الأعمال التشكيلية للرسامة شهلة سومر: «دهشة مندفقة من الحياة تهيم بأرض اللون»

تلاعب الألوان والاشكال، ترسم كطفلة صغيرة تخلط الالوان وتنفث فيها من روحها، تكون امام الالوان كعشتار رمز للخصوبة والابداع وتتحول احيانا

الى مارد ضخم يطوّع الشكل واللون بكل تنقاضاته ليكون بهيا جميلا، الرسامة التونسية عاشقة الفن والاختلاف شهلة سومر من الفنانات الحالمات الباحثات عن مسار فني يشبههّن إلى حدّ التماس، رسامة متمردة تتماهى مع الوانها وتسبح في مداد الازرق وتهيم في اشكال النساء فترسمهنّ بكل حرية وإيداع، فنانة تشكيلية لها عوالمها الفنية المتجانسة مع افكار الحرية و الامتداد.

تونسية تؤمن انّ الفن سلاح للدفاع على الوجود. و الخلق دأب الفنانين، ملاك هو من يضع على جدار الحياة الواهي لونا او ضوءا اوقصيدة، هكذا تصبح الخواتيم بدايات، عندما نزرع في رحم الفناء زهرة فالفنّ عندها مطية للحياة وسبيل للحلم واثبات الذات، الفن ليس للعب او ملء الفراغات بل صراع لاجل اثبات الذات وترك بصمة في صفحات التاريخ.

الازرق امتداد للحب والنقاء
في سحر الازرق تبحر، تدعوك شهلة سومر لتغمض عينيك وتتامل اللوحة طويلا لترحل الى عوالمها، الازرق بتموجاته يحر في اغلب اعمالها، الازرق لون الماء والسماء وبينهما تبدع شهلة سومر في صناعة الحلم وتحويله الى اعمال تشكيلية، عن احدى لوحاتها الموشّاة ببهاء الازرق تكتب الفنانة « الماءُ، سماء. قطراتُ الماء،حياةٌ تتأنّى،تُليّن زخّاتِ القدر، و تروي حوادثَ السّنين، غدا ستُمطر الأيُام ماءً، مطرًا وبحرا وعيونا، كلّها شواردُ السّاعات و سُيول الحنين، كلّها،و مدى ومتى أمطرت،ستُصبح عناوين، عناوين قطراتٍ من ذلك الماء».

هي عناوين للوحات تشكيلية تشد انتباه متابعيها، رسم للحلم وابحار في عالم الالوان انطلاقا من سحر الازرق وغموضه، لشهلة سومر علاقة جدّ خاصة مع اللون الازرق تقريبا يحضر في اغلب الاعمال، تنحاز الى امتداده وغموضه، ترسمه بشغف طفلة وشوقها الى البحر والرحيل تشاكسه كطفلة تراقب النجوم ليلا وتحاول امساكها نجوم سماوية تحولها سومر بريشتها المميزة الى اعمال تشكيلية مليئة بالرسائل والمعاني، رسائل للحلم والحب، شيفرات لحب الوطن والاهتمام بكل تفاصيله فالوطن جميل كما البحر ومغر كما السماء وبهيّ بهاء اللون الازرق على اللوحة.

تغريك الفنانة بمزيد مشاهدة لوحاتها، في استعمال الازرق سحر يجذبك الى العمل، تمحو القوى العقلية والتفكير امام طاقة الجذب في العمل، الازرق مدادها وسلاحها تطوعه كما يطوّع الطفل العابه، الازرق الذي ترسمه شهلة سومر كتبت عنه الفنانة التشكيلية والخزافة عواطف منصور «عندما وطأت قدماي لون اللازرد، قلب أوزيريس آلكأس فأصبحت آلسّماء ماء، تجلّى لي وشاح مريم آلعذراء بزرقة متدفقه، ملأت كأسا من آلأثير، صفت آلروح و طفت، فتحت أجنحتها تحت قبّة السماء الحارسة أبتعد عنّي ظلّي، رسمته أزرقا فعاد إليّ مُخلصا مثل الحقيقة لصاحبها تنهّد الناي و ذرف أزرقا أثيريا، تيمته العشق، تدفّق كسائل مُراقٍ على الروح تحرّكه غيمة..أساله أتراني؟..فيختفي، يجذبني إليه من الظلمة فيصبح نورا كريح مقدس، كمعبد صوفي و كضريح للكلمة سألت الملائكة ما الأزرق؟ صمت،و في عينيها اللازوردية حدثني حدسي إنه آلكشف! تجلّى لي آلأزرق ببهاء ورفعة..آستوى على عرش آلمحبة...والنّقاء» وشهلة سومر ترسم المحبّة وتطوعها لتصبع عملا فنياّ مبهرا.

الفن نور وقيم جمالية
ترسم بكل الحب، الفن عندها سلاحها لتبدع وتقاوم بالرسم تدافع عن وطنها وحقوق المرأة فشهلة سومر منحازة للنساء تدافع عنهنّ ترسمهنّ في الجمل صورة وتكون الالوان والخطوط في بعض الاعمال التجريدية وسيلتها لتنقد واقع المرأة وتدعو الى الاصلاح، ترسم بشغف وتؤمن ان الفنّ رسالة والفنان كما النبيّ له رسائله ومن الواجب تبليغها واولها الدفاع عن الانسان وقيم الحرية الكونية.
الفن فعل مقدس والرسم كما النبش في اثار القدامى هو بحث عن كنوز جمالية وحده الفنان يعرف مكامنها، حين تتحدث عن الرسم تقول بلسان الرومي:
أما أنا فطريقى انت
أنت الطريق
وانت العارف بالطريق
أنت الدليل
وأنت العشق كل العشق..

شهلة سومر فنانة تشكيلية ونحاتة تونسية تدافع عن المرأة التونسية وعن حقوقها وحريتها، فنانة جريئة في اعمالها تنتصر للمرأة وتراها ثورة، ترسم لها الكثير من الاعمال التي تشارك بها في معارض خارج تونس لتخبر العالم انّ المرأة التونسية شعلة من الابداع لها القدرة على تجاوز الممكن وصناعة مسار فني وحقوقي مختلف، في اعمالها الموجهة للمراة تستعمل عادة اللون الاحمر والاخضر مع الكثير من الرموز وكأنها تشرك متأمل اللوحة في عملية فك الشيفرات فيكون الابداع ذا ملامح متعددة تجمع بين الرسام والجمهور

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115