فالواقع مليء بالتهميش والضيم الثقافي، تهميش قرر المسرحي خبيب العياري ان يثور عليه ويطالب بحق منطقته «وادي الزرقاء» في الثقافة من خلال اعتصامات متكررة كانت آخرها وقفة احتجاجية قام بها صبيحة امس امام مقرّ ولاية باجة مطالبا الولاية بالالتفات الى مطالب ابناء الجهة في «الحق في الثقافة» ويؤكد العياري انه سيرابض امام الولاية وسيتوجه برسائل مفتوحة الى رئيس الجمهورية ووزير الثقافة ووالي باجة مفادها «نريد تفعيل حقّ ابناء الهامش في الثقافة، آمنا بلا مركزية الثقافة فجوبهنا بالتهميش».
«سنكمل الطريق نحو الهدف، ولو زحفا على الأشواك، لن نستسلم، ننتصر او نموت» بهذه الكلمات يعبر الفنان خبيب العياري عن تمسكه بالدفاع عن حق وادي الزرقاء من ولاية باجة في الثقافة وهو صاحب فضاء «ارسطوفانيس» الخاص بوادي الزرقاء يرابط منذ الامس امام مقر ولاية باجة في وقفة احتجاجية فنية مختلفة، يلبس زيّ المهرج بألوانه الجميلة ويضع في رقبته حبلا سميكا وكأنه يشير الى اختناق الفنان في وطنه، فحبل التهميش والنكران لا يختلفان عن حبل المشنقة كلاهما يقتل الامل والحلم، امام مقر الولاية وفي يوم صيفي حار لازال العياري متمسكا بحق ابناء مدينته وأبناء القرى المجاورة في الثقافة، لم يمنعه الحرّ من المواصلة والاحتجاج حاملا معه شهائده العلمية وسيرة ذاتية فنية مع الكثير من الشعارات المكتوبة بخط اليد وجميعها تطالب بحق المناطق الداخلية في الثقافة والفعل الابداعي.
«انا فنان مضطهد» اولى الشعارات المرفوعة امام سور ولاية باجة، هي صرخة فنان يحلم بالتمييز الإيجابي، مسرحي مشاكس يريد تطبيق شعار لا مركزية الثقافة، فنان يؤمن بأن لأبناء الريف القدرة على التحليق في سماوات الابداع متى سنحت لهم الفرصة، صرخة وجع واضطهاد يطلقها فنان خبر معنى التهميش وعرف جيدا كيف تؤثر الثقافة ايجابيا في الاطفال وتشجعهم على النجاح وتجربة النوادي في فضاء «ارسطوفانيس» كانت خير دليل على ذلك»، في نداءاته يطلب العياري من السلطة الجهوية في ولاية وباجة ممثلة في الوالي والسلطة المركزية متمثلة في وزير الشؤون الثقافية بالتدخل لفائدة اطفال وادي الزرقاء ووادي زيتون وتوكابر والجديدي ليتمتع هؤلاء الاطفال بحقهم الدستوري في الثقافة.
لـ«المغرب» يقول العياري «هل أن الحلم ذنبنا؟ هل اذنبنا حين اردنا التمتع بقيم المواطنة؟ هل اذنب هؤلاء الاطفال لان الجغرافيا ظلمتهم؟ اي ذنب ارتكبناه حين اردنا تحقيق القليل من احلامنا في قرانا واريافنا؟ ما ذنب هؤلاء البراعم لنتركهم يتخبطون في التهميش ونتركهم وننجز مشاريعنا في المركز؟ عملت لأعوام في العاصمة لكن حان الوقت لأتشارك وأطفال باجة القليل من الاحلام، فلهؤلاء الاطفال الحق في الفرجة المسرحية و الماريونات والموسيقى وسنعمل لنوفر لهم مساحة من الحلم» ويضيف «حين قررنا خوض تجربة انجاز فضاء ثقافي خاص في وادي الزرقاء تخوّفنا لكن اقبال الاطفال بأعداد مرتفعة كان يفوق طاقة استيعاب الفضاء انذاك شجّعنا، اطفالنا يحتاجون لجرعات من الابداع، اطفالنا يحتاجون لمساحة للتعبير، كفانا تهميشا وكفانا انتظارا للموت تحت الجدران او انتظار فرصة الذهاب الى العاصمة لممارسة الفن، اطفال وادي الزرقاء رأيت منهم العجب حين وفرنا لهم فرصة للورشات، كلما ارى لهفة في عيونهم اشعر بوخزة خوف وأتساءل ما ذنبهم ليحرموا من حقوقهم الاساسية؟».
على عتبات باجة تقبر الاحلام هكذا يقول العياري مضيفا «الولاية تمنع عنا خربة» والخربة هنا هي «المستوصف» المحلي الفارغ منذ عشرة اعوام بمنطقة وادي الزرقاء، هو عبارة عن خربة خاوية منذ اعوام طالب بها العياري لتصبح فضاء ثقافيا خاصا وموقعها جدّ استراتيجي توجد قرب الروضة وحذو المدرسة الابتدائية ومساحتها جدّ محترمة وقد توجه بطلب لتخصيصها كفضاء ثقافي لكن الطلب الى حدّ الساعة لم تتم الاجابة عنه بالرفض او القبول، ومنذ عام ظلّ صاحب فضاء ارسطوفانيس في رحلات ادارية لايجاد صيغة لكراء الخربة المهجورة وقد حضّر المسرحي ملفا كاملا ومشروعا متكاملا بخصوص الفضاء المنشود، فالمستوصف المهجور الذي بات وكرا للنفايات أراد تحويله الى فضاء ثقافي يتسع لـ 700متفرج الى جانب مدرسة لفنون السيرك وبرنامج نموذجي بالشراكة مع المدرسة الابتدائية المجاورة مع برنامج خاص بأطفال الارياف المهمشة ثقافيا عبر تدخلات دورية ويؤكد العياري ان المشروع المقدم مصحوب برسالة من وزير الشؤون الثقافية لكن الولاية الى حدّ اليوم تمارس سياسة «التسويف» فهل أنه على عتبات «فاغا» مطمورة الخير تقبر الاحلام؟
و«ارسطوفانيس» فضاء ثقافي خاص في منطقة وادي الزرقاء رغم الامكانيات المحدودة فأنشطة الفضاء تشع على أرياف الجهة وتوفر للأطفال ورشات في الفنون التشكيلية والمسرح والموسيقى والسينما مع تظاهرات ينظمها الفضاء، الاطفال يتمتعون بالنوادي مجانا «همشتهم الدولة فهل نحرمهم نحن ايضا من حقهم باسم المال» كما يقول العياري، «ارسطوفانيس» قنديل امل للكثير من الاطفال الذين ظلمتهم الجغرافيا اليهم يحمل العياري ورفاقه شعلة امل ومحبّة ليشاركونهم القليل من الحلم، فهل ستقف بيروقراطية الادارة وسياسة التسويف عائقا امام الرغبة في الابداع؟
المسرحي خبيب العياري مرابضا أمام ولاية باجة: نريد حقّ أبنائنا في الثقافة، كفانا تهميشا وإقصاء» ...
- بقلم مفيدة خليل
- 11:20 07/08/2021
- 777 عدد المشاهدات
الحق في الثقافة حق دستوري، الثقافة من الحقوق الاساسية ومن الضروري ان يتمتع بها كل التونسيين هكذا تقول المواثيق والدساتير، لكن الواقع غير ذلك