعاناتهم، الداموس صرخة انتصار للإنسان، هي نداء ملح للحقوق المادية والدفاع عن الحقوق الاقتصادية للعمال وهي احدى وظائف مسرح الشارع.
من قفصة الى جارتها القصرين العرض «مريض» اخراج وليد الخضراوي، عرض سبق وان قدم في كردستان العراق والمغرب ونال استحسان الجمهور لأنه يلامس انسانية الانسان، عرض صامت فقط يكون فيه جسد الممثل وعاء للنقد ومطية للتعبير في تماه مع الموسيقى التي تكون رافدا للعملية المسرحية، «مريض» صوت الانسان المكتوم، صرخة للحياة و رغبة في انبثاق الانسانية المسروقة كما طائر الفينيق، «مريض» غيب الكلمات، وحده الجسد يتحمل مسؤولية نقل الحكاية الى الجمهور، الجسد صحبة الماريونات يشكلان إلياذة فنية مبهرة، دون كلمات يتحرك الجسد، يرقص ويصرخ، يعبر عن الخوف والفرح، يكتب تفاصيل الجمال ويشاكس المتفرج ويشاكس الواقع بالرقص فلغة الجسد لغة صادقة قادرة على اختراق قلب المتفرج وشد انتباهه ودفعه للسؤال والحيرة.
في «مريض» صراع بين الحياة والموت، صراع بين الموجود والمنشود، إذ يلقى برجل إلى وسط الرّكح متكورا ينفض الغبار عن نفسه و يبحث عن جرة الماء ليشرب منها،وبعد محاولات عديدة باستعمال عدة أغراض (صندوق كبير ،متوسط،صغير،طاولة،) لا فائدة من المحاولات» هنا تحضر فكرة عبثية الحياة التي تجعل من الرجل ضحية للقدر، ليستسلم في النهاية قبل أن تنزل إليه جرة وينسكب منها الماء.
«مارتير» و«18اكتوبر» في القاعات
تتواصل فعاليات العرس الافتتاحي وتتوزع على اكثر من فضاء، من الشارع تكون وجهة الجمهور وضيوف المهرجان الى القاعات، في اليوم الافتتاحي يستمتع محبو الفن الرابع بعرضين مسرحيين يغريان بالفرجة، الاول عرض متكامل ومتميز، عرض مسرحي يستحق الفرجة وإعادتها هو «مارتير» اخراج الفاضل الجعايبي وانتاج المسرح الوطني للعام 2021، «مارتير» يقدمه تلاميذ مدرسة الممثل بالمسرح الوطني في قاعة الفن الرابع بداية من الثامنة والنصف ليلا، «مارتير» المسرحية التي تكسر كل الحواجز وتتجاوز فنيا «المسموح»، عمل مسرحي يفكك العلاقات المجتمعية ويضعها في خانة الدراسة النفسية، مسرحية تقوّض السائد وتزرع السؤال من خلال النص والحركة والضوء.
«مارتير» مسرحية متكاملة هي فعل ولادة وخلق للأسئلة التي لا اجابات لها، بحث فلسفي في المنشود وطرح لبدائل انسانية من خلال فنّ نبيل هو المسرح.
تختلف قاعة العرض ومعها المادة المسرحية المقدّمة، من الفن الرابع الى قاعة «المونديال» وعرض «18اكتوبر» اخراج عبد الواحد مبروك وانتاج مركز الفنون الركحية والدرامية بتوزر، «18اكتوبر» باكورة انتاج المركز عمل يطرح بسخرية الواقع السياسي بعيد الثورة وبعدها، مسرحية مسكونة بالنقد والضحك في الوقت ذاته تكشف قبح العلاقات السياسية بين اليمين واليسار والاختلاف المتواصل وما يشوب هذا الاختلاف من تشويه طرف لاخر، مسرحية تدعو الى الوحدة لانقاذ الوطن بدل الفرقة والسقوط في هوة التطرف والجوع والتقتيل، «18اكتوبر» عمل يقدم في اليوم الافتتاحي لايام قرطاج المسرحية، دعوة للفرجة والضحك والنقد يقدمها ابناء مركز الفنون الركحية والدرامية توزر.
مسرح الحرية: إنتاج 14عرضا في السجون
لا حدود للإبداع في هذا الوطن الصغير، لا حدود للحلم والمسرح، للعام الثاني تتواصل فعاليات «مسرح السجون» ضمن مهرجان ايام قرطاج المسرحية، «مسرح السجون» تظاهرة تقدم اعمال المودعين في الوحدات السجنية ومؤسسات الاصلاح، هي فرصة ليشاهد جمهور المسرح ما ينتجه النزلاء داخل الفضاءات المغلقة، فرصة لاكتشاف مواهب المودعين بعيدا عن الاحكام السالبة للعقوبات وتشارك الهيئة العام للسجون في هذه الدورة بـ14 عمل وسيكون برنامج العروض التي ستقدم بداية من الاحد 5ديسمبر الى السبت 11ديسمبر بمعدل عرضين يوميا الاول في العاشرة صباحا والثاني في الثانية عشرة ظهرا، كالتالي:
اول العروض الاحد 5ديسمبر مع مسرحية «ثقافوت» انتاج السجن المدني بالمرناقية، ثم عرض «ضياع» انتاج السجن المدني بقفصة تاطير الاستاذ لسعد حمدة، ونادي المسرح بسجن قفصة سبق وان فاز بجائزة افضل عمل متكامل «الرجة» دورة 2019.
الاثنين 6ديسمبر عرض «الطيبون المتوحشون» انتاج السجن المدني بسليانة تاطير محمد سليمة وهي اول تجربة للمؤطر في السجون بعد نجاح تجاربه في مسرح الطفل والكهول، العرض الثاني «تقرجيعة» انتاج السجن المدني بالسرس.
الثلاثاء 7 ديسمبر يكون الموعد الاول مع عرض للسجن المدني بقبلي بعنوان «مرايا» والعرض الثاني «غربة» لسجن المسعدين جناح النسوة.
تتواصل فعاليات المهرجان الاربعاء 8 ديسمبر مع عرض «هستيريا سنوت» للسجن المدني بالهوارب (اول السجون التي قدمت عروض ضمن ايام قرطاج المسرحية دورة 2018) ثم العرض الثاني سيكون في الحادية عشرة صباحا لمركز الاطفال الجانحين بسيدي الهاني وعنوانه «ثلاث حبات»
الخميس 9ديسمبر يلتقي جمهور مسرح الحرية مع عرض اول «خرّف» السجن المدني برج العامري، تاطير هدى اللموشي التي قدمت تجربة جد مختلفة مع المودعين «خرف» عمل ساخر يجمع النقد والسخرية وسبق وان تحصل على جائزة العمل المتكامل ضمن عروض مهرجان مسرح الامل مارس 2021، والعرض الثاني سيكون «زنزانة» انتاج السجن المدني برج الرومي (اول السجون التي قدمت عروضها امام الجمهور في 2017 تحديدا عرض جوجمة حس في قاعة التياترو).
لازال للجمهور نصيب من الفرجة ويكون اللقاء الجمعة 10ديسمبر مع «اولاد الهامش» اخراج عفاف الانداري انتاج السجن المدني بمرناق عمل يجمع المسرح والموسيقى والرقص، ثم «مرا ونص» اخراج علي بوكادي انتاج السجن المدني بصفاقس جناح النسوة، المسرحية تنتصر للمرأة كيانا وفكرة.
وتختتم فعاليات مسرح الحرية السبت 11 ديسمبر، بعرضين الاول «على ظهر المالح» انتاج السجن المدني بالمهدية، والثاني عرض «المانعة» اخراج امل البجاوي انتاج سجن النساء منوبة ، عرض فرجوي مسرحي يجمع الموسيقى والرقص والعديد من المشاهد المميزة التي ابدع في تقديمها المودعات، عرض متكامل يستحق الفرجة (المانعة قدم ضمن فعاليات مهرجان مسرح الامل).

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115