في انتظار الفنانين لخلاص مستحقاتهم المالية: أيهما سيصل أولا «غودو» أم حقوقهم المادية ؟

أغلقت المسارح، انطفأت الأنوار، صمتت الافواه عن الغناء، ركنت الالات الموسيقية الى الراحة، الغيت المهرجانات الصيفية الكبرى والصغرى،

احيل الجميع على البطالة القسرية هكذا حال الفنانين في تونس، احيلوا جميعهم على البطالة بسبب قرار إلغاء العروض الفنية والمهرجانات.
ينص دستور الجمهورية التونسية على الحق في الثقافة؟ لكن هل تنجز البطون الخاوية فعلا ابداعيا؟ هل تستطيع الانفس المثقلة بالديون والباحثة عن اللقمة انجاز فعل ثقافي؟ وهل أن الثقافة ضرورة ام تعتبرها الدولة فعلا ترويحي اوترفيهيا؟ هي مجموعة من الاسئلة التي يتشارك فيها ممارسو النشاط الثقافي بكل اختصاصاته امام طول مدة البطالة التي احيلوا اليها بعد قرار الغاء العروض الثقافية منذ اشهر.
لأشهر عديدة ظل الفنانون موسيقيون ومسرحيون وفنانون تشكيليين وراقصين ينتظرون انتهاء قرارات الحظر والعودة الى ممارسة نشاطهم الفني المعيشي، وامام طول مدة الانتظار كافأتهم وزارة الشؤون الثقافية بالمماطلة والتسويف وايطال مدة ايداع مستحقاتهم المالية، فاغلب الفنانين لازالوا ينتظرون ان تمنّ عليهم الوزارة وتقوم بخلاصهم في العروض المنجزة قبل قرارات الاغلاق.
«صبوا» هي الكلمة الاكثر تداولا بين الفنانين، هي الكلمة الاكثر تعليقا على الصفحات الرسمية لوزارة الشؤون الثقافية والهياكل والنقابات المعنية متبوعة بكلمة «خلصونا» و«نريد مستحقاتنا المالية» فمعاناة الفنانين طالت الجميع امام تفاقم ازمة الكورونا والاغلاق للقاعات العرض مع صمت وزارة الشؤون الثقافية على الحقوق المادية للفنانين، انتقادات كثيرة توجه بها المبدعون للهياكل المعنية، وجميعهم يريدون معرفة سبب تاخر خلاص العروض الموسيقية والمسرحية ومقتنيات اللوحات التشكيلية فالاصوات متعددة وطريقة التعبير متباينة والهدف واحد: المطالبة بالتسريع في خلاص عروض انتظر اصحابها لاكثر من ستّ اشهر.
انتظارات الفنانين، ومطالبتهم الدؤوبة بحقوقهم تفاعلت معها نقابة الفنانين التشكيليين وكتب نقيبها حسين مصدق «أن تتحول المستحقات المادية للفنانين والناجمة عن عروضهم ومقتنياتهم الإبداعية لدى وزارة الشؤون الثقافية وبحكم تشعب المتدخلين في تصريف هذه المستحقات لمنتفعيها في آجالها القانونية (قوانين الصفقات العمومية) وبحكم البيروقراطية الإدارية المستشرية في عمق الدولة الخفية والتي حولت هذه المستحقات من أدوات التمويل الإبداع والفعل الفني واستمراره وتطويره إلى أدوات لتجويع الفنان والمبدع ليكف عن هواجس الفن وتطوير تجاربه».
ويضيف مصدق «المسألة هنا مغايرة تماما لمبدإ أساسي في التمويل العمومي فأن تحول وزارتنا المحترمة هذه المستحقات لمسالة اجتماعية للفنان وعائلته يكتفي من خلالها لسد ديونه الحياتية اليومية لعائلته فهذا غباء إداري يستبطن عدم وعي بقيمة الابداع، نحن هنا أمام قصر نظر إداري في غياب الإرادة السياسية الثقافية الفاعلة من أجل إنتاج ثقافة وطنية حقيقية تتشابك مصالحها مع بنية السوق الثقافية والتي بدورها ضرورة ملحة لقطاعات استراتيجية بمنظور الخيارات العامة للدولة وعلى رأسها السوق السياحية ومسالكها».
أشهر من البطالة، أشهر من دائرة الفراغ التي يدور داخلها المبدع باحثا عن طريقة لخلاص حقوقه، اشهر من انتظار قرار عودة الانشطة الثقافية وعودة الحياة الى المسارح، اشهر من العدمية دفعت العديد من الشعراء للتعبير عن امتعاضهم من تاخر مستحقاتهم، مطالب وتشكيات واحتجاجات دفعت مدير بيت الشعر احمد شاكر بن ضية لكتابة توضيح يتعلق بثلاث نقاط رئيسية: اولا إنّ إدارة بيت الشعر تتفهّم الاستياء الناجم عن تأخّر صرف المستحقات خاصة في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع الثقافي بسبب الوضع الصحي. وتتقدم بالاعتذار إلى كافة المتضررين رغم أنّها لا تتحمل أية مسؤولية في هذ التأخير، .
وثانيا إنّ إدارة البيت ليس لها أيّ تصرّف مباشر في المسائل المالية وإنّ صرف منح المشاركين يتم عن طريق مركز الفنون والثقافة والآداب «القصر السعيد» في إطار اتفاقية شراكة تشرف على تنفيذها الوزارة، ثالثا أن إدارة البيت أدت واجبها على أكمل وجه، وقدّمت كلّ الوثائق اللاّزمة إلى المؤسسة المعنيّة بالصرف في أقرب الآجال تامة الشروط وجاهزة للتنفيذ.ياة الثقافية،
امتعاض الشعراء واحتجاجاتهم المتكررة لتاخر خلاص مستحقاتهم لا يختلف كثيرا عن امتعاض الكتاب والادباء الذين ينشرون نصوصهم في مجلة الحياة الثقافية، المجلة التي استحسن التونسييون عودة صدورها لرقي مضامينها هي الاخرى تواجه مشكل التصرف المالي المباشر، لان التصرف المالي يعود في الوقت الحالي الى مركز الفنون والثقافة والاداب «القصر السعيد» وتقتصر مهمة المشرفين على المجلة حاليا على تحويل كل معطيات الكتاب وحساباتهم البريدية والبنكية الى ادارة المركز المذكور، كما أن المجلة لا تتحمل أية مسؤولية في الأخطاء التي ترد في أرقام الحسابات ولا في تأخير تنزيل المكافآت ولا في سهو البعض عن تفقد حساباتهم الجارية. وإذ نتفهم استياء قلة قليلة من الكتاب فإننا لا نسمح في المقابل بقلة الاحترام أو بالتشويش على العلاقة القائمة بين المجلة وروادها كما كتب رئيس تحرير مجلة الحياة الثقافية يونس السلطاني.
المسرحيون هم أيضا يحتجون بسبب تأخر خلاص العروض التي أنجزت منذ اشهر، بعض المسرحيين يقتاتون من المسرح ولا يملكون وظيفة أو مهنة أخرى غير الفن فكيف لهم ان يحيوا في ظل البطالة الاجبارية، احتجاجات المسرحيين ونداءاتهم المتكررة بخلاص مستحقاتهم الموجودة في أوراق وزارة الشؤون الثقافية وقسمها المالي تحديدا، وفي علاقة بالمستحقات المالية للفنان كل إدارة تلقي المسؤولية على الادارة الاخرى وكل قسم يقرّ باتمامه للاوراق المطلوبة واتمام عملية جرد العروض لكن لا احد يعلم متى ستخصص المستحقات لاصحابها.
فهل ينتظرون موت المسرحيين جوعا؟ ام يستنزفون الفنان ليصبح خاويا غير قادر على النقاش والابداع؟ ومتى تنتهي الاجراءات البيروقراطية المنهكة للمبدع والتي تقوم على اوراق كثيرة وانتظار اكبر للحصول على مستحقاته المالية «المضحكة» احيانا لضعفها مقارنة بالفعل الابداعي المقدم موسيقيا كان او مسرحيا او تشكيليا فكل الفنانين في وطني يعيشون تحت وطأة الانتظار، انتظارهم لمستحقاتهم كما انتظار «غودو» فهل سيطيلون الانتظار؟ أم أن «غودو» (القسم المالي) أشرف على الوصول؟.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115