نافع، وسعيد المقْبُرِيِّ، وعامر بن عبد الله بن الزبير، وابن المنكدر، والزهري، وعبد الله بن دينار، وربيعة بن عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي.
وللإمام مالك قصة مشهورة مع أبي جعفر المنصور، الخليفة العباسي آنئذٍ، حين طلب منه اعتماد كتابه "الموطأ" في مختلف البلاد الإسلامية، يقول الإمام مالك:
"لما حج أبو جعفر المنصور دعاني، فدخلت عليه، فحدثني وسألني، فأجبته، فقال: إني عزمت أن آمر بكتبك هذه التي وضعتها -يعني الموطأ- فتُنْسَخُ نُسَخًا، ثم أبعث إلى كل مِصْرٍ من أمْصَار المسلمين منها بنسخة وآمرهم أن يعملوا بما فيها لا يتعدونه إلى غيره، وَيَدَعُوا ما سوى ذلك من هذا العلم المحْدَثِ، فإني رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم، قال: فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا، إن الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم منهم بما سبق إليهم، وعملوا به، ودانوا به من اختلاف الناس وغيرهم، وإنَّ ردَّهُمْ عَمَّا اعتقدوه تشديد، فَدَعِ الناس وما هم عليه، وما اختار أهل كل بلد منهم لأنفسهم، فقال: لعمري! لو طاوعتني على ذلك لأمرت به".
في هذا الموقف الرائع يؤكد الإمام مالك بن أنس على تمسكه بقيم التسامح والتعددية داخل إطار الإسلام، فترك عرضًا مغريًا من الخليفة بأن ينشر كتابه على المسلمين في مختلف البقاع، ونظر إلى مقصود الشرع الشريف من إباحة الاختلاف في النظر إلى الأحكام الشرعية، وأن هذا من باب الرحمة بالمسلمين، والتخفيف عنهم، وأنه ينبغي أن يُراعَى ما استقر عند الناس في البلاد المختلفة من أقوال أهل العلم، وما استقرت عليه أعرافهم وعاداتهم، وأن تغيير هذه الأفكار به خطر شديد على استقرارهم، فضلًا عن أنه قد لا تحدث الاستجابة له بسهولة؛ فتنشأ فتنة بين المسلمين، يكون ضررها أكبر من نفعها.
رحم الله الإمام مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، فقد حمى الله به الأمة من فتنة لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى، وبأمثال هؤلاء العلماء والسير على نهجهم، تنجو الأمة مما يصيبها من أذًى وأخطار.