دراما: مسلسل «الفوندو» إخراج سوسن الجمني: أرادوه فوندو فولد «فالصو»

الدراما عين على المجتمع وعيوبه وهناته كما أن للدراما تأثيرها على المتلقي خاصة فئة الشباب والاطفال، الدراما نظرة اخرى

للمجتمع وعلاته ومشاكل الوطن والعقد المجتمعية والنفسية التي يكتبها سيناريست متمكن جيدا من اليات الكتابة وينقلها مخرج بالصورة الى الجمهور فيكون العمل مترابط الاحداث ومتكامل المشاهد والصور، لكن الحبكة تغيب عندما يجمع الشخص بين الكتابة والاخراج كما حدث
في مسلسل الفوندو سيناريو واخراج سوسن الجمني.
«الفوندو» من تمثيل نضال السعدي وياسين بن قمرة وكمال التواتي ونعيمة الجاني ورؤوف بن عمر واميرة الشبلي، مسلسل يكشف العديد من علات المجتمع التونسي ويقترب اكثر الى البعد النفسي للشخصيات.
«الفوندو» واهتمام بالجانب النفسي للانسان
أحداث تلامس الحقيقة وشخصيات موجودة في المجتمع التونسي، التركيز على الجانب النفسي للإنسان وابراز انفعالاته لحظة الخوف والفرح زاوية مهمة في العمل لكن طريقة التناول كانت سطحية ربما لان العمل «تخدم بزربة» كما يقول اغلب متابعوالدراما، في «الفوندو» اختارت كاتبة السيناريو ومخرجة العمل تسليط الضوء على البعد النفسي للانسان، الشخصية الرئيسية «يحيى» الذي سجن عشرين عاما بجريمة لم يرتكبها، شخصية قليلة الكلام وحدها الاشارات الجسدية تعبر عن احساسها الداخلي الخوف او السعادة لكن نضال السعدي لم يتمكن جيدا من دراسة شخصيته وظلّ حبيس شخصية «بيرم» التي اداها لخمسة اعوام في «اولاد مفيدة» شخصية يحيى بتركيباتها النفسية المعقّدة وأوجاعها المخفية وقلق تعيشه يوميا اثناء البحث عن الحقيقة مع مسحة من الراحة النفسية اثناء الحب تفاصيل لم يوصلها الممثل الى المتفرج وكان ادائه عاديا فقط السقوط الكثير في تكرار دعك الرس بقوة كمن يريد اخراج ما يسكن دماغه من مشاكل ثقيلة، شخصية يحيى الانفعالية والقوية تتطلب الكثير من العمل على الشخصية ودراستها وتفكيكها قبل تقديمها وهو ما لم يشاهده متابعومسلسل «الفوندو» (التمثيل موش حك راسك وخشّن صوتك).
في المسلسل اقتراب من مشاكل المراهقين وكل ما يعيشه المراهق من انفعالات نفسية وتصرفات لا اخلاقية بسبب الفترة العمرية الحرجة، شخصية «مومو» التلميذ غير الناجح والباحث عن اسباب الفشل ليشعر بكيانه ووجوده، معاناة المراهقين تطرق اليها المسلسل بسطحية وسلبية فالمراهق سارق ومدمن على السجائر ويناقش والده بصوت عال ويتحداه في الكثير من الأحيان وحين يسرق يكون جزاءه عناق من استاذته فقط، جميعها تصرفات سيكتسبها متابعوالعمل لتصبح قواعد يعيش بها المراهقين، فترة المراهقة فترة حرجة والعمل عليها صعب وفي المسلسل فقط كانت الاشارة اليها دون محاولة الغوص في حيثيات شخصية المراهق ولا كيفية تاطيره ليكون افضل ويعود الى طريق النجاح عوض الادمان والسرقة.
في المسلسل العديد من الرسائل السلبية ولعل مشهد «تشليط» الجسد بسبب الحب، مشهد قاس من المفروض ان يكتب تحت الشاشة «-18» مشهد يفسر فيه يحيى لصديقه كيف يترك علامة في جسده ولكل علامة رمزيتها «يشلط» جسده لعدم قدرته على وصال الحبيبة وللممثل تأثيره على جمهوره فكم من مراهق سيترك علامة على جسده ليثبت لفتاة حبّه؟ ربما سؤال لم يخامر كاتبة السيناريو ولا مخرجة العمل، مشهد يقوم على معنى toxic love والقسوة la toxicité تؤثر على المراهق وتحطمه نفسيا وجسديا.
قسوة المجتمع على الشاشة:
قاس هو المجتمع التونسي بعاداته القديمة وأفكاره المتوارثة، قسوة المجتمع حاولت مخرجة العمل ملامستها وإبرازها الى المشاهد ليرى قسوته في مرآة كبيرة وشاشة عملاقة، في «الفوندو» نقد للمجتمع والعقلية المجتمعية القاسية، فيحيى يدفع ثمن خطئه عقوبة سجنية بعشرين عاما وفي الوقت ذاته تدفع عائلته ثمن خطئه بالنكران، توضع العائلة في خانة المنبوذين من الجيران والأصدقاء، الاخت تدفع الثمن ولا تجد زوجا يقبل ان يكون شقيقها «خريج حبوسات» عقلية بالية وقسوة مجتمعية يقابل بها المخطئ وعائلته والمحيط الضيق به حدّ النبذ والرفض من الجميع.
في المجتمع التونسي ترفض الام تزويج ابنتها لرجل يقلّ عنها في المستوى العلمي والدراسي «موش من مستواك» لكنها تسعى لتزويج ابنها من فتاة تتجاوزه دراسة وعلما ومالا فقط لأنه «رجل» فالعقلية المجتمعية التونسية لازالت تميز بين الانثى والذكر في الزواج، عادات بالية لكنّ اغلب التونسيين يعتبرونها مقدسة لا يمكن المساس منها.
في «الفوندو» نقد لفكرة الظاهر والباطن اذ تكون الشخصية الاقوى والأطيب «المروكي» بائع الذهب متحيل، يتحيل على الدولة ويهرب الذهب الى الجزائر وليبيا، الشخصية التي احبها متابعوالمسلسل تكون لمتحيل يستقطب سجينا بريئا ليدخله الى عوالم التهريب لمزيد تكديس الثروة وفي الوقت ذاته يمثل عقلية المجتمع ويرفض تزويجه ابنته لأنه سبق وان دخل السجن، «المروكي» الشخصية المركبة ابدع في تقديمها الممثل كمال التواتي في «الفوندو» اداؤه كان صادقا ومبهرا، ممثل متمكن من ادواره ومن شخصياته يقنع المشاهد ويدفعه الى حبّ الشخصية دون تفكير.
«الفوندو» لامس الكثير من علات المجتمع التونسي، العديد من المواضيع النفسية والمجتمعية حاول المسلسل طرحها للجمهور للنقد والفرجة لكن طريقة التناول كانت سطحية في اغلب المواضيع والمشاهد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115