تتقن الانتقال من موضوع الى آخر وتصنع عالما تشكيليا تبث فيه من روحها الكثير من الحبّ، تتقن ترويض الألوان ودمجها وحركات الرسم عندها كطفلة تلاعب عروستها واوراقها البيضاء.
دليلة ايوب الفنانة التشكيلية سكنتها تونسها فرسمتها، ابهرت بحضارتها فرسمت اعمدة قرطاج وقباب المدينة العتيقة، احبت التفاصيل فحولتها الى اعمال ابداعية تركز على ملامح المرأة وتنطلق من جمالها لتكون لوحاتها كما السفرة بين المدن والافكار والوجوه.
النساء ساكنات اللوحة وباعثات الجمال
تبهرك الالوان، تحمل متأملها الى عالم من المتعة الخاصة، تتقن الفنانة المزج بين الالوان المختلفة وتتقن جيدا توزيعها لتكون اللوحة متناسقة مبنى وشكلا، النساء سيدات الارض اليهنّ تنتصر في اعمالها التشكيلية، اليهنّ تسند اجمل الالوان واكثرها زهوّا وكانها تخبر مشاهدي اللوحات ان النساء هنّ مانحات الامل والجمال.
المرأة بخصوصياتها واختلافاتها ترسمها دليلة ايوب، المراة التقليدية بوشمها ولباسها القديم والاخرى العصرية بخصلات شعر متحررة تعاند الرياح، تلك الراقصة رشيقة الحركات والسيدة المفكرة كلها نماذج ترسمها دليلة ايوب، هي لا تنتمي الى مدرسة معينة فقط تنتصر إلى المرأة باللون والريشة، تنتصر لنساء هذا الوطن الكادحات والحالمات، في اعمالها التشكيلية صغيرة الحجم والكبيرة تعتمد عيى تقنيات مختلفة منها الرسم الزيتي والتلصيق وتمزج الالوان الداكنة مع الاخرى الهادئة لتقدم نظرتها الخاصة في لوحات تشبهها، في اعمالها تبث القليل من روحها ترسم ما تخفيه داخلها من جمال وتنقله الى عمل تشكيلي يشد الانظار.
تحمل الريشة صاحبتها الى الذاكرة، تعود الى قصص الجدات وحكاياتهنّ فترسم المرأة البدوية بلباسها المميزة ألوانها المبهرة، لوحة مشحونة بالتفاصيل تزينها ضحكة المرأة المرسومة بملامح قمحية تشبه سمرة الارض في اللوحة امتداد بين المرأة والارض فكلاهما عنوان للخصوبة والحياة، نظرات جميلة ووشم على اليد والجبين، صورة للجدات اللواتي كنّ يتسابقن في وضع الوشم ولكل وشم قصة وتفسير، من الذاكرة الجماعية استلهمت الفنانة لوحتها وجمعت شظايا الصور في لوحة تشكيلية عنوانها الحب.
بهية تونس بالوانها، جميلة هي هذه الارض التي شرعت ابوابها للحضارات، الى الجبال بلباس نسوتها المميز ترحل ريشة دليلة ايوب، تروّض الالوان جيدا تحدث تناسقا ممتعا بين حركة الخطّ واللون، المراة التونسية الامازيغية بلباسها الموشى بالالوان تتقن تجسيدها على اللوحة لتبدو وكانها حقيقة وليست رسما، «التخليلة» البنفسجية اللون، و»التقريطة» بألوانها و «البخنوق» الساحر والحلي التقليدي كلها تنبثق من خانة التراث والذاكرة لتحييها الرسامة وكانها تدافع عن هوية تونسية تجسدت في لباس خاص تلبسه المراة الريفية، لباس يعدّ جزءا من الهوية وتراث وجب الدفاع عنه ودليلة ايوب تدافع عن تراثها بالرسم.
هي فينوس الهة الجمال، او ربما الام «غايا» سيدة الارض، هي الفكرة المتمردة والضحكة التي لا تعرف باب الخجل، حبيبة «انزر» ملك السماء وملهة «باخوس» هي ابنة» بعل حمون» من روح عشتار اخذت الجمال وتلبست بحكمة تانيت وقوتها فكانت المراة التونسية فكرة متمردة يصعب ترويضها، محبة للعلم ومقبلة على العمل، تمنح الحياة وتهب البهاء والصدق هكذا هي المرأة في لوحات تونسية حرة وحالمة، فنانة تشكيلية احبت نساء وطنها فرسمتهنّ بكل الالوان.
الرسم سفر بين المبنى والمعنى
سحرها الوطن فحولته الى اعمال تشكيلية، سحرتها حضارة قرطاج وتاريخها فاستلهمت منها العديد من الرسومات، ابهرتها المدينة العتيقة وجمال عمارتها فحولتها الى ايقونات فنية، سكنها جبل بوقرنين بامتداه فاخذت منه تيمة الطبيعة لترسم، مواضيع مختلفة من المراة الى العمارة الى الطبيعة لكن جميعها تشترك في نقطة واحدة هي تونس الثرية والغنية بطبيعة لا مثيل لها وعمارة ضاربة في التاريخ.
تتناسق الالوان، تتحول القباب البيضاء الى تيمة تشكيلية تزيدها الفنانة الكثير من الالوان خاصة الزهري والازرق السماوي لونان يدلان على الانفتاح والامتداد، من عمارة قرطاج القديمة اخذت بعض الاشكال لتضعها على لوحاتها التشكيلية فتبدو اعمدة البنايات القديمة بلونها البني المميز بارزة للعيان متقاطعة مع اشكال هندسية ومعمارية حديثة كانّ الفنانة تقول ان الحاضر هو مواصلة للماضي جمال اليوم منبثق من سحر الماضي، تفتح ابواب الذاكرة لترحل الى قرطاج ومنها كل الحضارات التي مرت على هذا الوطن الصغير فتأخذ تفاصيله وتوزعها على اعمالها التشكيلية، فهي مسكونة بوطنها وجماله وتاريخه تريد حفظه في اعمالها وكانها تبثّ جزءا من روحها في كل لوحة وتخبر مشاهدها انها تونسية إلى حدّ التماس.
الأعمال التشكيلية لدليلة أيوب: متعة السفر وامتداد اللون
- بقلم مفيدة خليل
- 10:25 14/07/2021
- 1307 عدد المشاهدات
تصنع عوالمها التشكيلية، تختزن في ذاكرتها الكثير من المشاهد فتحولها الى ألوان متناسقة وترسمها بمهارة طفل وشغف عاشقة،