اختتام ورشة تكوين الممثل في فضاء «فستيف آر» في سيدي حسين: المسرح طريق وعرة والتزام بنحت مسار للأمل

الارادة تصنع المعجزات، ويصنع حب المسرح ابداعا جيلا مغامر ومشاكسا وتواقا الى الحرية، ها قد كبير الفضاء الوليد وقدم اولى انتاجاته

وقدم الى جمهور سيدي حسين «نوارات» احبوا المسرح ومارسوه وتدربوا لأشهر لينجزوا عملا مسرحيا بروح الهواة واداء المحترفين.
في «فيستيف آر» تكاثفت الجهود ليصل ابناء نادي المسرح الى مرحلة عرض احلامهم امام الجمهور، وقدم الفضاء يومي السبت والاحد 4و5سيبتمبر مسار نادي المسرح للاطفال والكبار لتوقد شموع الحب في فضاء شيد بكل الحب لتقديم الفعل المسرحي في حي شعبي يفتقر الى مؤسسات ثقافية فكانت «انا فلسطيني» و«شمس» و«الوالدة» وكانت كل الاعمال ذات طابع وطني يلتزم بالقضايا الكبرى للوطن.

المسرح طاقة من الحب والحلم
«الوالدة» هي الام هي الوطن هي الارض هي الحلمة هي المهنة هي الانثى الصابرة والصادقة والمدافعة الشرسة عن افكارها والراغبة دوما في التحرر من القيود، «الوالدة» هو عنوان العمل المسرحي الذي قدمته كل من امنة اللافي وحياة قاسمي ودعاء مالكي كما قدمه أحمد الوسلاتي وعمر الحامي، خمس طاقات شابة لأول مرة تصعد على الركح وتقابل جمهورا متعطشا للفرجة، خمستهم صنعوا شخصياتهم وتفننوا في تقديمها، لكل شخصية مركباتها النفسية كما تقمص بعضهم شخصية وأكثر منتقلين بسلاسة بين الشخصيات وطريقة تقديمها وكيفية الحركة، على الركح كانوا فريقا متجانسا، روحا واحدة في اجساد مختلفة وافكار متباينة ليقدموا الوالدة، العرض النهائي لورشة فن الممثل واطر المجموعة اولا ناجي القنواتي ثم محمد كواص وكلاهما من الممثلين المميزين في المشهد المسرحي التونسي.

«الوالدة» استدراج للشباب ليتعرفوا على مشاكل الوطن، استقطاب بطريقة غير مباشرة ليعرفون حقوقهم وتعلم كيفية الدفاع عن القضايا الاساسية خاصة الحرية والتمسك بالعلم والمعرفة كسلاح ضروري لمجابهة كل المصاعب.
في «الوالدة» ينخرط الممثلون في تقديم شخصيات موجودة في هذا البلد، احداث المسرحية تدور في دار مسنين اين تحدث جريمة قتل صحفية كتبت كتابا فضحت عبره مافيا الفساد، احداث المسرحية تحمل الجمهور للتعرف اكثر على قضايا الفساد في بعض المؤسسات فساد يتشاركه المدير والعامل والاعلام والمهتمون بوسائل التواصل الاجتماعي، المسرحية متها 45دقيقة بمثابة الرجة للمتفرج ليعيد طرح العديد من الاسئلة حول التزامه بمسؤولياته البسيطة تجاه نفسه وعمله ووطنه، في دار مسنين ينخرط العامل والمديرة والبستاني في طريق الفساد، يحاولون تبييض صورة المؤسسة رغم انبعاث روائح السرقة والغش رائحة غريبة تشبه تلك المنبعثة من بعض الادارات حيث يتفنن الموظفين في التمتع بالامتيازات على حساب الواجب.

«الوالدة» عمل قدمه هواة لأول مرة صعدوا على الركح بروح احترافية، ممثلون يعرفون متى يتحركون، متى يرتفع الصوت ومتى ينخفض وكيف يتنفسون، يعرفون توزيع طاقتهم جيدا مع ايمانهم بالمشروع جعلوا الصدق وسيلتهم لاقناع الجمهور، عمل حضرت فيه الموسيقى والاضاءة وكذلك التعويل على اجساد الممثلين لتكون حمّالة رسائل تنقد الفساد والفاسدين وتدعو للاصلاح من خلال شخصية الطفلة التي تحمل الكتاب فللطفل رمزية الغد والكتاب يرمز الى العلم.

ثابتة تحاول ان تصنع الشخصية، تتقن جيدا الانتقال من حالة نفسية الى اخرى، تعرف التمييز بين مشاهد الفرحة ومشاهد الحزن، تشرق كشمس الشتاء الخجولة لتدفئ القوب المتشوقة للمسرح، امام الجمهور لم تظهر خوفها او ارتباكها وكانت جد تلقائية اثناء تقديم مونودرام بعنوان «شمس» قدمته ابنة نادي المسرح اسماء السديري.

تشرق شمس المسرح مع زهرات الفضاء
شمس انتصار للمراة التونسية، انتصار لطاقة حب لا تنضب، انتصار لنساء الارياف الحالمات، الى اولئك الصابرات والكادحات، في «شمس» تجسد الممثلة شخصية فتاة تدعى شمس «جسد دون روح» بعد ان خاضت تجربة استقطابها من قبل من يدعون انهم صوت الله على الارض «جميعنا يمكن ان يغرر بنا بكلمة حب، بحديث قدسي، بسورة قرآن، فنحن نمر بحالة هشاشة يغيب فيها العقل احيانا» كما تقول في نص المونودرام، «شمس» مثلها كثير ممن غرر بهن واستقطبن للجهاد ضمن صفوف «داعش»، كثيرات من زهور هذا البلد سرقت احلامهن بسبب الانترنيت، في المونودرام تبدو شمس قوية تعترف بالخطإ وتحاول ان تعيد مسارها كما كانت تحلم، تعيده الى «الشهادة الجامعية» وليس «شهادة المجاهدين»، تعود الى الحياة وتهرب من الموت، تنتقم ممن دمغجها، في المونودرام تتقمص اسماء السديري الشخصية بكل صدق واحساس عال بوجع الشخصية وتدفع الجمهور لتصديق ما تقوله، تدعوهم للرفض ورفع الراس عاليا فالمراة التونسية خلقت لتكون سيدة نفسها هي ثورة للحق والعلم ولن تكون جارية للجهل والموت.

فستيف ار فلنقاوم بالمسرح
فالنقاوم التهميش بالفن، فلنقاوم التمييز الثقافي بالحلم، هنا نصنع جيلا واعيا بقضايا وطنه له القدرة على افتكاك حقوقه والانتصار للقضايا العادلة، هنا نعلمهم كيف يحلمون ويصنعون احلامهم حقيقة ويعايشونها، هنا يتعلمون معنى الحق في الثقافة ليدافعوا عن المنطقة، ففي كل شبر هناك مبدع لم يكتشف موهبته بعد ولهذا وجد فضاء فستيف آر كما يقول ناجي القنواتي عن الحلم الذي تشكل واصبح حقيقة بعد تعب وجهود كثيرة.

فستيف آر ليس مجرد جدران وقاعة عرض ومكتبة هو طاقة من الحب والاحلام، الاطفال على الركح كما الفراشات في فصل الربيع تتطاير محملة بشذى الحب والجمال، والكبار ينخرطون في مسار مسرحي ينحاز للانسان والوطن، فالمسرح التزام والمسرح وطن صغير يحتاج منا كل التضحيات كما يعبر ياسين الفطناسي.
فستيف آر الذي فتح ابوابه لمحبي المسرح يوم 27 مارس 2021 استطاع غرس بذرة الحلم في شباب المنطقة ليقبلوا على الفن المشاكس، وبعد اشهر قليلة تمكن من انجاز ثلاثة عروض مسرحية، ليثبت المشرفون عليه ان المسرح التزام ومسؤولية، ممارسته قد تنهك الجسد لكنها تشحن الروح بطاقة من الحب والجمال، فضاء في حي شعبي يحتاج كل الدعم لانه يحمي الاطفال من خطر الشارع والدمغجة، فضاء بامكانيات محدودة يكون شبابا بروح احترافية ويعلمهم الدفاع عن الفن والحق في الثقافة في كل مكان.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115