احتفالا بعيد المرأة عرض «الغنجة» للعروسي الزبيدي ضمن مهرجان «باردوفاست»: من عمق الصحراء وشموخ الجبال تولد قصص الحب العظيمة

هنّ الكادحات والحالمات، هن باعثات الحياة ومانحات الأمل، هن النساء عماد الجمال والمدافعات عن حقوقهن وأفكارهن، هن اللواتي يسرقن الابتسامة

ويزرعنها في حدائق رغم الوجع والتعب، هنّ الشامخات كما النخيل وفي عيدهنّ احتفلت بهنّ دار المسرحي بباردو بعرض موسيقي تونسي عنوانه «الغنجة».
احتفالات بعيد المرأة الموافق ل13اوت قدم مهرجان باردو فاست بدار المسرحي بباردو عرض «الغنجة» عرض جمع أغاني من الشمال واخرى من الجنوب هو رحلة تراثية موسيقية تنقل قصة حب تكتب بالاغاني، العرض من انجاز وغناء الحكواتي المسرحي العروسي الزبيدي وعازف قصبة محمد الشابي وفي الايقاعات كل من محمد الشواشي وصادق جاب الله ومحمد الصحبي بالليل وأربعتهم قدموا عرضا فرجويا احتفاليا.
تغنّجي فأيامك جميعها أعياد
«الغنجة» هي المرأة التونسية، هي القوية والمثابرة، الغنجة المتمردة وصانعة القرارات، الغنجة صانعة التين والفلاحة والعاملة اليدوية والطبيبة والباحثة، الغنجة سيدة النساء، الغنجة هي الأنثى والأنثى في الأغنية هي الوطن هي الثورة والابتسامة فكل مؤنث جميل، في «الغنجة» وبأسلوبه المميز يحتفي العروسي الزبيدي بالمرأة أمّا وأختا وحبيبة فيغني لها ويتغزل بجمالها الروحي والفكري.
«الغنجة» من الدارجة التونسية وتعني المرأة ذات الدلال والغنج وفي العرض تكون بطلة القصة «فطيمة» ذات دلال وجمال به سرقت لبّ فارس الجريد فكتب في عشقها الكثير من الأغاني، «الغنجة» كلمة تستعمل في اللهجة التونسية للإشارة إلى اختلاف المرأة المتغزل بها عن الأخريات وسحرها الخاص، وتستعمل للإشارة إلى الدلال والبهاء.
الموسيقى التونسية تصدح عاليا في دار المسرحي تعلن عن بداية موعد الفرح فعيد المراة مناسبة لتشرع كل نوافذ الفرح احتفالا بكائن يزرع الحب اينما حلّ، المرأة الشامخة والقوية لها يغني العروسي الزبيدي في عرضه الفرجوي الغنائي، منتقلا بطريقة ذكية بين الحكاية والشعر والغناء وينقل للجمهور قصة عشق جمعة «فطيمة» ابنة شيخ الكاف بالفارس ابن شيخ الجريد، قصة عشق تتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية تحدت الجميع ينقلها الزبيدي بطريقته المميزة.
يستمتع الى ترانيمهن، يتبع أخبارهن وقصصهن ويحول اوجاعهن وحكاياتهن الى عروض فرجوية، يتقن جيدا فن الاستماع، ينصت لما تردده الجدات من قصص العشق، يتتبع إخبار العشاق ويحلل معاني الاغاني المتوارثة ويفكك شيفراتها ليعرف لمن كتبت وكيف؟ هكذا هو العروسي الزبيدي في كل عروضه التي تنطلق من الموروث الشفوي.
في «الغنجة» يجمع تراث الجنوب بالشمال، ينصت لصدق «حمة» ابن الجنوب يطلق العنان لصوت الناي يتتبع خطاه وهو تائه خائف بعد عجزه عن توفير شرط حبيبة القلب «فطيمة» ابنة شيخ الكاف التي تكون الآلات الإيقاعية القوية صوتها الداخلية، رحلة بين الجنوب والشمال يخوضها الزبيدي من خلال الأغاني فالعرض مكون من مجموعة من الأغاني التراثية الجنوبية والشمالية تارة يترنم بحزن الفارس فيقدم تهليلة من تهليلات الجنوب وأحيانا ينصت لنبض المعشوقة فيغني أهزوجة كافية نابضة بالحياة، بين الشمال والجنوب تراث موسيقي مشترك نقله «الهطاية» و العشاق أولئك الذين حولوا قصص حبهم إلى أغان لازالت تغنى إلى اليوم وتتوارثها الأجيال، أغان عن الحزن وأخرى للحب وثالثة عن الوصال وبينها يطلق الزبيدي العنان للسانه الطليق ليقول شعرا غزليا بلهجته الجريدية الجميلة.
من التراث يستلهم الحكواتي ابداعاته
«الغنجة» نقل للموروث الموسيقي شمال-جنوب بكل صدق وأمانة دون محاولة التدخل في معاني الكلمات او الأوصاف المستعملة، نقل للأغنية التراثية دون «تهذيب» كما يقول البعض هي رحلة موسيقية جميلة تتلاحم فيها الأنغام الجنوبية مع الإيقاعات الشمالية، لصناعة ملحمة موسيقية ممتعة تسحر المتفرج وتحمله الى خبايا عالم من العشق تستطيع المرأة من خلاله ان تحطم قيود العادات كما فعلت بطلة الحكاية «فطيمة».
«الغنجة» عرض تونسي الروح والانجاز، عرض يجمع إيقاعات مختلفة هو جزء من مشروع متكامل عمل عليه العروسي الزبيدي منذ سنوات، سبقه عرض «الفزعة طلت» هو الآخر مزج للاغاني التراثية ودمجها مع الحكاية، والزبيدي خريج الفنون المسرحية واختص في الحكاية له اسلوب يميزه في طريقة الحكي يجمع بين القديم والتجديد ويشد انتباه المتفرج بلهجته الجريدية الجميلة الموغلة احيانا في المحلية حدّ دفع المتفرج إلى البحث عن معنى الكلمة او الجملة، الزبيدي متمسك بهويته الصحراوية في اللباس فالكدرون والسروال الفضفاض بلونه الترابي و اللحفة الصحراوية والمخلى المصنوعة من وبر الابل او الماعز بالوانها الجميلة لا تغيب عن الزبيدي واكسوارات العروض تكون بطابع صحراوي يصنع خصوصية للعرض وينقل هوية الزبيدي ونشأته أينما حلّ فيكون لعروضه خصوصية في الحكي واللباس.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115