يجمع الجميع الشعر والموسيقى ويتشاركون في الحلم بنشر الجمال في ملتقى جميل عنوانه «اثر الفراشة» التي تحتضنه مدينة قابس أيام 3و4و5سيبتمبر 2012، ثلاثة ايام من المتعة واللقاءات الشعرية والقصصية، لقاء في رحاب التاريخ والثقافة كما ينجز معرض لاخر اصدارات دار وشمة على هامش التظاهرة.
«الحلم مثل الورد يكبر» هو شعار الدورة الحالية لاثر الفراشة، هي تكريم لروح المصور الفوتوغرافي عماد بن احمد ودعوة مباشرة للحلم والتمسك بتحقيقه، نداء متكرر للحياة يرسله خالد الحمروني مدير التظاهرة المساند الاول لفكرة القرب واللقاء في رحاب الكلمة شعرا ونثرا وقصة واغنية، و«اثر الفراشة» التظاهرة القائمة على ثقافة التطوع انطلقت من تدوينة فايسبوكية حين وفاة الفنانة الفلسطينية ريم البنا، تطورت الفكرة لتصبح تظاهرة تحتفي بالفن والشعر والحياة، تظاهرة تحتفي بالانسان لها خصوصيتها المبنية على فكرة التطور كما يقول خالد الحمروني مدير التظاهرة.
«الحلم مثل الورد يكبر» جملة من اغنية عرفت بها فرقة البحث الموسيقي «هيلا هيلا يا مطر، الحلم مثل الورد يكبر، والهلال يصبح قمر» ليكون العنوان تكريما لفرقة البحث الموسيقي ومعه تكريم كل من صدح صوته باسم الحرية والحياة، والبحث الموسيقي التي غنت ضدّ الديكتاتورية في الثمانيات والتسعينات، وصدحت الحناجر «هيلا هيلا يا مطر» و»يوم استشهادي» و»جيفارا مات» و»يا نخلة واد الباي» تعتبر كما النور الذي يضيء العتمة، هي ملهم الشباب في فترة ما ليعبروا عن رفضهم للظلم والتمييز لتصبح اغانيها كما شامة الحق على جباه محبي الحياة.
في فضاء ثقافي تاريخي يفتتح المهرجان نشاطه، في خبايا المدينة العتيقة بقابس تحديدا «حوش خريف» الذي حوله الخطاط عبد الرزاق حمودة الى فضاء ثقافي يجمع كل محبي الفنون وممارسيها في قابس الحوش الذي ظل مصفرا منسيا لاعوام ثم أصبح قبلة سياحية وثقافية بفعل ارادة من حديد سكنت فنانا شغوفا بالخط وقابس ليكون اليوم قبلة للباحثين عن فرجة تجمع العمارة العتيقة والتاريخ والفنون.
في الحوش تنطلق الفعاليات مع ايقاعات الة الساكسوفون، لقاء اول مع العازف منذر الفيتوري، يليها الافتتاح الرسمي وكلمات ترحيبية من مدير التضاهرة ومندوب الشؤون الثقافية بقابس قبل ان يفسح المجال للشعر واول اللقاءات الشعرية مع الصحفية والروائية والشاعرة الثريا رمضان التي تسهب في الكتابة عن الحب، تكتب عن المراة و العشق:
توغّل بداخل شفتيّ
لا القبلة الأولى شفعتْ لنا
ولا الأخيرة أدخلتْنا الجنّة
اذهبْ بعيدا في هوانا
لا الحبّ يملكُ إكسير الخلود
ولا ربّ السماء سيكتبنا ملائكة
اذهب بعيدا في وريدي
ستشمّ رائحة عرائي في جذورك
وتشمّني عطرا تغبّر في حنينك
ستمرّ كالغيمات في آب
مصادفة أراك.. ولن أراك
ستحبّ مرّات أخَر.. ولن تحبّ
يليها قراءة شعرية لشاعر القصيدة الومضة رحيم الجماعي :
خمسون عاما...
لا شيء أفعله
سوى مراقبة الأحلام
تحزم حقائبها
وتشارك ايضا الشاعرة المغربية ليلى نسيمي والشاعر والمناضل النقابي محمد الهادي الوسلاتي (أول نقابي تونسي دافع عن ضرورة وجود نقابة لكتاب تونس منذ بداية سنة 2010، وقد تم ذلك بأن ساهم الأول في خروج نقابة كتاب تونس إلى النور باعتبارها مطلبا جماعيا لعموم كتاب تونس يوم 3 جويلية 2010 والذي يصفه عبد الفتاح حمودة بالقول «يحب الشعراء وكل حاملي الحرف، هو يعرف أن حرفة الكلمات شقاء ومعاناة، لكن الكلمات باقية أبدا» كما تقرأ الشاعرة سامية فطوم ويدير اللقاء الشعري الاول الشاعر خالد الحمروني.
تتواصل المتعة الفنية، تنفتح ابواب الحلم ومعها نوافذ الامل وتعود الذاكرة الجماعية الى الموسيقى الصادحة بشعارات الحرية و الانعتاق من كل اشكال الديكتاتورية، يتواصل اللقاء في السهرة الاولى التي ستخصص للفن الملتزم ليغني نبراس شمام وهاجر سعادة وزياد مقداد وحنان الفرجاني جميعهم سيقدمون اغانيهم الملتزمة المنحازة للانسان ولقضاياه العادلة، سيغنون للحرية والتحرر من الظلم والخوف وشبح الجوع، يغنون للحب ويزرعون ورودا تنمو باكتمال قمر الفن وتنشط اليوم الاول اقبال قرفاشي.
تشرق شمس السبت4اوت بالمركب الثقافي محمد الباردي بقابس ليكرم المهرجان ابن الجهة القاص والسيناريست المميز باعماله الادبية والمدير الحالي لبيت الرواية الاسعد بن حسين في ندوة علمية تخصص لاعماله والاحتفاء بها ويدير الندوة الناقد الصادق القاسمي مع قراءات للروائي مالك حمودة و عفيفة سعودي سميطي .
تتواصل اللقاءات الفنية في ثاني ايام المهرجان، ومن القصة الى الشعر ليقرأ منير هلال للحياة والامل، ويجود باجمل الكلمات في وصف النساء كما كتب:
الــــنســــاء
آلهات كنعان - قبل الكتابة- يغمرن سهولها
بالأناشيد والأناجيل ، يدسن عناقيدها على وقع
الخلاخيل ، سيقانهّن يخمّرن عنب الخليل
أو يعلّقن حدائقهن عند بابل
يمشطن عند البحر ملح الخرافة، يركبن موجه
ويقايضن بالمباهج جلد ثور، إن ضاق السبيل
الــــنســــاء
صبايا أثينا ، يحرسن عند سور طروادة
كعب أخيل...وعند الأولمب ينثرن
قمح الحكمة في درب المشائين
بازغات المفاتن بقماش شفيف ، يسكبن
خمر الحقيقة متوجة بالغار والأكاليل...
وتتواصل اللقاءات الشعرية لتقرأ سلوى البحري وسمير فرحاني ونجلاء عطية ونورا الاحولي ويدير الامسية الثقافية الثانية الروائي عثمان الاطرش ابن قابس وصاحب روايات مطماطة و دمع اسود وكليبتوقراط التونسي ينثر رماده وهو الاخر يكتب بحس فني ينحاز للهامش والمهمشين.
«اثر الفراشة» تظاهرة تحتفي بكل الفنون، في رحاب الكلمة يتم الاحتفال بكل فنّ جميل لتتواصل السهرة الثانية مع السينما وعرض لعدد من الافلام السينمائية القصيرة وتدير اللقاء ابنة نادي سينما قابس الهام الحمروني، معلمة الاجيال وعاشقة السينما، النقابية والمراة الفولاذية التي اتخذت من السينما وسيلة لمقاومة اشكال القمعية للنظام السابق، وسيلتقي الجمهور مع افلام «توجان» للمخرج كامو حميد و«قانون الصمت» لمريم فرجاني و«خفايا» لفاتن مطماطي ومعه يسدل ستار يوم من القصة والشعر والسينما.
تتمازج الفنون في حضرة الشعر، تتواصل اللقاءات والمتعة الفنية الجامعة، شوق للقاء الشعر والموسيقى بعد غياب العروض وتوقف التظاهرات الفنية لتختتم التظاهرة الاحد 5سيبتمبر من خلال تكريم المصور الفوتوغرافي الراحل «عماد بن احمد» يليه الامسية الشعرية الرابعة التي تديرها الاعلامية سماح قصد الله، ويقرأ فيها كل من الشعراء كمال غالي
وفوزية العكرمي وزبير بالطيب والشاعر علي بن فضيلة صاحب ديوان «نحب نغني» ومن كتاباته:
تسألني
ما لون الحزن ؟
مالحياة ؟
مالرّحيل ؟
أحدهم
أخفى جُثّتي... هناك
و غادر...
نسي حيرته على جدار الفجر
وترك لي نصف آه بحلقي
ثم غادر...
رسم على أشلاء ظلّي نهرا تغرق فيه القصائد
صار بعيدا جدا...أبعد من دهشة
سيسدل الستار على الدورة الثالثة لاثر الفراشة في حوش خريف بداية من الثامنة مساء من يوم الاحد 5سيبتمر مع عرض موسيقي يمزج التراث بالموسيقى العصرية والاغنية الثورية، عرض لمجموعة حس يجمع الثنائي لبنى نعمان بصوتها الجميل ومهدي شقرون بالحانه المختلفة، كلاهما سيصدران الكثير من «الحسّ» الموسيقي في عرض «كان يا ما كان» ويكون مسك ختام اثر الفراشة الذي لن يزول من ذاكرة جمهور تعطّش لملاقاة مختلف التلوينات الفنية.