"الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أيْ رَبِّ، منعتُه الطعامَ والشهوةَ فشفِّعْني فيه، ويقول القرآنُ: منعتُه النومَ بالليل فشَفِّعْني فيه، فيشفعانِ"أخرجه الإمام أحمد والطبراني بإسناد صحيح.
فما أعظمَه من شهر اغدودقت فيه أصولُ المنن، واخضوضرت فيه قلوبُ النازعينَ إلى أزكى سَنَن، يقول العلماء "ومَنْ تدبَّر القرآنَ طالِبًا الهدى منه، تبيَّن له طريقُ الحقِّ".
فتدبَّر القرآنَ إن رمتَ الهدى
فالخير تحت تدبُّر القرآنِ
هذه الأيام المباركة فرصة سانحة لمراجَعة النفوس، وإصلاح الأعمال؛ لِمَا يحمله هذا الشهرُ الكريمُ من دروس عظيمة، في التسابق في الخيرات والأعمال الصالحة، فهل عملت الأمة على الإبقاء على الصورة المشرقة التي اتسم بها هذا الدين الإسلامي في وسطيته واعتداله، ومكافحته للغُلُوِّ والتطرف والإرهاب، وهل تصدَّت لكل ما يُفسد على العالَم أمنَه واستقرارَه وتعزيزَ التسامح والتعايش بين الشعوب؟ ونبذ العنصرية والطائفية؟ هل وقفت بحزم أمام من يريد هزَّ ثوابتها والنَّيْل من محكَّماتها والتطاول على مسلَّماتها وقطعياتها ؟ فالبدارَ البدارَ إلى فضل الله الممنوح، وبابه المفتوح، قبل فوات الروح، واجعلوا هذا الشهرَ شهرَ المبادَرات، تراحَمُوا تسامَحُوا تصافحوا تصالحوا صلوا أرحامكم واحفظوا أوقاتكم وتعاهدوا قلوبكم وحقِّقُوا مقاصدَ الصيام قولًا وعملًا، فرمضان فرصة لاستشعار المعاني السانية التي قصَد إليها الدينُ الإسلاميُّ الحنيفُ، يتوارد في تحقيق هذه الرسالة العظيمة الأسرةُ والمسجدُ والمدرسةُ والجامعةُ والمجتمعُ، ووسائلُ الإعلام وقنواتُ التواصل الحديثة، وهل كفاء ذلك إلا المنازل العلا في الجنان مفتحة للدخول مع باب الريان، فيا طوبى للصائمين، ويا بشرى للقائمين.
شهر الأمانة والصيانة والتقى
والفوز فيه لمن أراد قبولا
طوبى لعبد صح فيه صيامه
ودعا المهيمنَ بكرة وأصيلا
ألا فاشكروا ربَّكم وإن من تمام الشكر كثرة الإحسان فيه، ومساعدة المحتاجين، والتيسير على عباد الله أجمعين، " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" الْبَقَرَةِ: 185.