عرض «أحبك يا مدرستي» إخراج مقداد الصالحي ضمن تظاهرة «إليك يا مدرستي»: المسرح لدرء اللامركزية وصناعة جيل يؤمن بالوطن دون تفرقة

عاد التلاميذ الى المدارس، المدرسة في المناطق الريفية تعد متنفسا الاطفال الوحيد للعب والعلم ومشاهدة المسرح ايضا، واحتفالا بالعودة المدرسية وضمن تظاهرة «اليك يا مدرستي»

قدم فضاء «منيرفا تياتر» بسبيطلة جولة بعرض عرائسي يشجع التلاميذ على ارتياد المدرسة بعنوان «احبك يا مدرستي».

«احبك يا مدرستي» من اخراج مقداد الصالحي قدمت في المدرسة الابتدائية الشرايع ثم على ركح الطفولة بمشرق الشمس ومدرسة واد معيو وتتواصل الرحلة الى هنشير العيثة والسعايدية والمغيلة ضمن مشروع «المسرح في حومتنا» الهادف الى جعل المسرح حيا ومتنقلا في كل مكان لصناعة الفرجة وكسب جمهور وخلق جيل جديد يعرف معنى المسرح بالاضافة إلى خلق نواة جديدة من الفنانين الهواة وتشريكهم في الفعل الابداعي في ربوع القصرين ريفا وجبلا و«المسرح في حومتنا» مدعوم من برنامج تفنن تونس الابداعية، وصندوق التواصل الثقافي المحلي بتمويل من الاتحاد الاروبي وبالتعاون مع وزارة الشؤون الثقافية.

«أحبك يا مدرستي»: رسالة لتشجيع الطفل على التعلّم
مزيج من الألوان، تصدح الموسيقى لتحمل الطفل إلى عوالم الخيال، مزيج من الإضاءة والموسيقى يزرعان البهجة في نفوس صغار اقبلوا لمشاهدة عرض مسرحي، «احبك مدرستي» عرض عرائسي، يسلط الضوء على أهمية المدرسة وضرورة التعليم لإنقاذ عقل الطفل من التكلس والجهل، هي دعوة ليحب الأطفال مدارسهم ففيها ينهلون الأمل والعلم والجمال.
«احبك مدرستي» مجموعة من الشخصيات والالوان والموسيقى تنطلق من قصة اللعبة الخشبية «بينوكيو» الذي يصنعه نجار ماهر لتتدخل الملاك وتبعث فيه الروح، يصنع الجد محفظة لابنه بينوكيو ويدعوه للذهاب الى المدرسة، يتغير الديكور حسب المشهد، محركو العرائس هم الذين يتفاعلون مع النص ويتحدثون بروح الشخصية ليحدث ذاك الانسجام الغريب إلى حدّ طرح الاطفال لسؤال من يتكلم هل هي «العروسة؟» أم الإنسان، لساعة من اللقاء والمتعة، تبعث الروح في بينوكيو وتبدع غفران الصالحي في التماهي مع عروستها تتقن تحريكها وتتفن في تغيير طبقات صوتها لتصبح العروسة وكأنها حقيقة، يحاول «بينوكيو» خوض غمار الرحلة إلى المدرسة، تعترضه «ثعلوبة» في المرة الأولى تسرق بدهائها المحفظة لتأكل اللمجة، وفي الثانية تبيعه إلى صاحب السيرك ليقدم مهاراته في الرقص ويصنع الفرجة، قبل أن يشعر «بينوكيو» بالذنب ويقرر الذهاب فعلا إلى المدرسة ويقنع ثعلوبة والجندب بالعلم والمعرفة.

في المسرحية الكثير من المشاهد الراقصة التي تؤديها الدمى ويتفاعل معها الأطفال تستعمل لغة بسيطة أثناء الأداء، نص مكتوب بحب ليقدم للأطفال العديد من الرسائل أهمها ضرورة التعلم والذهاب إلى المدرسة «مدرسة مدرسة كم أحب المدرسة» ففي رحابها يتعلم الطفل أبجديات الحياة وفي ساحاتها ومع معلميها يعرف معنى الإنسان ويصنع أحلامه وذاته.
«احبك يا مدرستي» درس مسرحي ابدع في تقديمه ابناء جمعية منيرفا تياتر، حلموا مع عرائسهم وتماهوا مع كل جزئياتها، اطفال وشباب احبوا المسرح وهم يمارسونه فكان العرض كشمعات امل ترفض الانطفاء هم غفران الصالحي وهنيدة الصالحي ومحمد نور درويشي واحمد محمودي وشيماء الصالحي واحمد يوسفي واحمد بوعلاقي وامين الصالحي وصناعة الدمى لامال عبايدي، في كل العروض كانوا يعاندون الشمس ويريدونها ساطعة دون غروب، شمس الامل والوطن ليشعروا ابناء الريف انهم جزء من هذا الوطن، لهم حقوقه لمشاهدة المسرح والتمتع بجمالياته.

المسرح فعل مقاومة:
يصنعون «العجب» ينحتون في صخور جبال التهميش، يعوضون الدولة التي تناست مواطنيها ممن يقطنون الارياف وسفوح الجبال، يؤمنون بقدرة المسرح على التغيير ويعتبرانه فعلا مقدسا يجب ممارسته وإيصاله الى الاطفال في كل شبر من ربوع ولاية القصرين، الثنائي زينة مساهلي ومقداد الصالحي جمعهما المسرح ومنيرفا ليكونا كملائكة الرحمة يرحمون الأطفال ويقدمون لهم كل التلوينات الإبداعية خاصة المسرح وفي هذا السياق يقدم فضاء منيرفا تياتر مسرحية «احبك مدرستي» في المدارس الريفية المبعدة عن مراكز المدن، تلك المدارس التي يرتادها أطفال متعطشون للفن و للأمل.
«احبك يا مدرستي» تقوم بجولتها في ربوع الأرياف، تقترب إلى الأطفال وتمنحهم تأشيرة السعادة و التمتع بعالم الماريونات، تشاركهم القليل من الحلم والأمل، من «ركح الطفولة» بمشرق الشمس المتاخمة لسفح جبل السمامة كانت الرحلة الأولى، زخات المطار زادت المكان بهاء، رائحة الاكليل الجبلي تعبق في المكان، الأطفال اقبلوا بأعداد غفيرة للفرجة، في ذاك الركح الجميل الذي بناه الاطفال بمساهمة جمعية أحباء الطفولة كان اللقاء الحميمي بين الممثلين والأطفال العطشى للفن.

لتنطلق الرحلة الثانية الى المدرسة الابتدائية الشرايع وتصافح جمهور الاطفال والتلاميذ الذين اقبلوا منذ الصباح لينتظروا الفرحة والفرجة بلهفة، لم تمنعهم الامطار الاطفال من الانتظار لم يأبهوا لوعورة الطريق او «جريان الوادي» او زخات المطر المتزايدة واقبلوا الى المدرسة ليشاهدوا العرض المسرحي، بعد العرض تدافعوا ليلمسوا الماريونات، بعضهم يسال «هي تتكلم بلحق؟» وآخر يحاول معانقة بينوكيو وثالث لا زال يردد لحن «مدرسة، مدرسة» ، لساعة من الزمن نسي الأطفال حرمانهم الجغرافي والثقافي، تناسوا المطر واستمتعوا بشغف وأنصتوا إلى القصة والفرجة.

تتواصل الرحلة الفرجوية، من الشرايع إلى المدرسة الابتدائية «واد معيو» وفي صبيحة يوم الأحد الموافق للعطلة نسي الأطفال الكسل وجاءوا إلى المدرسة ليشاهدوا العرض، جاؤوا ليحادثوا العرائس وينصتوا إلى حكاياتها وللولوج في عالم الخيال لتحفيز ذاكراتهم الخصبة التي ستحتفظ بتلك الصور مدى الحياة.
يقبل الأطفال بشغف للفرجة، ينصتون إلى الكلمات والأغاني، يرحلون إلى عوالم من الأمل ويصنعون أحلاما متجددة، تثقلهم الجغرافيا فيكون الفن مطية للنسيان والتجاوز، «احبك يا مدرستي» فرصة لندرك مدى حرمان وتعطش تلامذة المدارس بالأرياف الى المسرح والفن وهذا بدوره يحفز لدينا ولدى الجميع الرغبة في مد هؤلاء البراعم المزهرة بالحياة والفن والمقاومة من أجل إثبات حقهم في الحياة ولانتماء إلى هذا الوطن كما تصرح بذلك كاتبة نص المسرحية زينة مساهلي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115