هم الذين دفعوا الدماء والافكار لحرية هذا الوطن، هم الذين آمنوا ان تونس دولة ديمقراطية ويجب ان يقوم نظامها السياسي على التعددية وواجهوا النظام البورقيبي، طلبة حلموا بتونس اجمل فدفعوا السنوات الكثيرة في السجون وخلفها كتبوا وأبدعوا وظلت كتاباتهم نبراس للحرية وشراع ابدي للأمل.
هم ابناء برسبكتيف، الرعيل الاول من الطلبة الثوريين الذين رفضوا جبروت النظام البورقيبي، الشيخ الهاشمي الطرودي الذي كان طالبا زيتونيا ورفاقه نور الدين بن خضر وخميس الشماري ومحمد الشرفي ورشيد بللونة وأحمد السماوي، هؤلاء الصادقون الذين امنوا بالفكرة والحب كتبوا الكثير من داخل السجون.
الشيخ الهاشمي الطرودي كتب عن تجربته داخل السجن، حوّل الوجع والفراق الى قصائد جميلة وكتابات مذهلة، الى رفيقة الدرب ومهجة الروح حبيبته وزوجته حورية كتب الكثير من القصائد، قصائد تتغزل بالحبيبة والوطن، كل هذه القصائد تم تجميعها في كتاب عنوانه «عزيزتي حورية: رسائل من السجون» ، وحورية في الكتاب والحياة ليست مجرد امراة بل هي لبؤة وفكرة بحجم وطن، حورية الطرودي دفعت الكثير من الاحلام المؤجلة لتساند الشيخ في ثورته ضد القمع والديكتاتورية، امراة كشامة في جبين هذه البلاد تنازعها حقها في الشموخ والحياة، حورية التي كتب لها الشيخ الطرودي قصائده واحلامه كانت بمثابة دفة الامان والحلم، امراة وحبيبة وفكرة تعرف ان الوطن يحتاج إلى الكثير من التضحيات وللشيخ وقد أصدر كتابين في حياته هما «أضواء على اليسار التونسي» وهي وثيقة هامة من وحي المسيرة التي عاشها والثاني «كتاب الاحياء» عبارة مجموعة من المرثيات في رفاق الفكرة والحلم ليكون «عزيزتي حورية» ثالث حلم يطبع بعد رحيله.
وكان الكتاب مشحونا بعبارات الحب والاحلام سيتم تقديمه يوم الخميس 4نوفمبر على الساعة التاسعة صباحا بمقر الارشيف الوطني شارع 9افريل بمناسبة تسليم اسرة المناضل الهاشمي الطرودي مكتبته وارشيفه الشخصي لمؤسسة الارشيف الوطني التونسي وفي البرنامج كلمة للسيد المدير العام للارشيف الوطني وكلمة لاسرة الشيخ الهاشمي الطرودي وكلمة لجمعية افاق العامل التونسي للذاكرة والمستقبل فكلمة الناشر ثم تقديم الكتاب ويؤمنه رفيقه في النضال محمد معالي وشهادة من رفيقه في السجن العروسي العمري.
والشيخ الهاشمي الطرودي من مواليد الكوفة الصغرى نفطة، انكب على الكتابة منذ الطفولة الى اخر ايام حياته، الشيخ كتب للصحافة لاكثر من اربعين عاما، ترك مقالات بمثابة المراجع والمباحث العلمية والتاريخية وغادر الى عالم اجمل في 6نوفمبر 2015 تاركا خلفه مقولته الشهيرة عن الحلم كان الحلم ولا يزال جميلا، كانت المغامرة رائعة، كانت التجربة قاسية، أقول فقط أن الجزاء لم يكن على قدر الجهد والنتائج لم تكن بحجم التضحيات، لكن الأكيد أن ذلك الجيل، كان له شرف الرّيادة في النضال من اجل الحرية والتقدم، جيل أصرّ في ثبات ومثابرة لافتة أن يقول:لا للاستبداد، لا للقمع، لا للحيف الاقتصادي والاجتماعي».