والقدرة من عامة الخلائق أجمعين، وقريب باللطف والنصرة وهذا خاص بالمؤمنين، من تقرّب منه شبرًا تقرب منه ذراعًا، ومن تقرب منه ذراعًا تقرب منه باعًا، وهو أقرب إلى العبد من عنق راحلته، وهو أيضا قريب من عبده بقرب ملائكته الذين يطلعون على سره ويصلون إلى مكنون قلبه. والاعتقاد الحق: أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ قريب من عباده حقيقة كما يليق بجلاله وعظمته، وهو مستوٍ على عرشه، بائنٌ من خلقه، وأنه يتقرَّب إليهم حقيقة، ويدنو منهم حقيقة. ومن معاني القريب: أنّه الذي يرى ويسمع ولا يخفى عليه شيء! وهو قريب من جميع عباده بعلمه المحيط بكل شيء، وهو القريب من العابدين والداعين والذاكرين يؤنسهم ويحفظهم وينصرهم ويسدّد رميهم ويثبت جنانهم ويجيب دعائهم. ومن معاني القريب: أنه قريب بإجابة الدعاء "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ " أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ"فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"البقرة:186 وهو مشروط بالاستجابة له فمن الناس من يستجيب لله فيزيدهم من فضله "وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ" الشورى من الآية:26 فهو سبحانه الذي يُقابِل السؤالَ والدُّعاء بالقَبُول والعَطاء، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويغيث الملهوف إذا ناداه، ويكشف السوء عن عباده ويرفع البلاء عن أحبائه، وكل الخلائق مفتقرة إليه، ولا قوام لحياتها إلا عليه، لا ملجأ لها منه إلا إليه، قال تعالى: "يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"
كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ"الرحمن:29، فجميع الخلائق تصمد إليه وتعتمد عليه. وشرط إجابة الدعاء صدق الإيمان والولاء، فالله حكيم في إجابته، قد يعجل أو يؤجل على حسب السائل والسؤال، أو يلطف بعبده باختياره الأفضل لواقع الحال، أو يدخر له ما ينفعه عند المصير والمآل، لكن الله تعالى يجيب عبده حتمًا ولا يخيب ظنه أبدا كما وعد وقال وهو أصدق القائلين "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ" أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ " فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"البقرة:186، وقال: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ" غافر:60، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم»، فقال رجل من القوم: إذًا نكثر؟، قال: «الله أكثر» رواه الترمذي رقم "3573" وهو حديث صحيح. وإذا وصل المؤمن درجة الإحسان، وراقب ربه، واستشعر قربه، ودنوه واستحيا منه حق الحياء كان من المحسنين الذين لا ترد لهم دعوة، وكانت رحمة الله وفرجه قريبة عاجلة "وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا" إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ" الأعراف: 56. ومن معاني القريب: القريب بنصره للصابرين المحتسبين: "وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى" مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى"تَاهُمْ نَصْرُنَا" وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ" الأنعام من الآية:34 وقد يطول البلاء، ويعظم الكرب، وتنتظر الإجابة حتى ينفذ الصبر، فلا يأس فإن ما عند الله قريب "حَتَّى " إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ " وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ"يوسف:110. "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم" مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ
وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى " يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى " نَصْرُ اللّهِ " أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" البقرة:214. ومن معاني هذا الاسم: أنه سبحانه القريب من التائبين يجيب دعائهم، ويثبت جنانهم ويذيقهم من حلاوة القرب منه ما يعوضهم فقد ما فقدوه "يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـ"هٍ غَيْرُهُ"هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ" إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ" هود من الآية:61، وقد ثبت في الصحيحين: «ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر» رواه البخاري: "1094"، ومسلم: "758"، وفى حديث آخر: «أقرب ما يكون الرب من عبده في جوف الليل الآخر» "رواه الترمذي: "3579" وهو حديث صحيح"، ولكن التوبة لا تقبل إلا إذا كانت من قريب بأن تغتنم الحياة ويبادر بالرجوع والوقوف بباب الله قبل أن يحال بينك وبينه فتقول "رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى " أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ" المنافقون من الآية:10.