- اقتران اسمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع اسم الله - سبحانه -، وهو أعظم وأجل أوجه رفع الذكر، ولا يمكن أن نستوعب عظيم هذا الأمر، إلا إذا علمنا ووقر في قلوبنا عظيم شأن الله ـ عز وجل -، الخالق لكل شيء، المتصرف في كل شيء، العالم بكل شيء، المقدر لكل أمر، النافذ حكمه في كل أحد، قال تعالى واصفا قدرته وعظمته: " وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ "الزمر: 67 ، وقال تعالى واصفا إحاطته بعلم كل شيء: " وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ " الأنعام: 59 ، فهل بعد هذا التكريم من الله ـ عز وجل لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والرفع والإعلاء والتشريف من رتبة أعلى؟!! .
- ذِكْرُهُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الملأ الأعلى، وذلك بصلاة الله تعالى والملائكة عليه، بالثناء والذكر الحسن، بل ينسحب هذا الثناء والذكر الحسن إلى المؤمنين ببركة صلاتهم عليه، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم : " من صلى عليَّ صلاة، صلى الله عليه بها عشرا " رواه مسلم .
- حفظ الله لعِرْضِه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مِنْ سب ولعن كفار قريش، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ألا تعجبون كيف يصرف الله عنّي شتم قريش ولعنهم!، يشتمون مُذمّما، ويلعنون مذمّما، وأنا محمّد " رواه البخاري .
من كمال رفع الذكر أن يذكر الإنسان بكل الصفات الحميدة، وأن يُبَّرَّأ من كل سب ولعن، وقد أثبت الحديث أن الذي صرف عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ السب واللعن هو الله سبحانه وتعالى، وأن أمر صرف هذا اللعن والسب مع حرص كفار قريش عليه، من الأمور العظيمة التي يُتعجب منها، وما يتعجب منه يجب الوقوف عنده للتأمل والتدبر .
ومن أوجه وصور رفع ذكره ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
لم يناده الله - سبحانه - باسمه أبدا في القرآن العظيم، فلم ترد آية واحدة بصيغة " يا محمد " كما ورد عن بقية الأنبياء، عليهم جميعا ـ الصلاة والسلام ـ، كما في قوله تعالى: " يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا " هود: من الآية76، وقوله تعالى: " قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ "هود: من الآية48، وقوله"إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ " آل عمران: من الآية55، وهكذا مع كل الأنبياء، ولما ذكر اسمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان على سبيل الإخبار وأتبع بصفته، قال تعالى: " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ "الفتح: من الآية29 ..
ولا شك أن توجيه الخطاب إليه في القرآن الكريم، دائما بصيغة الرسالة: " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ " المائدة: من الآية41، أو بصفة النبوة كقوله تعالى:" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّه " الأنفال: من الآية64، هو من علامات رفع ذكره وعلو شأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
يتبع