فنان متعدد الاختصاصات، جمع بحنكة بين الابداعي والاداري، مسيرة اعوام من الابداع كانت حصيلتها مسرحيات ظلت كما الوشم في المشهد المسرحي التونسي على غرار «عصافر» و«سفر وذاكرة» مع ادارة قطب المسرح وادارة دار المسرحي بباردو، مسيرة فنية جمعته مع شريكة الفكرة والرحلة صباح بوزويتة فهما يشكلان ثنائيا استطاع النجاح لشغفهما بالمسرح، في مسارات التقت «المغرب» المخرج سليم الصنهاجي للحديث عن ذاكرة.
• كيف تشكلت فكرة مسرحية «ذاكرة»؟
سأحاول ان اتكلم بلسان صباح بوزيتة لانها صاحبة الفكرة الاساسية للعمل، مسرحية سكنتها لمدة طويلة هي التي صاغت النص والفكرة والملاحظات واللقاءات لمدة اربعة اعوام، شاهدت كافة الحملات الكبرى في البرامج التلفزية وأعادت تفكيكها، القصبة واحد والقصبة2 وهيئة الحقوق والكرامة او «الكذبات الكل» كما تقول هي، في البداية رفضت هذا التوصيف وفي كل النقاشات تحسم الامر بجملة «شوف عيونهم، يحكيو دون صدق او قدرة على النظر الى الامام» ومنذ البداية انطلقت في الملاحظة ثم الكتابة.
• في المسرحية نقد لكل الهيئات تقريبا؟ كيف كانت المغامرة؟
العمل يساءل تونس مابعد 11 جانفي، تجربة أراها مغامرة مختلفة، صباحا حين انفلت الجميع للعمل على موضوع الثورة رفضت الانخراط في ذاك المسار «لا يمكن انجاز عمل فني في عام واحد على الثورة، الدماء لم تجف بعد، فلننتظر خمسة اعوام حينها يمكن التأريخ» هكذا كانت حجتها وفي الحقيقة كانت اكثر حكمة مني، كنت اندفاعيا وعاطفيا لكن حكمة المرأة ربحت في النهاية.
بالعودة الى الثورة في المشهد يوجد حراك لكننا لم ننتظر تلك النتائج (لم نتقوع هروب بن علي مثلا)، الفرحة كانت صادقة وشعبية ، الحدث ذكرني بمباراة تونس ضد المكسيك في الارجنتيتن وتلك الفرحة الصادقة، كنا نضحك ونفرح دون سؤال، لكن اذا عدنا بآلة الزمن قليلا، وتساءلنا كيف حدثت الثورة؟ هل نحن حاضرين نفسيا وسياسيا لهذا الحدث كذلك بعد 25 جويلية هل نحن كنا حاضرون لذاك الموقف؟ واسئلة اخرى كانت ردة فعل طبيعية بعد الشعور بالفرحة، اسئلة طرحناها على الركح وحاولنا أن تكون وسيلتنا للنقد.
• القلق الموجود داخل الشخصية؟ ما المقصود منه؟
هو نقل للقلق الساكن في نفوس التونسيين، اذ حدث الكثير من الاستياء والقلق الموجود في الشارع دفعنا لانجاز المسرحية، حاولنا فتح الجراح القديمة لنقول كفى لهفواتنا القديمة، على التونسيين التحرك لعدم الوقوع في نفس الخطأ، يجب العمل ثم المحاسبة، علينا رد الاعتبار لمن دافع حقا عن وطنه، يجب أن نعترف بنضالاتهم ونعمل لأجل النهوض بتونس وهذه رسالة المسرحية.
لذلك يجب الاعتراف بالحقوق وتكرار كلمة «حقي» ليس عبثا، نريد حقنا في المعرفة الحقيقية، من حقنا ان نكون مواطنين، من حقنا رد الاعتبار من حقنا الإحساس اننا مواطنين لنا حقوقنا وواجبتنا.
• في العرض الكثير من الخوف والشجن؟ هل هي طبيعة العمل؟
نحن نعمل بكثير من المحبة والخوف والانتظارات وهي عماد المسرحية وزادنا لنقدم مسرحا يشبهنا، لم نكن في الوصف السطحي بل غصنا في العمق، توغلنا في احساس الشخص، دخلنا الى دواخل المعذبين وأنصتنا إلى وجعهم ونقل على الركح في عمل مسرحي اظنه لاقى استحسان الجمهور «بكيتوني» كما قالت لي احدى السيدات بعد العرض.
• كيف كان اختيار الممثلين للذاكرة؟
الكاستينغ الاول ممتع جدا، العلاقة في «ارتيس» بنيت على اللقاء اكثر من النص والاخراج، نحن ننجز المسرح لاجل متعة الركح والشغف بالمسرح، ننجزه بطاقة ونعيش كل تفاصيل العرض ، في «الذاكرة» (هي ذاكرة ذاكرة)، كما تقول صباح بوزويتة، هي صاحبة فكرة الكاستينغ بجملة» رضا بوقديدة استاذي وعلاء الدين ايوب درس معي في الدفعة الاولى ماذا لو اشتغلنا ثلاثتنا)، وكان العمل كذلك رغم اختلافنا في وجهات النظر وطريقة العمل المسرحي وولدت المجموعة التي قدمت الذاكرة في البداية لكن بسبب الحالة الصحية لعلاء الدين ايوب تم استبداله حاليا بممثل اخر متميز ومتمكن هو عبد القادر بن سعيد.
• بعد تجربتكم المتراكمة؟ كيف ترون المسرح التونسي اليوم؟
حسب رايي المسرح التونسي يعيش مشكل الوحدة الفنانين المسرحيين منعزلين عن أنفسهم كل يعمل في قوقعته الذاتية، لسنا مجتمعين حول الفكرة او المشروع، الافراد هم المسؤولون عن تراجع المسرح التونسي وليس المنظومة، فنحن الافراد من يقرر نحن من يصنع الفعل اما المنظومة فبالامكان تغييرها.
في المسرح نحتاج اللقاء والحوار لنعيد صياغة المشهد المسرحي التونسي، يجب ان نشجع كل المبادرات الناجحة، يجب ان نكون كاصابع اليد الواحدة لنستطيع تجاوز مقولة «علاش مش انا عملت الخدمة»، ذلك يجب ان تجاوزها بالعمل فقط.
فهل أن الفكرة ستقدمها الوزارة او المنظومة، يجب العمل على الاختصاص المسرحيون يريدون الدخول في كل المجالات، من الحديث عن القوانين وانجاز الفعل الجمالي والصراع مع الاخر، جميعها من اسباب فرقة المسرحيين.
• ختاما كيف هي دار المسرحي اليوم؟
مشروع كان «خربة» استطعنا العمل و بعد اربعة اعوام اصبحت ملك وزارة الشؤون الثقافية وصارعنا كثيرا لافتكاكها للثقافة، حاليا أنفقنا 400 ألف دينار لاعادة تهيئتها وفي 5اكتوبر سيكون فضاء الهواء الطلق اول قاعة مغطاة للمسرح والسينما في تونس وتتسع ل400متفرج بتقنيات احترافية عالمية، فضاء يستقبل اي عمل ممكن.
والفكرة ليست في انجاز القاعة بل ستكون في انجاز مركز لتكوين صناع الفرجة والتجربة شاهدتها في المانيا، واردت تطبيقها في تونس، تكوين عشرة اشخاص لمدة عامين في الصوت والاضاءة والتوظيب وكل ما يتعلق بصناعة الفرجة،يدرسون وفي الوقت ذاته يكونون المشرفين على ادارة الفضاء، في عامين يصبحون مديري قاعات، تجربة جديدة في تونس ستنطلق من دار المسرحي بباردو.