في مدينة المكناسي جاءت إلى هذه الحياة في مطلع السبعينات وفيها تلقت تعليمها الإبتدائي والثانوي. وفي كلية الآداب بصفاقس ثم بكلية الآداب 9 أفريل بالعاصمة واصلت تعليمها العالي. وبعد التخرج امتهنت التدريس والعمل الصحفي وهي تخوض تجارب أدبية متنوّعة.
• كيف جئت الى عالم الأدب؟
جئت من مكتبة والدي ،من عرق الظهيرة التي كنت ارفض وأنا طفلة ان انام بها واختلي بكتب الفقه والسنة النبوية،قرأت لطه حسين ،نجيب محفوظ ،العقاد ،يوسف تدريس احمد شوقي ،المنفلوطي،ومخائيل نعيمة وتوفيق الحكيم.. وانا مازلت طفلة لم تتجاوز الثالثة عشر .في سن الخامسة عشرة بدأت انشر في الصفحات الأدبية للجرائد ومع المسعدي في الباكالوريا كان مولد الوعي وبدأ اهتمامي بالأدب العالمي بعدها وتوسعت قراءاتي وتنوعت لتخلق مني كاتبة عارفة أي اني استفدت من معارفي النظرية في النقد الأدبي في ممارسة الكتابة لذلك نوعت في الاساليب في اصداراتي واشتغلت على تطبيق التقنيات الاسلوبية على تنوعها بنصوصي رغبة مني في دمج النظري بالتطبيقي وجعله واقعا أدبيا .
• ماذا يمكن ان نعرف عن اصداراتك؟
اول ديوان اصدرته كان «عاشق النرد» جمعت فيه قصائدي النثرية التي كتبتها في فترة اتقاد فكري وروحي نصوصه كان جوهرها الذات الإنسانية التي تبحث عن مرتبتها ما بين المادة والجوهر الخالص ثم كتاب نقدي النقد الأدبي واقعا وآفاقا وقد جمعت فيه مقالات نقدية تجمع بين النظرية والتطبيق ،ثم ديوان عمودي جمرات في عمق المعنى كتبته لاثبت ان كاتب قصيدة النثر قادر على على التجديف جيدا في بحور الشعر ،ثم متتاليتي القصصية المدن الضيقة التي عدت فيها للقص القصير وأعدته الى التيمة الرئيسية للقصة وهي الحكاية لكن بأسلوب مستحدث مبتدع جمع بين الشعرية وحلاوة الحكي وقيمة القضية المتناولة مستخدمة جل اساليب الحديثة في القصة القصيرة.
• أنت تكتبين القصة والشعر أيهما الأقرب إليك ؟
أنا عاشقة للغة والخيال ،بهما تتم عملية الخلق ،لا يعنيني تجنيس النص اذا سلمنا بأن الكتابة فعل تمارسه ذات خلاقة واللغة أداتها ،يعنيني كثيرا ان أنهي فترة «الحمل» الفكري والوجداني بولادة طبيعية لا قيصرية ليأتي المولود كما اشتهي فيمنح روحي سلامها المنشود ،انا أبحث في الكتابة عن حياة اخرى تشعرني بالسلام المفقود بواقعنا ،أكتب ما يجنح إليه خيالي الذي يرى ما لا تراه عيني فيكون النص ثم يأتي مسماه .لكني أشير الى ان القصة والشعر يتداخلان والنص الناجح هو الذي يجبرك على تذوق جماليته وأنا أبحث عن الجمال في عالمي واكتبه سردا وشعرا عله يُسكنني كونَه ويستقر بي .
• في كتاباتك الشعرية والنثرية ما هي أهم القضايا التي قمت بمعالجتها؟
طبعا الإنسانية ،انا أبحث عن انسانيتي وانسانية من حولي ،نحن مغتربون عن انسانيتنا وادركت بعد سنوات من البحث في ماهية الخلق وجوهر الخلافة وروحانيات الفرد ،اننا نشقى بابتعادنا عن الروح ،لذلك كتبت الروح ،الروح عندي هي الجوهر الخالص للإنسان واكاد اتجرد من طيني حين أكتب ،قلت أكاد لاني لم أنجح بعد في الانفصال ولم أكتب النص الصوفي الخالص ولكني اوجدت الإنسان كما ينبغي له ان يكون في كتاباتي .
• قصيدة النثر هناك من يرى ان من يكتبونها يستعملون نفس الطريقة ما رأيك ؟
لابد اولا ان نحدد من هم كتاب قصيدة النثر ؟نستثني كتاب الفيسبوك الذي يصح فيهم ما قال نور الدين صمود «جاء من جماعة عجزو عن التعبير فطالبوا بالتغيير» فالقصيدة لها ضوابطها وقواعدها التي تفوق قواعد العروض فبحور الشعر وتفعيلاته معروفة لا تتغير ولا تتجدد وقصيدة النثر تعيش على التحديث اسلوبا ومضمونا فهي كالنهر الجاري اذا قبل بالركود يتحول الى مستنقع آسن .شعراء النثر بتونس ادركوا هذا فهم أصحاب فكر يكتبون الفكرة والإنسان وانسان ما بعد 2011 ليس هو نفسه ما قبلها و قد واكب شعراؤنا حركات التجديد في القصيدة النثرية بإدراك و وعي معرفي، لذلك أرى ان لدينا خيرة شعراء النثر بالوطن العربي وسنة 2011 شهدت تأسيس حركة نص على يد مجموعة من شعراء قصيدة النثر الذين آمنو بضرورة تطوير هذا الجنس الأدبي والتزموا بالابداع فيه .اقولها على مسؤوليتي شعراء النثر بتونس هم صناع قصيدة النثر على المستوى العربي وهم لها لحافظون والاسماء عديدة ،فضيلة الشابي ،فاطمة بن فضيلة ،يوسف خديم الله ،عبد الفاتح بن حمودة،أمال موسى ،عبد الواحد السويح،مراد عمدوني ،امامة الزاير،محمد بوحوش ،سامية ساسي ،السيد التوي ....
• كيف يبدو لك المشهد الأدبي بعد 2011؟
رغم كل الصعوبات والوضع الإقتصادي السيء فإن الكساد لم ينل من كتابنا ولا من شعرائنا .العشرية الاخيرة برزت فيها اسماء كبيرة ونضجت تجارب متعددة وفرض الأدب التونسي نجاحاته رغم تقصير الدولة وعدم إيلائها اهتماما بالثقافة ،الكتاب يختنقون لكنهم صامدون في إصرار شبيه بإصرار الجندي الذي يخرج للدفاع عن الوطن وهو يعلم جيدا انه قد لا يعود، كذلك كتابنا هم أصحاب رسالة تنويرية ويرفضون التسليم للجهل والظلام .
• أنت ناقدة ولك إصدار مهم في هذا المجال هل تعتقدين أن الحركة النقدية مواكبة الآن للزخم الروائي خاصة والإنتاج الأدبي عامة ؟
لا..مازال النقد رهينة الأهواء ،النقد الذي يمارس خارج البحوث الأكاديمية يخضع لاعتبارات شخصية ويتداخل فيه الذاتي بالموضوعي ولن يتطور النقد الأدبي الا اذا استند الى العلم واعتمد التطبيق لكن أهل العلم يتعالون عن الكتاب ولا ينزلون بالنقد إلى الواقع ويكتفون ببحوث الجامعة التي لا تعتبر نقدا بل دراسات أكاديمية بهدف البحث العالمي أو كمحاضرات ضمن المناهج التعليمية ، بعد توفيق بكار الذي ارسى قواعد النقد على منصة التطبيق والتشريح هناك نقاد كمحمد الصالح بن عمر عملوا على انجاز مقاربات نقدية لنصوص تونسية وقربت النقد من المتلقي العادي والمهتم بالشأن الأدبي لكن ليس بالقدر الكافي الذي يواكب الاصدارات المهمة في السنوات الاخيرة . بهذا فإن الحركة النقدية بتونس لا ترقى الى مستوى تطلعات الكتاب الذين يعملون وفقا لبوصلتهم واجتهادهم الخاص في ظل غياب النقد.
حاورها: الحبيب بن فضيلة