مهرجان مسرح التجريب .. الصالون الجهوي للفنون التشكيلية: تمتزج الفنون لرسم الأمل

المسرح أب الفنون، المسرح مساحة حرة لكل التعبيرات الفنية وضمن هذا السياق يحتضن المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية

بمدنين معرضا جماعيا للفنون التشكيلية تنظمه جمعية «أنير» بالتعاون على هامش الدورة الرابعة والعشرين للمهرجان الوطني لمسرح التجريب.
ثلاثون عملا فنيا جمعت بين الرسم والتنصيبات والفيديو والتصوير الفوتوغرافي، تلوينات فنية مختلفة وتعبيرات إبداعية متباينة لواحد وعشرين فنانا من ربوع الجنوب التونسي تشاركوا في حب الفن التشكيلي وشغفوا به فكان الصالون حاملا لافكارهم وإبداعاتهم.
بين عمق الحرف وسحر اللون تكون الرحلة
للحرف عمقه، الحروف تبحث في ذات الفنان ، تحول مشاعره إلى خطوط وحركات وحروف موشاة بألوان داكنة كذلك إلى غضب داخلي يخفيه، «عمق الحرف» وهو عنوان لوحة الفنان محمد كرمي مزيج من الأصفر الذهبي والأزرق المتدرج من الداكن إلى الزاهي فقليل من اللون الأسود وبعض بياض موزع على فضاءات اللوحة، الألوان الداكنة تصنع مناخات لوحة الفنان التشكيلي، رحلة بين الألوان المتجانسة وكأنها تنسجم مع دواخل الفنان فتنقل الخوف والرهبة وربما غضب الفنان مما تعانيه الساحة التشكيلية والفنية عموما، وحده الحرف ينبثق من عمق العمل كما طائر الفينيق يحمل متأملها إلى بلاغة اللغة العربية وإعجازها.
في عالم الحروفيات يبحرنبيل نادري، يصنع من الطين عمق الحرف وبهائه، يحوله الى تنصيبة جميلة كتب فوقها كلمة «حب» وكان الفنان يؤكد ان الرسم حبّ والفن حبّ والخزف يصنع بطاقة «المحبّة».
الألوان تعكس روح فنية حالمة، الألوان تكتب إلياذة البهاء، تحمل متأمل اللوحة إلى عوالم أخرى ومميزة، تمتزج لتكتب تفاصيل مختلقة تخترق القلب وتزرعه ورودا وأملا، يتحد الأزرق مع الزهري والأصفر تشكيلة لونية وفسيفسائية فنية أبدع في صناعتها لطفي الغول في لوحة بعنوان :حجر» وجه لامرأة تلبس الكمامة وتنظر من خلف الشباك إلى الفراغ، شاك تقليدي الصنع تونسي الهوى ونظرة ثقة إلى الأمام وكأنها اعتراف ضمني بقرب نهاية الفيروس وانتصار التونسيين عليه، نظرة ثابتة مع ألوان متجانسة تحدث فرجة مختلفة وتأثيرا على ملتقي العمل.
هنّ الشامخات الجميلات، هن صانعات اللون والبهجة، هن الفاتنات كما تقول ريشة لطفي الغول، الفنان الذي يترك لريشته الحرية لتغازل سحر المرأة وجمالها، تنقل التفاصيل وتضع الألوان كامل اللوحة لتكون فسيفساء لونية تشبه كثيرا فصل الربيع، في اعماله تكون المرأة بهية كما زهرة برية جميلة وثابتة في الأرض، وفي «نوستالجيا» تكون المراة موضوع العمل وتيمة البحث والجمال فيها.
الفن سؤال لا يستكين
عالم غريب، عالم مليء بالعجائب وحده الفنان قادر على تطويعها، لانجاز عمل فني متقن، عفاف شندول حولت الطين إلى فن جميل، حولت الخزف الى لغة مبهمة وصعبة تجعل متامل العمل يقف طويلا ويطرح الاسئلة ليحاول فهم العمل التشكيلي المنجز، عنوان اللوحة «غريب» ثنائية لشكلين لإنسان شبه مشوه، اللون الرمادي والأسود هما ميزة العمل الخزفي المقدّم، التشوه عنوان للواقع والحاضر، تشوه قيمي وتشوه وطني وسياسي وثقافي جميعها سكنت الفنانة لتحول كل الغضب إلى منجز فني جميل ويسكن متأمله بالسؤال.
في تيمة العجائبي يتنزل عمل فردوس الشامخ، تقنيات مزدوجة تجمع الرسم والخزف في «الدخلاء» وهو اسم العمل، فضاء مقسم في شكل المربعات وضعت داخلها وجوه صارخة مطموسة من بقية الملامح فقط الأفواه مفتوحة صارخة، صرخة غضب او صرخة خوف او صرخة ضدّ الواقع، الصرخة تكاد تسمع صداها في بهو مركز الفنون الركحية، الألوان قاتمة تجمع البني والأسود مع مسحة من الرمادي، تشكيلة تجمعها الفنانة في عمل واحد مسكون بثنائيتي الخوف والوجع.
التفاصيل تصنع عالما مختلفا
فنان مختلف، يبدع في نحت التفاصيل ورسمها، رسام ماهر يلاعب الرمال كما الاطفال الصغار، شغوف بصحرائه ومحب لامتدادها، حبيب الغرابي عرفه جمهور المسرح في عرض «الرسم بالرمال» فكتب برماله قصص الصحراء وتجول بها بين المسارح، الحبيب الغرابي فنان تشكيلي متعدد المواهب يتقن اللعب بالريشة والتلاعب بالالوان اتقانه للرسم بالرمال وفي الصالون الجهوي للفنون التشكيلية يشارك بلوحتين تشكيليتين، تتماهى داخلهما الالوان والفراغات، تختلف الاسئلة التي تستوطن اللوحة، تقف أمامها مطولا تبحث في معى الاسود وسرّ الخطوط والحركات، وجوه غير واضحة لكنها لنساء بألوان مختلفة يشتركن في القامة الشامخة والرأس المرفوع، وبين الأخضر وتدرجاته والأسود والأصفر مع مسحة من البني تكون رحلته اللونية، عوالم الألوان المغرية وجمال افريقيا سكن الحبيب الغرابي فكانت اللوحات ناطقة باسم الصحراء وامتدادها وجمال نسائها وحكمتهن.
التفاصيل ترسم عوالم تشكيلية مختلفة، من الرسم الى التصوير، الصور الفوتوغرافية توثق للحظات زمنية جدّ مختلفة، نظرات ثاقبة من شيخ وابتسامة ساحرة من عجوز التقطتهما عدسة رؤوف لخضر، لم يعط للوحات اسما، ترك للمتامل حرية التسمية، لكل لوحة سحرها، تشدك اليها تتوقف أمامهما تتأمل تلك التجاعيد المرسومة على وجوه هي قصص الزمان وحكايات مافعلته الأيام بالملامح والتفاصيل، كلا اللوحة مسكون بمعنى الأمل نقل في الضحكة الجميلة التي تشاركها الثنائي.
وفي العودة الى الاصل والجذور ترسم هالة شمس الدين وطنها ومدينتها كما تراها، توثق لحضور الامازيغ من خلال شعاراتهم والوانهم، لوحة تتماهى مع «الكليم» من التونسي، مزيج والالوان والاشكال تحاكي المنسوجات التونسية ترسمها الفنانة بكل دقة كانها تستحضر الماضي وتعيد تشكيله وتنفث فيه من روحها الحالمة فتكون لوحة «جذور» لوحة مسكونة بالجمال والانتماء.
جمال شندول: مدير مركز الفنون الركحية والدرامية في مدنين:
التجريب التظاهرة الحدث والمركز ينفتح على كل التجارب
في تصريح لـ«المغرب» يقول جمال شندول مدير مركز الفنون الركحية والدرامية «رجع المهرجان بعد غياب بسبب أزمة الكورونا، قررنا انجاز الدورة تلبية لشغف جمهور مدنين للمسرح والفرجة، وانجاز الدورة كان رهانا فقط لصالح الجمهور، لان شهر افريل بالنسبة لجمهور مدنين هو التجريب، نقطة مضيئة ينتظرونها طيلة العام، فانجزنا الدورة مع احترام كامل البروتوكول الصحي.
ويشير محدثنا انّ البرمجة كانت دسمة، رغم أننا لم نتحول إلى المدارس والساحات العامة كما الدورات الفارطة، والجديد أننا أضفنا فقرة اصدارات لابناء الجهة «ستون» لاستاذنا عبد العزيز غزال و»الجنون» لفتحي الرحماني وكلاهما من مواكبي مهرجان التجريب، كما نظمنا الصالون الجهوي للفنون التشكيلية بالتعاون مع جمعية انير.
ويضيف شندول اعتقد ان المهرجان نجح، وحضور الجمهور دليل على نجاح الدورة ودليل على احتفاظ الجمهور بعادة النقاش الذي انطلق منذ اول دورة ومن ثماره ارتفاع عدد الخريجين في المسرح واساتذة ومحامين من اول المهتمين بالمهرجان وتلك النقطة المضيئة.
وفي اطار انفتاح المركز على فنون الفرجة توجهنا الى السينما، من خلال فيلم وثائقي وهو مشروع قائم الذات من 2006 ونحن ندرس كيفية انجاز عمل فني يقدم «طوايف غبنتن» تلك المجموعة الراقصة حاملة الرسائل وتلوينات فنية مختلفة، وهي مجموعة تسكن منطقة «القُصبة» ولا توجد في مكان غيرها، موسيقاها المميزة دفعتنا للبحث في أصول موسيقاها ونشأتهم وولدت فكرة الفيلم لنحافظ عليهم في الذاكرة الوطنية التراثية، اردنا انتاج الفيلم الوثائقي ونحن في المراحل الأخيرة مرحلة المونتاج واسم الفيلم «الطوايف جريدة البادية» في السابق لم يكن هناك أخبار فكانت تلتقط الأخبار وتصاغ في الاغاني لتصبح كما الوسيلة الاخبارية، والفيلم من إخراج سماح الماجري.
وجديد المركز هو مسرح الشارع ومشروع «قافلة تسير» تجربة اخرى ننفتح على التجارب المختلفة من مسرح العلبة الى الرسم بالرمال الى الكوميديا دي لارتي، والعمل من اخراج كيلاني زقروبة ومجموعة من الخريجين والهواة، ونحرص على تشريك الهواة لتكوين وانجاز نواة مسرحية ونوسع من قاعدة الممثلين، انطلقنا في التحضيرات للعمل وفي شهر ماي سيكون العمل حاضرا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115