البردان هما صلاتي الصبح والعصر. والقرآن الكريم حثّ المؤمنين في أكثر من آية على المحافظة على الصلوات كلّها في أوقاتها بخشوعها والمداومة عليها وكذلك حثّنا النبي صلى الله عليه وسلم على أداء الصلاة على وقتها بأركانها وواجباته وشروطها وخشوعها وخصّ من الفرائض صلاتي الصبح والعصر (البردان) ومن النوافل حثّنا على صلاة الوتر وصلاة الليل وركعتي الضحى. والمتأمّل في وجه تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم صلاتي الصبح والعصر في الحديث والترغيب بالمحافظة عليهما وأنهما سبب من أسباب دخول الجنّة يجد أنّ صلاة الصبح تأتي بعد نوم وراحة للعبد فيأتي الاختبار الأوّل لهذا العبد هل ينفض عنه دثار النوم والراحة ودفء سريره ويقوم ليلبي نداء ربه للصلاة محققًا أن الصلاة خير من النوم أم ينام عن تلبية النداء ويفضل راحة جسده على راحة روحه. ثم يأتي الاختبار الثاني وقت صلاة العصر وهو وقت العمل والاشتغال بأمور الدنيا والسعي في الرزق عند كثير من الناس الذين يعملون طيلة اليوم
هل سيلبون نداء الله تعالى للصلاة حينما يسمعون: حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح أم أنهم سينشغلون في البيع والشراء والخوض في ماديات الرزق الذي استحوذ على عقولهم وقلوبهم فيسعون لتحصيله بأية وسيلة لا يراعون حق الله عز وجلّ؟ وعند البعض وقت العصر هذا هو وقت راحة آخر بعد وقت الصبح، فالعصر عندهم وقت راحة وقيلولة بعد عناء العمل والكدّ والامتحان فيه من باب الامتحان لصلاة الصبح هل يختار العبد الراحة الجسدية على الراحة القلبية والروحية التي يجدها المؤمن في صلاته عندما يقف بين يدي ربه يناجيه ويبثه همومه ويطرح على أعتابه أثقال الدنيا وما فيها راجيا رحمته مستغفرا على تقصيره طالبا رضاه؟ الامتحان قائم يوميًا أيها العبد وقاعات الاختبار مفتوحة أمامك فإما أن تدخلها فتكون من الناجحين الموعودين بالجنة كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وإما أن تتجاهلها وعندها لا تلومنّ إلا نفسك إن أُوصدت في وجهك أبواب الجنان في الآخرة..... اللهم اجعلنا ممن يحافظ على صلاتي الفجر والعصر وسائر الصلوات واجعلنا من أهل جناتك جنات النعيم وارزقنا مرافقة نبينا صلى الله عليه وسلم قدوتنا وقائدنا إلى سبيلك وجناتك يا ذا الجلال والإكرام.