نحتاج الأمل لنبدع ونحلم ونقول ها أننا انسان نتنفس حرية وحياة وللإنسان تنتصر كاميرا محمد العبودي في فيلمه الوثائقي «مدرسة الامل».
«مدرسة الأمل» فيلم يتتبع خطى معلم يرحل الى قبيلة بني قيس وهي من القبائل الرحل ويقنعها بتعليم ابنائهم وتسجيلهم في مدرسة سماها الامل وينقل ايضا الجفاف الذي عانت منه المغرب وتاثيره على القبائل وحياة الريف، وثائقي يجمع بين براءة الطفولة واحلام الكبار تنقلها كاميرا مخرج تشبع بثقافة الدفاع عن حق الانسان في حياة افضل.
المعلم رسول للامل
كاد المعلم ان يكون رسولا، بل هو رسول للامل للحلم، رسول للجمال وللثقة بالذات وللدفاع عن حق الطفل في الحياة وصناعة مستقبل من خلال العلم، كاد المعلم ان يكون رسولا في منطقة صحرواية شبه مهجورة يمتهن سكانها الرحل مهنة الرعي اين تدور أحداث فيلم «مدرسة الامل» فيلم يسلط الضوء على قدرة المعلم على بعث الامل من رماد الجهل والفقر.
في الفيلم يتجول المعلم بين الخيام المتباعدة ليقنع الاباء بارسال ابنائهم وبناتهم الى المدرسة ليتعلموا القراءة والكتابة، فالرحل يعيشون في المغرب على الرعي دون اهتمام بالدراسة او العلم، يهتمون فقط بالبحث عن الماء ،في قاعة ضيقة يجتمع الكثير من الأطفال من اعمار مختلفة، اطفال جمعهم الحلم في التعليم وصناعة مهن المستقبل بالعلم والمعرفة.
معلم برتبة باعث للحياة، يأتي الى قبيلة «بني قيس» وهي من القبائل الرحل التي اختارت سفوح الاطلس الكبير مقاما للرعي، ياتيها محملا بالاحلام والامل لاعادة الحياة الى مدرسة مهجورة، عبارة عن قاعة واحدة، يجلب معه الكثير من الاقلام و الكراسات وادوات الدرس ويقبل في الفصل كل الاطفال دون استثناء من سن السادسة الى الثالثة عشرة، يزرع فيهم حبّ العلم، يتنقل بين المنازل والخيام المترامية ليقنع الاباء بضرورة التعليم وقدرته على مساعدة الابناء ليصبحوا افضل.
تتجول الكاميرا بين جفاف الطبيعة وجفاف العقول، يجمعهما العطش الارض عطشى للماء والمطر وعقول الاطفال عطشى الى المعرفة والعلم، والرابط بينهما الجفاف وتستطيع الكاميرا نقل هذا الهاجس المشترك بكل براعة.
الجفاف الاول لا يستطيع علاجه لكنه يسعى لعلاج جفاف العقول فيمطر فيها حبا للعلم والمعرفة، يحمل الخبز والحليب ويتقاسمه مع تلاميذه، يشعل النار للتدفئة في الشتاء ويشجعهم على رسم احلامهم الصغرى والتمسك بها ليخرجوا من ذاك الواقع البائس، الكاميرا تنقل للمشاهد المساحات الجافة الممتدة، اللون الاصفر والغبار الكثير والحجارة المترامية هي ما يميز اغلب المشاهد تقريبا، انسجام واضح بين الوجوه الكالحة والارض العطشى، تماهى شبه كلي بين الطبيعة وسكانها، من المدرسة القوقعة الصغيرة للامل تتفرع الكثير من الحكايات فالكاميرا تتبع الأطفال اثناء العودة لتنقل للمشاهد ما يعيشه الطفل من فقر و اهتمام العائلة بمهنة الرعي اكثر من العلم وحفرة الماء التي تشرب منها كامل القبيلة كلها معيقات تشجع المعلم اكثر على تسليح الاطفال بالعلم لينجحوا، تدعوه ليدافع عن حق البنات في العلم ايضا وصفوف الدراسة عوض البقاء في البيت بين حضن الجهل والخوف، في الفيلم يرسم المعلم ملامح المستقبل للاطفال المتعلمين، يزرع فيهم بذرة الحياة علها تزهر.
الوثائقي سينما الصدق
تنقل الكاميرا الاحلام المؤجلة والامال المجهضة عبر «الزوم» فالتجاعيد المرسومة على وجوه الرجال تكتب عذابات الاعوام، اما أعين الاطفال فمحاطة بهالة من الخوف والسؤال، خوف من الموجود، وسؤال عما يخفيه الغد وهل سيوافق الاباء على استكمالهم لتعليمهم وهل سيتحملون مشقة الطريق الطويلة.
السينما هي صوت الصادقين، السينما الوجه البشع للحقيقة، الكاميرا سلاح المدافعين عن حق الانسان في التعليم وفي «مدرسة الامل» يدافع المخرج محمد العبودي عن حق ابناء القرى والمترامية داخل الصحراء في التعليم، ينتصر لهم، يقترب من قصصهم وحكاياتهم وينصت لها لينقلها الى الجمهور في فيلم مشحون بالحب والوجع والامل.
في الفيلم تكون موسيقى الطبيعة هي الطاغية على الفيلم، تكتب الرياح اهازيج الخوف وتتراقص حبات الرمل والغبار لتخبر الجمهور ان في مكان صحراوي هناك اطفال لم يعرفوا المدرسة بعد، هناك احلام يسرقها رعي الاغنام والفقر والبعد عن المدن فتضيع الآمال وعوض النجاح في الدراسة مثل مصير محمد (اقتنى له والده دراجة اولا للذهاب لمدرسة الامل البعيدة 2كلم عن خيمتهم، ثم قرر ارساله الى المدينة ليواصل التعلم) يكون المآل حضائر البناء للعمل كما حدث لميلود الطفل الحالم بالمدرسة لكن يرفض الوالد لفقرهم اولا ولضرورة الرعي ثانيا وحين تجف المياه يضطر للنزول الى المدينة والعمل في الحضائر وترصد الكاميرا نظرة الانكسار التي تسكن الطفل طيلة احداث الفيلم.
«مدرسة الامل» فيلم وثائقي مشحون بالوجع والسؤال، فيلم ينقل قبح الواقع وبشاعة الظروف التي يعيشها السكان الرحل الباحثين عن الماء للاستقرار، ويقرب اهمية المعرفة والعلم لصناعة مستقبل افضل، فيلم يطرح ضرورة التدريس وظروفه بالنسبة للرحل اذ تشير الاحصائيات ان نسب تمدرس ابناء الرحل اقلّ بكثير من النسبة العامة فهي لم تتجاوز 32 ٪ مقارنة بالمعدل الوطني في المغرب الذي يتجاوز الـ94 ٪.