والاستثمار الخاص قانون مصادق عليه منذ عام مع ضمان امتيازات لمن يستثمر في الثقافة ولكن رغم ذلك تبقى مساهمة الثقافة في الناتج الداخلي الخام ضعيفة 0.5بالمائة في حين تساهم السياحة ب 4 بالمائة فما هي الاسباب وهل هناك حلول، هكذا تساءل المتدخلون وهم يقدمون وجهات نظرهم في موضوع الاستثمار الثقافي.
القانون موجود، اين التطبيق؟
كيف السبيل لتطوير الاستثمار الخاص في الثقافة؟ وما هي الآليات التي يمكن اتباعها للاستثمار في المجال الثقافي.؟ وأي ثقافة يمكن الاستثمار فيها؟ و هل يمكن الحديث عن سياسة ثقافية دون الوعي بأهمية الثقافة ودورها في المجتمعات؟ و اين تتموقع الدولة ووزارة الثقافة في مجال الاستثمار والتشجيع عليه؟ مجموعة من الاسئلة طرحت في اليوم الدراسي بخصوص الاستثمار الخاص والرعاية الثقافية.
الاستثمار في القطاع الثقافي قالت وزيرة الثقافة سنية مبارك انه من اولوياتها اذ تعتبر ان المراهنة على الثقافة ضرورة للخروج من العديد من الازمات لان الثقافة تعتمد على مضامين ابداعية متجددة لتوفير القيمة المضافة العالية و تساعد على تطور تنافسية الاقتصاد الوطني.
وفي مداخلتها اكدت سنية مبارك انه لا بد من ترسيخ «عقلية جديدة» في الية الشراكة بين القطاع العام والخاص حتى لا تحتكر الدولة الاستثمار في المجال الثقافي .
وللإشارة فان قانون الرعاية الثقافية الذي وقع إقراره في إطار قانون المالية التكميلي لسنة 2014 يهدف إلى تمكين الفاعلين في القطاع، من مؤسسات عمومية و خاصة و جمعيات و مبدعين مستقلين و منظمي التظاهرات و المهرجانات، تمكينهم من موارد مادية إضافية من المؤمل أن تساهم في وقع أكبر للفعل الثقافي عموما، سواء تعلق الأمر بطبيعة الحدث الثقافي أو بإطاره أو بحجمه أو بديمومته” وسبق للوزير الثقافي الاسبق مراد الصكلي تقديم القانون صحبة عبد الحكيم حمودة وزير المالية والتوصل لعقد لقاء بين ممولي مشاريع وأصحاب مشاريع ثقافية في جانفي 2015، بعدها تغير الوزير نسي القانون، واكدت سنية مبارك في لقاء يوم امس ان “القانون موجود ولكن لم يكن له الوقع المنتظر خاصة على مستوى الاستثمارات في الثقافة” وربما العقلية السائدة بسيطرة القطاع العمومي واحتكاره للمشهد الثقافي احد اسباب عدم تطبيق القانون رغم الامتيازات الجبائية التي يمكن ان يتمتع بها راعي المشروع، وللإشارة فهناك العديد من الجمعيات سبق وان حاولت الحصول على ر اعي لمشاريع ثقافية ولكنها صدمت برتابة العمل الاداري وعدم اقبال المستمر على الثقافة رغم الامتيازات الجبائية لراعي المشاريع الثقافية والمتمثل في الطرح الكامل وبدون سقف لقيمة الرعاية الممنوحة من جملة الأرباح الخاضعة للضريبة مثال “ تبلغ لأرباح الجمليّة للشركة 1000.000 د.ت و ذلك بعد طرح نفقات الاستغلال و قامت هذه الشّركة بتقديم رعاية ثقافيّة قدرها 300.000 د.ت . من خلال الامتياز الجبائي الجديد المذكور بالقانون الجديد ستتمكّن الشركة من الحصول على ربح ضريبي قدره 105 ألف دينار “ .
حوافز وامتيازات، ارقام ضخمة مامدى واقعيتها؟
امتيازات عديدة تمنح للمستثمر في القطاع الثقافي، امتيازات مالية وجبائية وضريبية جد هامة تمنح لمن يختار الثقافة مصدرا للاستثمار، هكذا تحدث السيد منذر بن ابراهيم ممثل وزارة المالية، وعلى سبيل الذكر فإن من بين الامتيازات التي نص عليها القانون، يمكن الاشارة الى الفصل 13 مكرر من مجلة الاداءات الذي يعفي مجموعة من الواردات من الضرائب ومنها الالات الموسيقية والورق المعد لطباعة المجلات، اما مجلة الاستثمار فتضم عددا من الفصول التي تمنح امتيازات جد مميزة لمن يختارون الثقافة للاستمثار، ومن بين هذه الامتيازات، اولا تشجيع الاستثمارات المساندة في الانتاج السمعي البصري و عروض الافلام ذات الصبغة الثقافية والاجتماعية و الفنون التشكيلية والموسيقى و تتمثل الامتيازات في الاعفاء من المعاليم الديوانية و العمل بالاداء على القيمة المضافة بعنوان التجهيزات الموردة، و كذلك الضريبة على الشركات بنسبة 10 بالمائة بصفة دائمة (الثقافة كما التصدير لا تخضع لضريبة ال 25بالمائة) مع طرح جبائي في حدود 50 بالمائة من الاداءات الخاضعة للضريبة بعنوان الارباح الموجهة للاستثمار.
وفي مجلة الاستثمار ايضا فصل يتعلق بتشجيع الباعثين الجدد بكامل تراب الجمهورية ويهم قطاعات المسرح و المتاحف و السينما والصورة ومن الامتيازات منحة استثمار بـ 10 ٪ من كلفة التجهيز مع سقف 100 الف دينار، ومنحة مساعدة فنية ب 70 ٪ مع منحة بعنوان ثلث كلفة الارض مع سقف 30 الف دينار.
وبخصوص تشجيع التنمية الجهوية فالفصول 22 و 23 و24 و25 من مجلة التشجيع على الاستثمار تمنح امتيازات لمن يستثمرون في المراكز الثقافية وبعث المتاحف ورقمنة التراث الثقافي وبعث مؤسسات مسرحية وتتمثل هذه الامتيازات في الضريبة على الشركات بقيمة 0 ٪ لمدة 10 سنوات وطرح 50 ٪ لمدة العشر سنوات الثانية، مع طرح جبائي بنسبة 100 ٪ بعنوان الارباح المعاد استثمارها مع منحة استثمار من 8 الى 25 ٪ من كلفة المشروع مع سقف 500 الف دينار تتكفل به الدولة.
هكذا قدم منذر بن ابراهيم ممثل وزارة المالية، الامتيازات التي تمنحها مجلة الاداءات ومجلة الاستثمار في اطار منظومة الامتيازات الجبائية و المالية في اطار مشروع المجلة الجديدة للاستثمار والتشريع الجبائي، ولكن رغم ذلك لا يعرف المبدع هذه الامتيازات لان «علاقة المبدع بالأرقام والحسابات جد معقدة كما قال ممثل بنك المؤسسات الصغرى والمتوسطة حمدي قصيعة الذي اشار الى غياب حلقة الثقافة في برنامج القروض الموجهة للمشاريع الصغرى والمتوسطة لتقصير من الوزارة والمؤسسة البنكية.
الثقافة ليست فقط مهرجانات
2 ٪ فقط من مجموع الاستثمارات موجه للثقافة، 0.6 ٪ من جملة الانفاق موجهة للثقافة وتحديدا التظاهرات الموسمية، 0.5 ٪ نسبة مساهمة الثقافة في الناتج الداخلي الخام وهي متأتية من الصناعات التقليدية والملتميديا هكذا تحدث نعمان الحمروني في قراءة لواقع الصناعات الثقافية في تونس، وفي مداخلته اشار الى عدم وجود برنامج واضح لتطوير الصناعة الثقافية، لان توجه الوزارة هو اقامة التظاهرات الموسمية وجزء من الموارد مخصص للبنية التحتية وذاك لا يمثل صناعة ثقافية يمكنها المساهمة في التنمية الاقتصادية.وفي المداخلة ذاتها تحدث نعمان الفهري عن دور الصناعات التقليدية في الصادرات وأشار إلى أنها تحقق فائضا ولكنها بدات تتراجع لسببين أولا: لارتباطها بالسوق الخارجية والسياح الاجانب وثانيا لانتشار ظاهرة التقليد، فهل سيتحرك الديوان الوطني للصناعات التقليدية ويقدم طريقة يمكن من خلالها انقاذ الصناعات التقليدية من شبح التقليد والتراجع.
انتهى اليوم الدراسي بتوصيات ستقدم الى وزيرة الثقافة يليها يوم دراسي اخر، والسؤال المطروح منذ عام عقدت ندوة للخوض في تفاصيل قانون الرعاية الثقافية وانتهت السنة دون تطبيق للقانون ولا اقبال اصحاب رؤوس الاموال على الاستثمار في الثقافة ودعمها فهل المشكل في القانون ذاته؟ ام في وزارة الثقافة لانها لم تستطع ان تكون وسيطا جيدا بين صاحب المال وصاحب المشروع الثقافي؟