بيت الرواية.. توقيع رواية «نازلة دار الأكابر» للروائية أميرة غنيم: نعيش اليوم انقسام التونسيين في فترة الثلاثينات

مسكونة بحبّ قرائها، محمّلة بمشاعر الاعجاب بما كتبته ورحلة روائية جميلة خاضت رحابها صحبة معجبيها جاءت الى بيت الرواية مصحوبة

بنازلتها التي شغلت القراء لاشهر طويلة ولازالت الرواية محور للنقاش بين محبي الكتب في تونس، صاحبة نازلة دار الاكابر اجتمعت بقرائها في رحاب فضاء تحت السور.
فضمن برمجته الخاصة بتوقيعات راعي النجوم، نظّم بيت الرواية لقاء لتقديم وتوقيع رواية «نازلة دار الأكابر» للروائية أميرة غنيم، وذلك يوم الأربعاء 23 جوان 2021 بنادي «أحنا» تحت السور بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي.
من فكرة كتابة مقال علمي ولدت الرواية التي شغلت القراء «كنت اكتب مقالا عن المساواة في الميراث لمجلة علمية اكاديمية وبالضرورة كانت العودة الى كتابات الطاهر الحداد ضرورية، حينها لمعت بخاطري فكرة لم لا اتخيل حبيبة للحداد واكتب عنها ومنها اعود الى فترة حرجة من تاريخ تونس» من هنا ولدت الرواية التي جعلت كاتبتها المصلح الطاهر الحداد شخصية روائية واخترعت له حبيبة متخيلة «للة زبيدة» اذ «وجدت في ديوانه الشعري مجموعة من الابيات موجهة الى الجماعة، لكن بقراءتها فهمت انّ المعني امراة، فقررت ان تكون زبيدة» وصنعت الحكاية ونسجت قصة الحبّ الجميلة التي تابعها القراء.
«نازلة دار الاكابر» الابنة المدللة لاميرة غنيم، تخمرت في ذهنها ورافقتها لتسعة اشهر كاملة تماما كجنين تكون في رحم امه ليولد بهيا وجميلا ينسيها تعب الحمل والولادة، كذلك ولدت الرواية في طبعة انيقة واسلوب ممتع شغلت قرائها في تونس وترشحت لجائزة «البوكر»، الرواية الحدث المشحونة بالحب جعلت صاحبتها من شخص تاريخي حقيـقي شخصــية روائية، فالحداد في الرواية «نسمع عنه اكثر مما نسمع منه» اذ لم تفسح له الكاتبة الكلمة ولم تعطه مساحة كبقية الشخصيات لانها لم ترغب في طمس بقية ملامح الشخصيات الناطقة بحقائقها، فلو تحدث الحداد لنسف ما قاله الاخرين وفي خضم المتعة الروائية الجامعة بين التاريخي والمتخيل يسافر محبي الحداد متتبعين خطو قصة حبه مع زبيدة الرصّاع، والكاتبة تعيد البريق لرمز وطني لأننا نعاني من هفوت العلاقة بيننا ورموزنا الوطنية كما قالت غنيم.
.في روايتها تترك الفرصة لكل الشخصيات لتتحدث فالحقيقة نسبية وكل يراها من وجهة نظره، كل الشخصيات رمادية مسكونة بالخير والشر كلها باحت بالحقيقة كما شاهدت والغاية اتاحة الفرصة للجميع ليعبر عن وجهة نظره كما قالت الروائية.
«نازلة دار الأكابر» صدرت لأوّل مرة عام 2020 عن دار مسعى في البحرين، ودخلت في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية «جائزة البوكر العربية» لعام 2021، تعيدنا الرواية إلى الحياة في تونس من ثلاثينيات القرن الماضي إلى ما بعد ثورة الياسمين 2011، لتميط اللثام عن أسرار شخصية المفكر الإصلاحي، الطّاهر حداد، الذي مثل حضوره ضمن النّسيج التخييلي للرواية رمزيّة تعيد الاعتبار لشخصيات وطنية مرموقة من التاريخ العربي الجماعي، تعرضت بسبب مواقفها الفكرية إلى القهر الاجتماعي، ودفعت غاليا ضريبة دفاعها عن التّحرر في سياق أيديولوجي يقدّس المحافظة والتقليد، ومنهم الطاهر الحداد، لما بدا فيه من طابع تنويري سبق عصره، وكانت مصيبته يوم احتفاله بتوقيع كتابه ‘امرأتنا في الشريعة والمجتمع’ شديدة لا تتحملها الجبال، فقد رفض مصلحا ومفكرا تنويريا، وكفّره المتشددون بعد أن نال من التحصيل العلمي الكثير في جامع الزيتونة، وعاد عاشقا ذليلا بعد أن رفضه علي الرّصاع زوجاً لابنته.
نازلة دار الأكابر»، رواية جريئة في أسلوب القص والحكي، بالإضافة إلى جرأتها في كشف المستور عن غوايات الأكابر، وإبراز عيوبهم، مسلّطة الضوء على «ماخور الرّجال» وهو من المواضيع المسكوت عنها اجتماعياً وفي الأدب، وما يجري خلف الأبواب المغلقة من طبقية حتى بين الخدم، لتغدو الرواية سرداً تاريخياً يحفظ الذاكرة الحكائية الأنثوية التونسية. ولعل أهم ما في تقنية وبنية هذه الرواية، هو توظيف التاريخ لجانب التخييل الذي كان منبع السرد، فتوظيف الأحداث التاريخية جاء لخدمة السرد، ذلك أن هدف غنيم ليس السرد التاريخي، بل الحكي الروائي من زاوية معتمة في تاريخ تونس الحديث، حيث وظفت بذكاء الحدث السياسي والاجتماعي والسياقات الثقافية، بل والاقتصادية في طي الإحالات على الحاضر، بين المتخيل والحقيقة تجانس كبير، وماتعيشه تونس اليوم يتماهى مع فترة الثلاثينات، صراع الحداثة والتزمت، صراع الوطنية واللاوطنية «لو حسمت الزيتونة امرها لكنا نعيش تاريخا اخر الان»..
أميرة غنيم هي كاتبة وأكاديمية تونسية من مواليد 1978، حائزة على التبريز في اللغة والآداب العربية، وعلى الدكتوراه في اختصاص اللسانيات وتعمل أستاذة لسانيات والترجمة بالجامعة التونسية. صدر لها كتب حول الترجمة واللسانيات ورواية «الملف الأصفر» (2019) التي حصلت على جائزة الشيخ راشد بن حمد، عام 2020. صدرت روايتها الثانية، «نازلة دار الأكابر»، في 2020.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115