منعطفا حاسما في تاريخ تونس، حينما كانت قضايا الحرية والإستقلال أهم قضايا النخب المثقفة، فضلا عما تفرد به من خط شعري إنساني، حيث سطع نجمه في سماء الشعر العربي، و لازلنا رغم عبوره الخاطف، نقتبس من شعاعه و نستضيء بوهجه في مسالك الشعر الوعرة المضنية ولازالت صرخته: إذا الشعب يوما أراد الحياة... فلا بد أن يستجيب القدر، تدوي في أرجاء الوطن فيبلغ صداها أطراف الكون، و تهتز لها الشعوب و تنفذ إلى القلوب فترددها الحناجر، فتبعث فينا النخوة و تؤجج حماس الشباب جيلا بعد جيل و تلك معجزة خلود الشعراء.
وفي الذكرى 87 لوفاته، كانت مختلف المؤسسات الثقافية والتعليمية و بدعم و إشراف من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية، على موعد من جملة من التظاهرات المختلفة التي إنطلقت منذ يوم السبت 9 أكتوبر و لازالت متواصلة، لتبرز أن الإحتفاء بالإبداع والمبدعين من أرقى مظاهر الحضارة الإنسانية، لاسيما إذا كان إحياء مثل هذه الذكرى من طرف الناشئة و الشباب و أيضا الأطفال، كما تم إعداد هذه المناسبة من معارض وورشات و مسابقات و رسوم، و أنشطة فكرية و أدبية إحتضنتها دور الثقافة والمكتبات العمومية و عديد المؤسسات التربوية بكامل ربوع الولاية.
ففي اليوم الأول السبت 9 أكتوبر، كان الإفتتاح الرسمي خلال موكب صباحي إنتظم بروضة الشابي و تضمن جملة من المعارض منها لأدباء الجهة و أيضا ما كتب حول الشابي من إعداد جمعية الشابي للتنمية الثقافية و الإجتماعية و أيضا معرض للفنون التشكيلية وآخر للخط العربي.
وللفكر والشعر نصيب
أدب الشابي وشعره كان محور ندوة علمية بمشاركة ثلة من الجامعيين و الباحثيين، الدكتور محمد صالح البوعمراني، الدكتور محمد الغزي، و الأستاذ لطفي الشابي، إلى جملة من المداخلات الأخرى عبر صفحة المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بتوزر، كانت بإمضاء الدكاترة سعدية بن سالم و عمر حفيظ و سمير السحيمي و أيضا الكاتب و المفكر الشاذلي الساكر، فسح إثرها المجال إلى قراءات شعرية لشعراء الجهة و بالمناسبة ذاتها أيضا، إحتضن فضاء الروضة عديد الفعاليات منها، إفتتاح رواق الفنون التشكيلية، و نادي الأدب و الفنون أبو القاسم الشابي، إلى جانب مساحات موسيقية لفرقة المعهد الجهوي للموسيقى بتوزر.
و بدورها أعدت دور الثقافة بنفطة و دقاش و حامة الجريد وتمغزة لفائدة روادها ورشات في الرسم والنحت على خشب النخيل، و جداريات في الخط العربي ) كتابة أبيات شعرية لأبي القاسم الشابي،(كما بادرت المكتبات العمومية بتخصيص مساحات هامة لمختلف الأنشطة والبرامج التي أعدت بالمناسبة، من حصص مطالعة ومسابقات و عروض تنشيطية و تنمية للزاد الفكري و المعرفي للتلاميذ، تم تخصيص جملة من الأنشطة و البرامج من طرف المؤسسات التعليمية شارك فيها تلاميذ المدارس الإبتدائية و المدارس الإعدادية و المعاهد الثانوية...
و رغم أهمية هذه الأنشطة والبرامج يبقى السؤال مطروحا، متى سيتم إستثمار المنجز الإبداعي للشابي ثقافيا و سياحيا ؟؟