Print this page

أغلقت أبوابه منذ 25 جويلية: هل جنى مجلس النواب على متحف باردو ؟

كثيرا ما تدفع الثقافة ثمن تقلبات السياسة وأزماتها وحماقاتها... وحدث في تونس أن طال قرار تجميد أعمال مجلس النواب المتحف الوطني

في باردو الذي بات موصد الأبواب وممنوعا على زائريه ومحروسا بالأسلحة والدبابات.
في كل الأزمان والعصور، من النادر أن تكون سلطة السياسة في وفاق مع سلطة الفكر بل أنها كثيرا ما تشن السياسة الحروب على الثقافة أو تسقطها من سلم أولوياتها وتدير لها ظهرها في وقت الأزمات. في تونس حدث أن جاع الفنانون وطالت البطالة والخصاصة المبدعين في زمن الكورونا ولم تهتم السلطة بنداءاتهم ولم تكترث بحاجياتهم بل بالغت في فرض الحظر على أنشطتهم وحفلاتهم ومسارحهم... وبعد غلق قاعات العرض وصالات السينما بسبب الكوفيد جاء الدور هذه المرة على المتاحف ليجد أهم متحف في تونس نفسه في عزلة عن زائريه ورواده بسبب السياسة.
لم يسبق وأن عرف متحف باردو فاجعة بخطورة ووجع اقتحامه سنة 2015 من طرف إرهابيين أفرغوا وابل رصاصهم الحاقد في جسد 22 سائحا لقوا حتفهم إلى جانب عشرات الجرحى ... لكن هذا المتحف لم يستسلم أمام اعتداء الظلامية على حرمته وتاريخه ولم يضعن للخوف والبقاء في الظلام بل سرعان ما سارع إلى إعادة فتح أبوابه أمام زواره في تحد للإرهاب وفي إعلان بأن ثقافة الحياة أقوى من الموت.
واليوم أجبرت السياسة شيخ المتاحف التونسية على غلق أبوابه لحوالي شهرين فقط لأنه محاذ لمجلس نواب الشعب ويشترك معه في السياج الحديدي الخارجي !
أكثر من 50 يوما مرّت على غلق متحف باردو الذي دفع ضريبة قرارات الرئيس قيس سعيد في 25 جويلية 2021 بتجميد صلاحيات البرلمان.
وقد دفعت غيرة أهل القطاع من المختصين في التراث على إطلاق حملة بعنوان «حل المتحف الوطني بباردو» للمطالبة بفتح أبواب المتحف في أقرب الآجال. وقد علّق كاتب عام مساعد النقابة الأساسية لسلك محافظي التراث على تواصل غلق المتحف بالقول: «أتساءل من باب السؤال ومعرفة الغموض الذي يحوم حول تواصل إغلاق المتحف الوطني بباردو، هل تم اتخاذ الإجراءات العلمية في الحفاظ على القطع الأثرية والمجموعات المتحفية الهشة والتي تتطلب عناية خاصة (في علاقة بالإضاءة والرطوبة) وخاصة آليات الحفظ والأمن؟»
بفضل ثروته النادرة من اللوحات الفسيفسائية، ضربت شهرة المتحف الوطني بباردو الأقطار والأمصار فصار وجهة السياحة الداخلية والخارجية وقبلة الوفود الرسمية سيما بعد أن شهد مصرع ضحايا من مختلف الجنسيات كان ذنبها الوحيد التعطش للتعرف على تاريخ الحضارات وآثار العصور الغابرة .
فهل يقع رفع التجميد عن المتحف الوطني بباردو في أقرب الآجال حتى لا يدفع التاريخ من جديد ثمن أخطاء السياسيين ولعبة السياسة؟

المشاركة في هذا المقال