عرض «الشاوية» لنضال اليحياوي ضمن مهرجان «باردو فاست»: رحلة حسية في عوالـم الغزل والتراث

اطلقوا العنان للفرح فنحن شعب يستحق الفرحة والحياة، استمتعوا بالاوقات الجميلة والموسيقى التونسية المختلفة، ارحلوا مع موسيقاكم وتراثكم

الى قصص الأجداد وحكايات الجدات واعلنوا ان هنا شعب يقبل على الفرح بكل السبل كما هو الحال مع عرض «الشاوية» الذي عرض ضمن فعاليات مهرجان باردو فاست.
الشاوية كتاب بحثي موسيقي مفتوح، غوص في الموروث الشفوي لجهة سليانة وجبالها، بحث حوله نضال اليحياوي الى عرض موسيقي فرجوي جمع فيه الايقاعات البدوية مع الايقاعات العالمية فكانت الكلمة تونسية والموسيقى عالمية تماهت لتحقيق النشوة الموسيقية.

جنون الموسيقى وصخب المعاني
في دار المسرحي كان اللقاء مع «الشاوية» أعلنت نغمات القيثارة ان موعد الفرحة قد انطلق وأطلق العنان للجنون، قوة ايقاعات الة الدرامز وجنون القيثارة ورقة الناي جميعها تصنع سيمفونية قوية وجميلة تتحد فيها الكلمة التونسية بايقاعات غربية وتونسية، فسيفساء في اللحن واللون الموسيقي والكلمة يبدع نضال اليحياوي في تجميعها في العرض المفعم بالحب والجنون.

دعوة مجانية للسفر، دعوة للحلم والتأمل في جمال تونس وموسيقاها واغانيها التراثية، من سليانة الى جبالها والخط الحدودي مع الجزائر تحضر الموسيقى الشاوية، مزج بين سحر الكلمة وروعة اللحن، دعوة للرقص والتخلص من الم اليومي، رحلة حسية في اغاني العشق والغزل يشرحها اليحياوي جيدا ويقدمها الى الجمهور دون تغيير في الكلمة او تهذيب.
تعلو الايقاعات الراقصة، تصدح الموسيقى ويرقص اليحياوي داعيا جمهوره ان هلموا الى الرقص والفرحة، هلموا الى المتعة التي تصنعها الاغنية التونسية، هلموا لنسيان الواقع والرحيل في خبايا الكلمة الغزلية وسحر المراة عبر الاغنية فالموسيقى سيدة القلوب هي بلسم لشفاء الروح وتهذيب النفس، الموسيقى سيدة المكان ومطية اليحياوي ليكتب احلامه ويحولها الى حقيقة، انطلاقا من حبه للكلمة التراثية ثم التجوال بين ربوع سليانة والاستماع الى اهازيج الجدات واغانيهنّ الشفوية المتناقلة عبر الاجيال، تلك الاغاني ياخذها ويبحث فيها ويعيد توزيعها الموسيقي مع الحفظ على روح اللحن والكلمة، فتجدك امام ايقاعات صاخبة وكلمة تونسية بدوية غزلية ممتعة.

الشاوية عرض تونسي الروحي شمالي الهوى عالمي التوزيع عرض فلسفته الموسيقية بسيطة «كيف ستكون الموسيقى لو كان في ذلك الزمن قيثارة» فالقيثارة تصبح سيدة المكان وسيدة اللحن مع الحفاظ على الالحان الاولى فقط تغيير في التوزيع لتتماهى النوتات الموسيقية في عرض لهجته محلية لكن بالامكان فهمه والتفاعل معه في جل اصقاع البسيطة لان موسيقاه لا تحتاج الى ترجمة، القيثارة تصاحب جميع الالات في ثنائيات موسيقية مميزة وتختلف موسيقاها حسب الالة المقابلة، فايقات القيثارة مع الناي تختلف عن صوتها مع البندير او الطبل او الدرامز، لكل نوتة خصوصيات يعرف اليحياوي كيف يمسك بتفاصيلها وجنونها ليقدم موسيقى عالمية مجنونة تشبهه في تمسكه بتراثه التونسي وايمانه ان ليست للموسيقى حدود وبقدرة الموسيقيين التونسيين على النجاح متى آمنوا بموسيقاهم واحلامهم.

«الشاوية» متعة التجديد دون المس من المعنى الأول
الشاوية مشروع موسيقي يبحث في التراث التونسي، ينفض الغبار عن الكلمة التراثية ويقدمها الى الجمهور، يعرف الفنان الانصات جيدا الى اغاني الجدات، يتلقط الكلمات ويضيفها مسحة من جنونه الموسيقي لتكون بتلك الميزة، الشاوية رحلة بحث في العديد من الاغاني التراثية وتقديمها كما هي فالفنان حافظ على الاغاني بجراة كلماتها وإباحية مشاهدها وكان ناقلا امينا للصورة والمعنى، فكل الاغاني تتغزل بالمراة وتحكي قصصها مع «الخال» (الحبيب) جميع اغاني العرض اما تصف المراة «يا طفلة حمرة الشوارب» في اشارة الى شفاهها الحمراء المغرية كما تقول الاغنية او تصف الخلّ انه «كبير العيلة» وفي اغنية اخرى تنقل الاغنية مشهد اللقاء بين الحبيبن ورغبة المعشوقة في انهاء اللقاء قبل ان يلوح الفجر ويكتشف زوجها غيابها «يا خالي خرخطلي حزامي بالحيلة، يا خالي ازرب سقدني، الفجر لاح من القبلة».

فاليحياوي يحافظ على الكلمة الجريئة والمشاهد دون «تهذيب» كما يدعي بعض الفنانين ممن حوّلوا وجهة التراث وشوهوا مشاهده واغانيه باسم «التهذيب» ووفاء اليحياوي للكلمة الاصلية ينبع من ايمانه بصدق القدامى في نقل مشاعر الحب وصدقهم في وصف المشاعر الحسية التي يحولها بدوره الى ايقاعات موسيقية صاخبة صخب لقاءات العشاق حذو «البير»، وقد اجتهد في صناعة الموسيقى التي تتماهى مع روح الكلمة، فكان الشاوية عرضا تونسيا الروح تراثي الهوى وعالمي الموسيقى، عرض يدفع المتفرج الى الرقص والمتعة والاستماع بالكلمات الغزلية التي قالها الاجداد لحبيباتهم.

«الشاوية» رحلة موسيقية اخرى تجمع شتات الموروث الموسيقي لجهة سليانة، تجربة مختلفة حاول من خلالها نضال اليحياوي ومجموعته الموسيقية تجميع مادة تراثية خام ودراستها وصناعة موسيقى جدييدة لها تتماهى مع روحها الاصلية فحافظ على اللحن الاساسي واضافه مسحة من جنون موسيقى القيثارة وحافظ على الالات التقليدية من ناي وطبلة وبندير مع حضور الدرامز والقيثارة لصناعة فسيفسائه الموسيقية الجميلة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115