بعد عطالة لأشهر فتحت عاصمة الفاطميين أبوابها لعشاق الفن الرابع ليجتمعوا ويلتقوا في حضرة أب الفنون ويستمتعوا بفعاليات الدورة الثالثة لتظاهرة «مسارات المسرح».
تتواصل المسارات ومعها الاعتراف بدور المؤسسين للفعل المسرحي التونسي، تتواصل الاحتفاءات بالتجارب التونسية المختلفة وضمن فعاليات الدورة الثالثة لمسارات المسرح بالمهدية احتفي بتجربة «السندباد» كتجربة مسرحية لها مسيرتها الخاصة.
هنا المدينة العتيقة بالمهدية،بعد السقيفة الكحلة (اشهر المعالم بالمدينة) ووسط السوق التقليدي بألوانه المميزة و روائحه الشذية، بين أصوات الباعة وموسيقى النحاس وباعثي البهجة بين زوار الجهة وسياحها وفي فضاء جد مختلف تفوح منه رائحة التاريخ تم الاحتفاء بتجربة حمادي المزي والسندباد، هنا حطّ سندباد المسرح رحاله في فضاء الكنيسة السابقة الذي أصبح مقر رسمي لمركز الفنون الركحية والدرامية المهدية ليتحدث عن المسارات والمسيرة وتجربة أعوام من الحلم وتحويل الأحلام إلى أعمال مسرحية تشاكس السياسي وتنقد المجتمعي وتنتصر للإنسان.
ثلاثون عاما من الإبداع، ثلاثون عاما من إنجاز أعمال مسرحية ومغامرات ابداعية مختلفة، ثلاثون عاما من الحلم المتقد كما طائر الفينيق، ثلاثون عاما من الفن والحب والمسرح هي حصيلة حمادي المزي الابداعية التي تم الاحتفاء بها في كنيسة المهدية.
حمادي المزي الذي يقدم نفسه بالقول «أنا شخص لا يستهويني الركون ولا أرتاح الى الإطمئنان،أنا “دون كيشوت”الذي مازال يستهويه الحلم وحتى كوابيسه وما زال يحارب الطواحين بمختلف أشكالها المجازية والرمزية وما زلت أقذف بنفسي كلّ مرة خارج نفسي بحثا عن دروب جديدة في هذا الفن العظيم لان المسرح فن حي ومتجدد .أحاول أن أحفر في مجال عملي وأبحث عن تلك الجوهرة الغامضة التي بحث عنها قبلي رواد المسرح العالمي,أحاول أن أكون أفضل مسرحي ,لأنك إذا لم تكن الأول فلا أهمية أن تكون الثاني أو العاشر لذلك أنا حريص على تجديد خلايا معرفتي وتجاربي حتي لا أكرر نفسي».
المزي فنان يبحث عن التجديد في النص والفكرة، قدمه المسرحي ورفيق الرحلة المسرحية منير العرقي فعاد بالذاكرة الى البدايات، الى التنشيط المسرحي والثقافي والاحلام التي ولدت متتابعة لتصبح اعمال مسرحية تصطف في الذاكرة الجماعية للمسرح التونسي، وحمادي المزي كاتب وممثل ومخرج، انطلقت رحلته من مدينة ماطر من ولاية بنزرت «وكما يقولون في البدء كانت الهواية، انها البعد الضمني لاختيار المسرح كتعبيرة، وحتى في اقصى حالات الاحتراف فان المعاناة المسرحية تقتضي النفس الهاوي الراغب الذي تهون به العراقيل وتتذلل الصعاب وتستوي السبل واضحة المعالم» كما قال المزي في احدى حواراته لجريدة الصحافة عام 1993، احب السينما ثم سحره الفن الرابع فاختاره مسار ومهنة، درّس المسرح لعشرة اعوام كاملة في المعاهد الثانوية ومارسه هواية واحتراف في ماطر وفرقة بنزرت وفرقة الكاف والمسرح الوطني قبل ان ينشغل بتاسيس دار السندباد عاد 1989 لتصبح وبعد ثلاثين عاما منارة من منارات المسرح التونسي، السندباد تجربة مسرحية وثّقت في كتاب قدمه محمد مومن، كتاب يلخص المسيرة ويجمع العديد من المقالات الصحفية والصور للتعريف برحلة السندباد.
من المدينة العتيقة إلى مقر دار الثقافة حيث أقيم معرض دار السندباد، لافتات لأشهر الاعمال المسرحية التي قدمتها الدار من «حدث ابو حيان قال» الى «حق الرد» الى «حكاية طويلة» و»العاصفة» و»الكواسر» ورحلة طويلة من متعة المسرح الذي يعتبره ابو الفنون لانه يجمع الفن التشكيلي والشعر والرقص والغناء.
تكريم السندباد هو اعتراف بمسيرة مسرحية ثرية، هو مسار من مسارات المسرح التونسي وتجربة تستحق الدراسة كما جاء في تقديم منير العرقي للسندباد وتجربة حمادي المزي.
تكريم حمادي المزي و«شركة السندباد»: المسرح حلم وعنوان للتمرد والاختلاف
- بقلم مفيدة خليل
- 10:18 28/09/2021
- 636 عدد المشاهدات
«مسارات المسرح»:
عادت الحياة إلى المسارح، فتحت الأبواب الموصدة وصعد الممثلون على الركح ليستنشقوا عبق الحرية ويصنعوا أحلامهم وذواتهم على الخشبة المقدسة،