كلمة ولحنا،تدعوهم ليتركوا وجع اليومي ويستنشقوا عطر التاريخ والحضارة ويسافروا عبر بساط الفن.
فلنحلم معا ولنعش تجربة إحياء المواقع الاثرية والتراثية عبر موسيقى عالمية، فلتصدح ايقاعات الجاز لتوقظ الارواح الهائمة وتدعوها الى متعة موسيقية كفاكهة الحبفي سيكاجاز.
بومخلوف: يحرس الذاكرة والمكان:
هنا مدينة فينوس تفتح أحضانها لكل الحالمين، تدعوهم ليحلموا ويرحلوا مع الموسيقى، توفر لهم مساحة من الهدوء ليتعرفوا على المكان وتاريخه، هنا سيكافينيريا المدينة القصيدة، فالكاف أنشودة للحب وللجمال، هنا الكاف تدعو محبيها للزيارة لاكتشاف ثرائها التاريخي ومعه الاستمتاع بالموسيقى في رحاب الدورة السادسة لمهرجان «سيكاجاز» في دورة استثنائية تحيي المواقع الأثرية والمنجمية من صمتها.
الموسيقى سيدة الحياة معها يحلو اللقاء والمتعة، تنفض المدينة غبار القيلولة، تعيد الدكاكين فتح أبوابها، القصبة قبلة الباحثين عن مكان عليّ لاستنشاق هواء نقي، صوت الايقاعات اثناء البرايف يأتي من بعيد وكانه علامة لعودة الحياة الى المشهد الثقافي، تزينت الكاف لتستقبل ضيوف المهرجان، بين القصبة و سيدي بومخلوف والبازيليك كان اللقاء الموسيقي الاول ضمن فعاليات المهرجان.
في الكاف تكون اللقاءات الموسيقية بروح مختلفة،في مدينة عرفت منذ القديم بالتعاش السلمي بين الاديان تحضر الموسيقى، في مدينة تميزت بتراثها ومعمارها المسيحي واليهودي والاسلامي مجتمعين في حيز مكاني ضيق كانت المتعة، امام زاوية سيدي بومخلوف كانت نقطة الانطلاق بعرض «عيساوية سيدي بومخلوف» عرض صوفي تراثي له جمهوره، جمهور تعطش للفنون فاقبل باعداد غفيرة ليجلس قبالة الزاوية للفرجة، بعضهم اختار اسطح المنازل المجاورة، كل له طريقته في التعبير عن تفاعله مع العيساوية ومع ايقاعات موسيقية صوفية تسافر معها الروح بعيدا الى عالم تمحي فيه كل الحدود.
القباب البيضاء تغري بالبقاء، الباب الاخضر شاهد على خضرة المدينة، الحصر المفروشة على الارض تغري بمزيد البقاء، شجرة التوت القديمة قدم المكان اصبحت حاملا للاضاءة وعاملا سينوغرافيا في عرض الافتتاح، تتراقص الاضواء بين الزهري والاخضر والازرق الوان تناشد جمال السماء وارتفاع جبال الكاف وكانها صرخة ازلية للحياة، فـ»بومخلوف» يحرس المدينة من علو.
زاوية سيدي بومخلوف مزار اهل الكاف وزوارها، هي انموذج للعمارة العثمانية،قباب بيضاء ناصعة وممر مبلّط فيشكل مربعات جميلة، الزاوية توجد اعلى المدينة تحرسها من فوق تقابلها موقع القصبة التي بناهامحمد باشا المرادي ثم اصبحت ثكنة للجيش العثماني، و تتكوّن من صحن صغير ومئذنة مثمّنة ، قسمها الأعلى محلىّ بالجليز ومنفتح بشرفات مزدوجة في كلّ ضلع ، يصعد إليه عبر مدرج حلزوني ينتهي إلى جامور دائري فمخروطي، إضافة إلى القبتين المبرّجتين من الخارج، فالكبرى ذات النوافذ العلويّة فضاء لنشاط ديني خاصّة الصلاة وأذكار العيساويّة، وفي الصغرى الأقلّ زخرفة أضرحة سيدي عبد الله بومخلوف الفاسي وأحفاده مثل الواعر بن الحاج عياد بن الحاج عبد الله القزوني»وفي ساحتها الممتدة أنجز العرض الصوفي يستحضر تاريخ البلاد وأمجادها، لتحضر الموسيقى موشاة بسحر العمارة.
وشم الريح بين جمال المكان وسحر الموسيقى تكون الرحلة
يرتفع صوت القيثارة معلنا عن بداية عرض موسيقي آخر، من التراث المعماري الإسلامي ذي الطابع الاندلسي إلى المعماري المسيحي، فلنعد بآلة الزمن من القرن السادس عشر الى تاريخ ابعد بكثير أي القرن الخامس للميلاد زمن تشييد فضاء كنائسي مبهر، باب حديد بني اللون، ست درجات إلى الأسفل، باب آخر عريض بواجهتين لونه بني كما لون الأرض، لون الحجارة يميل الى البياض، بقايا القدامى ممن سكن المكان مرسومة كما الوشم على الحجارة، في «البازيليك» الذي كان كنيسة و يتكون من بهو محاط بأروقة مسقوفة ذات أبواب، وقاعة على شكل صليب مؤلفة من أربع غرف موزعة على الأركان بالاضافة الى العديد من التماثيل الصغيرة كان اللقاء مع صوت كافي جميل وعرض تونسي بنفحات الجاز العالمية «وشم الريح».
في البازيليك التاريخي تهب النسمة الكافية تعاند صوت الايقاعات المرتفعة، الطبل يعلن عن موعد الرحلة الزمنية، في رحاب التاريخ اجتمع العازفون ليقدموا موسيقاهم ويعنون كافهم التي يحبون، في فضاء جميل اقواسه عالية واعمدته مذهلة ارتفع صوت قيثارة مروان الماجري ليرحب بضيوف المدينة، في وشم الريح تندفع الايقاعات هادئة ثم صاخبة كانها تحاكي الارواح الموجودة في المكان قبل ان تغني نورهان الهداوي بصوتها الجبلي الجميل، تغني بكل الحب للمكان وللمدينة والموسيقى فنورهان خريجة المعهد العالي للموسيقى مؤمنة بقدرة الموسيقى على صناعة عالم اجمل، تخوض تجربة موسيقية جد ممتعة صحبة رفيق الفكرة مروان الماجري ليشكلا ثنائيا جميلا بين صوت الكاف وتراثها وايقاعات الجاز التي يتقن الماجري التلاعب بها كطفل يشكل صلصاله.
«وشم الريح» عنوان العرض، ولد بعد ورشات عديدة غي الكتابة الموسيقية، مجموعة تؤمن باحلامها وتسعى الى تحقيقها، اجتمعوا في مدينة موشاة بالغناء وحفظوا تراثها ثم اعادوا الكتابة الموسيقية للاغاني لتعانق النسمة الكافية سماء الابداع والايمان ان الموسيقى حياة.