وذلك من منطلق اعتبار المسرح فنا غير صاخب ومن الممكن خلال تقديم عروض الفن الرابع ضمان تطبيق البروتوكولات الصحية وخاصة من حيث التباعد الجسدي على عكس العروض الموسيقية التي ينتج عنها التفاعل الجماهيري من خلال التواصل مع العرض عبر الرقص.
وفي هذا الاطار سيكون للعمل الدرامي الجديد «الجولة الاخيرة» والذي انتهى الممثل منير العلوي والمخرج حاتم الحشيشة مؤخرا من وضع لمساته الأخيرة كعمل يندرج ضمن المونودراما الجديدة لجعله يحضر في المهرجانات الصيفية حيث انطلق الترويج له وتسويقه عبر شركة اوبرا للانتاج الفني وفي ادارة للفنانة حنان عبيد.
وقد شارك في هذا العمل كل من عبد الحفيظ حساينية في كتابة النص و أويس الهرابي في التوظيب العام و عبد المنعم خشلوف في تصميم الاضاءة وصلاح الدين علولو في توظيب الركح وأحمد الخليفي في تصميم الفيديو و عادل بن عمر في تلحين الاغاني التي كتب كلماتها واداها الممثل منير العلوي ووزعها أشرف الميلادي وفائزة البرهومي في التوثيق.
وتدور احداث المسرحية حول «الزّيتوني» وهو شخصيّة نعرفها وتعرفنا فهو يعيش بيننا وقد يكون من أقاربك أو من أصدقائك شخصيّة تعيش غربة في وطن وهبه كلّ أحلامه وبالنسبة للممثل الذي يتقمص هذه الشخصية وعديد الشخصيات الاخرى فهو الفنان منير العلوي والذي قال عنه مخرج العمل حاتم الحشيشة» لقد سبق أنّ تعاملت معه في عديد الأعمال مثل «بين البينين» أو «بين قوسين» أو «العمالقة تحكم المدينة» هو فنان يمتلك طاقة رهيبة وله إحساس مرهف و قادر على الإضحاك وبعث عديد الأحاسيس لدى الجمهور فتكوينه المسرحي وخبرته فوق الرّكح التي تفوق ثلاث عقود يجعلانه قادر على تقمّص الأدوار المركّبة تراجيديّة كانت أو كوميديّة إضافة إلى قدرته على الغناء ولا نقصد هنا الطرب بقدر ما يعنينا الصّوت الذي يتماهي مع الشّخصيّة والوضعيّة الدّراميّة فالغناء في المسرح يختلف عن الغناء من أجل الغناء لذلك وجدنا في توظيف هذه الأغاني إثراء لأبعاد الشّخصيّات التي سوف يؤدّيها منير فليس من السّهل التحّول من شخصيّة إلى أخرى في مسرحيّة «الممثّل الواحد» المونودراما وهو قالب مسرحي يعتمد حبكة الأحداث و تصاعدها بما فيها من عمق في المضمون بعيدا عن الإضحاك السّطحي والمجاني».
جدير بالذكر ان المونودراما هي شكل من أشكال المسرح التجريبي توضحت معالمها خلال القرن العشرين، والمونودراما هي مشهد طويل يقدم خلاله البطل الواحد نصه من أجل إيصال رسالة مسرحية معينة. قد يستعين البطل بعدد من الممثلين ولكن لابد أن يبقوا صامتين، وأن يظل هو الوحيد صاحب الحق في الكلام.
ويعود تاريخ المونودراما إلى المسرحي الألماني «جوهان كريستيانابراندز» في سنوات 1775 إلى 1780 حيث قدم أولى محاولاته وفق هذا الشكل الجديد، لكن الرواج الحقيقي كان في فرنسا سنة 1760 بفضل نص جان جاك روسو «جماليون» بعد ذلك كتب تشيخوف نصه الشهير «مضار التبغ»، بعد الحرب العالمية الثانية كانت انطلاقة ثانية جيدة للمونودراما، بالتركيز على كل تبعات الحرب من مشاكل نفسية وعصبية.. لكن المونودراما في الأساس لم تبتعد كثيرا عن الشكل المسرحي اليوناني الذي كان يجبر الممثل المسرحي على الانتقال من مرحلة السرد إلى مرحلة التمثيل، كذلك هناك الكثير من التأثيرات التي صاحبت هذا النوع المسرحي على غرار الحركة الرومانسية والسريالية والوجودية والعبثية. وأهم ما كان يميز المونودراما هو الاشتغال الكثيف على الجودة اللغوية والبلاغية. ولكن المونولوج هو الذي يأخذ الحيز الأكبر.
وتعيش الكوميديا بشكل عام على هامش ما، وربما بدأت أصوات جديدة بتسلق سلم الضحك من خلال الستاند أب والوان مان شو لكن لا علاقة لها بالموندراما.
جدير بالذكر ان شركة اوبرا للانتاج الفني التي تديرها الاستاذة حنان عبيد أنتجت عديد الاعمال لعل ابرزها مسرحية «بين قوسين» بطولة سفيان الداهش وسامي المزغني نص واخراج حاتم الحشيشة، وكذلك مسرحية «معا نعيش» بطولة كل من منصف الوكيل، نتيجة عزري حراث ،نجم الدين بلغيث، ناجح بن محمود، حنان عبيد، أمير بالاسود ومنير المثلوثي موجهة للأطفال نص واخراج حاتم الحشيشة، الشركة تتأنى في إختيار الأعمال لا يهمها الكم على قدر ما يهمها الكيف وتراهن حاليا على مسرحية «الجولة الاخيرة» في بلوغ مضامينها للمتلقي بطرح مغاير عن المألوف في الساحة.