هذه المجالات بحواس فنان ماهر و بفطنة بستاني و بجمال المعاني عند شاعر باذخ..فسحة جمالية من عالم الموزاييك الفاتن والشاق والممتع والصعب والبديع وفق عناوين شتى ذات دلالات فائقة منها «تواصل » و« تشابك » و« السالب /الموجب » و«تمركز لولبي» و«تعاكس» و«تمركز» ... نسرين الغربي في معرضها الخاص «نبض الحجر» تلعب لعبتها المثلى مع العناصر في صبر وعناد جميلين يحيلان إلى مشهدية رائقة النظر حيث المساحة للعمل الفني ورشة تعتمل فيها رشاقة ذائقتها الفنية والجمالية ..لعبة البهاء و الجمال باستعمال خامات صلبة صمّاء تنوعت بين الحجر والرخام و البلور والقرانيت ... لعبة هي بمثابة لعبة الأطفال في براءاتهم الأولى..
عمقت نسرين فكرة اللعب الفسيفسائي حيث التلقي و القراءة والتقبل بشكل مختلف كما أن المتقبل هذه المرة للأعمال يسافر مع مناخاتها و كأنه يحلق مع الكواكب في الفضاء أو أنه يتوغل في أمكنة أخرى من الأرض.. هي المغامرة حيث الفنانة نسرين الغربي الباحثة المتأملة تحاول وتحاور ذاتها في نظر يشبه النظر لأمواج البحر و الكواكب في مسحة فنية فيها الحركة بألوان وأحوال التجريدية.. والايحاء بالتشخيص أيضا..
نسرين الغربي باحثة و فنانة تشكيلية متحصلة على دكتوراه في علوم وتقنيات الفنون متخصّصة في فن الفسيفساء و قد شاركت في عديد التظاهرات والمعارض الفنية الجماعية ،نشرت لها عديد المقالات العـلمية في مجلات محـكمة ومتحصله على عدة جوائز ،عـضوه و ناشطة فـي العـديد مـن الجمعيـات الفـنية والـثقافية، الـوطنية والعالمية.يضّمُ هذا المعرض زهاء العشرين من الألواح الفسيفسائية متعددة القياسات انجزت بتقنيات مختلفة .. فيها استثمار المحيط الطبيعي الذي يزخر بخامات مطردة التنوع.كانت بمثابة المكونات الأساسية لهذه المنجزات الفسيفسائية التي تواشجت فيما بينها محدثة انساقا وايقاعات تتداخل و تتشابك فيها مختلف الوحدات الفسيفسائية تجسمت منها تراكيب اسـتدعـت مفاهـيم التكرار والـتقابل والتفتت والاختراق كلها تتقابل في ديناميكية من حيث الشكل اوالمضمون في تواصل بصري حياكي صلب اللوح ذاته أو حتى حوار ثنائي تفصله الفضاءات والمسافات و تربطه الحياكات ، في استنطاق للحجر الاصمّ وتطويعه لينبض بخفايا التشكيل الفسيفسائي عبر تناولات تركيبية تتباين بين التجريد و الايحاء بالتشخيص بإستعمال خامات صلبة صمّاء تنوعت بين الحجر و الرخام و البلور والقرانيت ...
حوامل احتضنت مقاربات فسيفسائية تمردت أحيانا على سطحياتها لتعانق الفضاء المشترك بينها وبين المتلقي فتدعوه إلى حوار بصري حياكي فضائي لا مسبوق سواء بالإبصار أو حتى اللمس ،الهدف منها شد المتقبل في تفاعل مباشر فاتحة له المجال كي يغوص في غمارها ويتحاور معها في جدال بصري لغـته الـحـيـاكـات ومعانـيـه الألـوان قد تستحوذ على ابعاده عدة تأويلات و دلالات ... حياكات تخفي حكايات ،ترويها مشاهد مستنبطة من واقع مرئي يراوح بين البحث عن المعنى إلى حد التشخيص و بين اختفائه في غياهب الحجارة لحد التجريد الذي يحاول إستنطاق نبض الحجر ،حجر وإن بدا أصما ،فمن الحجارة ما يتفجر منه الأنهار ،أنهار المعاني و الدلالات والإيحاءات التي طوعتها الأنامل فتداخلت الألوان و الفوريقات الضوئية بين ثنايا الجزئيات الفسيفسائية في تراصيف تنوعت بين التثبيت المباشر وغير المباشر محدثة تفاوتا في درجات البروز حسب وِضْعات تراوحت بين الأفقي والمائل و العمودي... هذه التراصيف و الوضعات و إن اختلفت مصادر استلهامها إلا إنها تحاول في كثير منها ان تخرج من بعدها المسطح من خلال التلاعب بمستويات ارتفاعاتها ما من شانه ان يخلق بؤرا يسكنها الظل في تضاد و تباين مع بقية المساحات المضاءة و التي بدورها تتفاعل مع التدرجات اللونية و الخطية الموظفة القائمة على مفهوم الجزئية اي انها تتكاثف احيانا وتتفرق أحيانا أخرى في نهاية الأمر ستستقر في تآلف وتجتمع مع غيرها من الجزئيات لتمثل الكل ...