الأسماء الحسنى: الشافي (1)

الأمراض والأسقام من سنن الحياة التي لابدّ منها، ولا انفكاك عنها، كتبها الله جلّ جلاله وقدّرها لتُذكّر الناس بالنعمة المنسية على الدوام:

نعمة الصحة والعافية، ولولا الأمراض لما تذكّر أحدٌ افتقاره إلى خالقه وحاجته إليه في كشف البلاء وتخفيف الشدّة، ومع اسم الله الشافي.

الأصل في الاشتقاق:
اسم الله الشافي جاء من الفعل: شفَى، يُقال: شفى الله المريض يشفيه شفاءً فهو شافٍ، والمعنى أن الله تعالى عافاه وأبرأه من مرضه وعلّته، وشُفي المريض، أي: برئ وتعافى، واستعاد صحّته وعافيته.
ويُقال: استشفى فلان، إذا طلب الشفاء، وأشفيت فلانا، إذا وهبت له شفاء من الدواء، جاء في الصحاح: "استشفى: طلب الشفاء، وأشفيتك الشيء، أي أعطيتكه تستشفي به، ويقال: أشفاه الله عسلاً، إذا جعله له شفاء"، وفي تهذيب اللغة: " أشفى زيد عمرا، إذا وصف له دواء يكون شفاؤه فيه".
ومن استعمالاتهم للشفاء من الناحية المعنوية قولهم: الجواب الشَّافي، أي القاطع الذي يُكتفى به عن المراجعة، ومنه كذلك: شفى غيظي أو شفى غليلي، وذلك حين ينال ثأره من عدوّه، وفي محكم التنزيل" ويشف صدور قوم مؤمنين" التوبة:14 والمقصود: إذهاب ما وقر في قلوب المؤمنين من موجدة القهر والذل مما كانوا ينالونه من الأذى منهم.
وذكر ابن الأعرابي أن العرب تقول: أشفى، إذا سار في شفا القمر، وهو آخر الليل، وأشفى، إذا أشرف على وصية أو وديعة. ويُقال: شفَى غليلي كوبَ ماء: أروى ظمئي وأزال عطشي، وشفاء الجهل التعلّم، ومنه حديث النبي –صلى الله عليه وسلم"ألا سألوا إذ لم يعلموا؛ فإنما شفاء العيّ السؤال" رواه أبو داود.
والشفا بفتح التاء هو الحافة، وشفا كل شيء جرفه. قال الله تعالى: "على شفا جرف هار" التوبة: 109

• المعنى الاصطلاحي:
ذكر الحليمي أن الشافي هو الذي يشفي الصدور من الشبه والشكوك ، ومن الحسد والغلول ، والأبدان من الأمراض والآفات ، لا يقدر على ذلك غيره ولا يدعى بهذا الاسم سواه سبحانه وتعالى.
والشافي من أسماء الله سبحانه وتعالى، دالٌّ على القدرة الإلهيّة في علاج ما تشتكيه النفوس والقلوب من الأمراض، وما تشتكيه الأبدان من الآفات، وبهذا المعنى جاء من قول النبي –صلى الله عليه وسلم-"الله الطبيب"أخرجه أبو داود والنسائي، والمقصود أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يُبريء ويُعافي على وجه الحقيقة.

• أدلة هذا الاسم من النصوص الشرعيّة:
لم يرد هذا الاسم صراحةً في القرآن الكريم، وإنما جاء على صيغة الفعل في قوله تعالى: "وإذا مرضت فهو يشفين" الشعراء:26، أما في السنة فقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اشتكى إنسان، مسحه بيمينه، ثم قال: "أذهب الباس، رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما" رواه مسلم.

يتبع

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115