في روايتها «العاثي»: الكاتبة ابتسام الخميري تفجّر دوافن «المثلية الجنسية»

بعد تجربة قصصية أولى من خلال مجموعتها «غواية السكين» صدرت مؤخرا عن دار «الثقافية للطباعة والنشر والتوزيع»

وفي 150 صفحة للأديبة والناقدة والشاعرة التونسية القاصة إبتسام بن عبد الرحمن الخميري رواية جديدة بعنوان «العاثي».    
هي رواية اجتماعية جاءت لوحة غلافها بامضاء الرسام التشكيلي سامي الساحلي تناولت موضوعا جريئا مسكوتا عنه وهو موضوع التفاعل مع ظاهرة المثلية الجنسية وقد جاءت مقدّمة هذا المنجز الروائي بامضاء الدكتور مصطفى مدائني الذي أكّد في كلمته التقديمية لهذا العمل «أننا أمام نص تجابه فيه الكاتبة مجتمعا متطورا متغيرا يستعد لثورة لها مسبّباتها المتعدّدة  لعلّ من أهمّها العولمة التي جعلت الشّعوب تنخرط في دوّامة مجتمع بدأ ينخر من داخله... فالقيم الأصيلة تداعت وما على البطل الإشكالي إلا أن يتبع مساره سعيا وراء تجديد لهذه القيم وبعثا لها رغم أنّ الأمر على غاية من الصّعوبة حدّ الاستحالة...» ليضيف «ان هذه الرواية هي نص سرديّ يبسط لنا تجربة حياتيّة لفرد إشكالي منتم لمجتمعه منحاز إليه تربى على قيم أصيلة تقوم على العطاء و البذل إلا أنه يكتشف أنّه وسط مجتمع متدهور منحطّ محنّط، فيسعى للنّجاة من براثن الموت البطيء...». 
في هذا العمل الروائي نجد أنفسنا أمام تجربة «إيناس» لنشعر بقدرتها على مسايرة الحياة الصّعبة من ناحية وقدرة تقبّلها للواقع المرير من ناحية أخرى،فالبطلة الاولى للرواية تفقد ذاكرتها لسبع سنوات ونصف نتيجة اكتشافها لحبيبها وزوجها الذي أحبته لأكثر من ثلاثين سنة بأنه مثلي جنسيا لتجد نفسها بين المتاهات والحيرة والسؤال المقلق: هل تقبل هذا الوضع المستجدّ أم ترفضه؟». 
فـ «العاثي» نص سردي يبسط لنا تجربة حياتية خاصة وشخصية في ظلّ مجتمعه تربى فيه على مجموعة من القيم الرافضة لظاهرة «المثلية» فيسعى لمسايرة هذه الحياة الجديدة رغم صعوبتها متحديا الواقع المرير  
ومنطق أحداث هذه الرواية تدور حول حكاية «إيناس» التي تزوجت فارس أحلامها إلا أنها في لحظة اكتشفت سرا صدمها ففقدت الذاكرة لكنها كيفت حياتها وأصرت على العيش كما هي العادة إلا أنها ودون وعي واصلت حياتها بكل حرية انتقاما من نفسها ومن العالم المحيط ولم يكن ذلك إلا انتقاما سريا من «العاثي» حبيبها وقاتل الروح فيها باعتبار ان «العاثي» هو كـ من يعيث في الدنيا فسادا أو لعله المتمرد على كل القيم والقوانين لكنه في نفس الوقت يتشبث بالمظاهر مسايرة لما يعتمل في داخله من انخرام نفسي مقيت لتنفتح الرواية بلحظة فارقة فـ«إيناس» حصلت على الإجازة وتستعد للعمل محامية ثم ترحل البطلة من النوم الحالم إلى واقعها ومن ثمة يعرف القارئ عبر فصول معدودة وعبر ساردة تخفي وراءها كاتبة متوارية ان «إيناس» ما قبل التخرج والدراسة عاشت طفلة في أسرة وجدت نفسها فيها اضطرارا لا اختيارا لتقوم بدور ليس منوطا بعهدتها فكانت أما لأخواتها كما يكتشف المطلع الفطن ما سيؤول إليه أمرها في مستقبل الأيام والأعوام عبر مراحل  الطفولة والدراسة وتحقيق الذات وعبر شخصيات روائية ضمن نص أرادت صاحبته أن يكون رواية شخصية ومن ثمة جاءت الشخوص كلها تحوم حول محور شخصية مليئة بالحياة محتفلة بها منغمسة فيها لا تتردد في الضرب أشواطا في تشعباتها دون أن تستسلم للمشيئة لتصاب بالصدمة التي أرهقتها وجعلتها تعيش لحظات انسلاخ تام وفقدان تام للذاكرة ولم تسترجع أنفاسها إلا عندما رحلت وزوجها لابنتهما في اوربا وتحديدا في ألمانيا ثم فارقته لتعيش ردحا من الزمن في تجربة فريدة هائمة مع صديق قديم وعند عودتها استعادت الذاكرة في لحظة وعي شديدة قوية بواسطتها قررت كما هي عادتها أن تستعيد ذاتها المفقودة وقررت الانفصال. 
وهكذا تأتي رواية «العاثي» نصا مثيرا بدءا من عتبته الأولى اي العنوان لتفتح لدى القارئ رغبة ملحة للانغماس في لذة اطلاع على نص هو نصك نصنا جميعا لأنه في الحقيقة إنما يفجر فينا واقعنا في عصر أصبح فيه «إنساننا المستقل» يسعى لاسترجاع أنسنته التي بدت وكأنها تنقرض كما جاء في مقدمة هذا العمل الروائي المغري بالقراءة والمطالعة.  
جدير بالذكر ان هذه الرواية سيتمّ الاحتفاء بها وتقديمها ظهر اليوم 26 ماي الجاري ضمن أنشطة فضاء «بيت الرواية»بمدينة الثقافة بتونس العاصمة وفي اطار برمجة «توقيعات راعي النجوم». 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115