الاحتفال بالتراث المادي في داري الثقافة شربان والسواسي: تراث أجدادنا عنوان للهوية وأداة للبناء أيضا ...

تفيض المشاعر في برّ السواسي، ومانيش ناسي نجم الشعر في ليل التماسي» هكذا تحدث الشاعر الليبي معاوية الصويعي عن الشاعر الراحل محمد الصغير ساسي ضمن فعاليات الملتقى المغاربي للأدب الشعبي ملتقى احتفى بالتراث الشفوي و الشعر الشعبي و ذاكرة العجائز و حكايات النسوة

ملتقى جمع تونس و الجزائر وليبيا والمغرب وكشف عن الثراء المخزون الشفوي لجهة السواسي الكبرى من ولاية المهدية.
«التراث اللامادي ذاكرة وابتكار» هو عنوان التظاهرة التي نظمت بالشراكة بين داري الثقافة شربان والسواسي بمشاركة شعراء مختصين في الادب الشعبي من ليبيا على غرار الشاعر معاوية الصويعي ومهدي غمام و حسنات جمعة من الجزائر والصحبي شعير والجليدي العويني وغيرهم من الشعراء التونسيين الذين اختاروا اللهجة المحلية لينظموا أجمل الكلمات.

المهرجان العرس وللعرس الساحلي خصوصياته
اربعة ايام من الاحتفال، ورشات للصناعات التقليدية فاحت منها رائحة العنبر الشذية، نسوة ريفيات لبسن الملية والتخليلة والفوطة والحراف والملحفة واللباس التقليدي بمختلف تسمياته، هناك بين مدينتي السواسي وشربان صنعت الفرجة عرضا قال عنه النائب عن جهة المهدية «تفاجأت بضخامة العرض وجماليته، حقيقة كأنه العرس»، طيلة اربعة ايام توزعت فقرات المهرجان بين السواسي وشربان واولاد الحناشي، حضر الشعر الشعبي واهازيج النسوة والعاب الفروسية وكل ماله علاقة بالتراث المادي واللامادي.

المهرجان العرس وللعرس الساحلي خصوصياته اذ انطلق بعرض الفروسية في اولاد الحناشي والسواسي، والفروسية كانت جزءا لا يتجزأ من العرس ولهم عاداتهم في ر كوب الخيل، ثم يكون الموعد مع «المشاف» ويكون بالركض على ظهر الخيل في خط مستو ولا توجد قوانين معينة لفروسية المشاف بل هناك اخطاء لا تغتفر مرتبطة اساسا بالتحكم في الحصان. فإن كان الحصان لا يركض في خط مستقيم فهذا خطأ و ان سقط الفارس من على ظهر الخيل فهذه الطامة الكبرى عليه وعلى اهله و يكون التصويب بالبندقية الى الامام و الخلف ولا يكتفى بهذا بل يجب تأدية حركات الابهار في نفس الوقت والحصان يركض ففي مناطق اخرى يكتفى اما بتأدية الحركات الصعبة و اللعب على ظهر الخيل مثل جلاص و في مناطق اخرى يكتفى بضرب الرصاص و اما في الساحل فيجمع بين الاثنين و لايمكن للفارس ان يكون فارسا الا اثناء تأدية الاثنين و لا يمكن الا للمتفرغ او صاحب مال ان يكون فارسا فصعوبة تعلم الفروسية على طريقة اولاد سعيد و عميرة و السواسي و المثاليث أدت إلى اندثار المشاف من هذه الربوع .
فالمداوري و: يكون بالدوران و تأدية الحركات الصعبة و كل الفرسان في الساحل قديما متمكنون من هذا النوع لان طبيعة مشاف الساحل تسهل عليهم المهمة.

وبعد الانتهاء من لغة الفروسية تكون المتعة مع الشعر والأدب كما يسمون في جهة الساحل التونسي، وفي الملتقى المغاربي للأدب الشعبي توزعت العروض الشعرية في اكثر من فضاء فاكتسحوا المقاهي الشعبية وقدموا عروضا للجميع، قرأ الشعراء وتنافسوا في نثر أجمل الكلام وتسابقوا في عكاظية كشفت الموروث الشعبي الهائل للجهة، موروثا ينتظر فقط ارادة جماعية لتقديمه للجمهور.

لنا الحق في الثقافة ونسعى إلى تحقيق الحلم
الملتق المغاربي للأدب الشعبي من تنظيم داري الثقافة السواسي وشربان، محاولة للكشف عن موروث شعري وأدبي لا يعرفه ابناء الجهة ومحاولة لنفض غبار النسيان عن تراث المثاليث و سيدي الهاني واولاد عميرة، الملتقى المغاربي للأدب الشعبي تظاهرة فتحت الباب لابناء السواسي واولاد الحناشي وسيدي زيد و اولاد الشامخ و اولاد هلال للمتعة والمصالحة مع تراث اجدادهم، في الملتقى ابدعت المرأة الريفية بلباسها المميز وحضورها ، غنت وتزينت ولبست اجمل حلة لتثبت انها شريك فاعل في التغيير .
وفي مداخلة علمية تحدث زهير الحمروني عن امكانية الاستثمار الثقافي في ارياف المهدية وتحدث عن شربان نموذجا واشار «شربان تحتل موقعا متميزا في الوسط الشرقي للبلاد التونسية وتقع على الطريق الرابطة بين اكبر مزارين سياحيين الاول روماني وهو قصر الجم، والثاني اسلامي مدينة القيروان» وأكد في مداخلته أنه يمكن لشربان أن تكون مدينة سياحية بيئية لما تتوفر عليه من مقومات طبيعية وأشار إلى أن الشعوب والدول التي تفطنت باكرا الى مايمكن ان تجنيه من الحفاظ على الهوية الثقافية في ظل النمذجة التي فرضتها العولمة واستطاعت ان تتحول بأيسر السبل الى اقطاب سياحية، وأشار إلى أن ما تحتاجه هو ارادة سياسية فقط.

وعن التظاهرة قال صابر فضيلة مدير الأيام المغاربية أن المهرجان يمثل إضافة نوعية من شأنها أن تسهم في إثراء المخزون التراثي بمناسبة الشهر الذي تحتفل به وزارة الثقافة والمحافظة على التراث سنويًا، والإسهام في حفظ الذاكرة المحلية المغاربية والارتقاء بهذا النمط من الكتابة الشعرية، والذي بقي قيد المواسم والمناسبات في أغلب الأحيان .

وأشار مدير دار الثقافة السواسي أن التجربة الشعرية لرموز الشعر الشعبي المغاربي تمثل رافدًا مهمًا لإبراز المنطوق الشفوي، ولذلك يتم تناول تجربة رائدين من روادها هما محمد الصغير الساسي (توفي العام 1976 ) والناصر بن ضياف التليلي (توفي العام 2006)، ويمكن اعتبار تجربتهما من التجارب التي لا غنى للباحثين عن تناولها فالثاني استثمر شعر الأول، وابتكر فيه، وأضاف إليه الكثير من التجديد .

وللإشارة فان ولاية المهدية وخاصة معتمديات السواسي وشربان وهبيرة وأولاد الشامخ تفتقر الى الثقافة رغم جهد منقطع النظير يقدمه أبناء الجهة ومديرو دور الثقافة ولكن سوء البنية التحتية يصعّب العمل الثقافي في تلك المعتمديات الريفية ذات الكثافة السكانية العالية والمعزولة مثل « الرجيبات» و «الشحدة» و«المحارزة» و«السمرة».

ومن بعض المشاكل دار الثقافة السواسي فهي مهترئة وتتطلب تدخلا عاجلا، كما ان شبكة النور الكهربائي غير صالحة ويجب اعادة دراستها حتى لا تشكل خطرا على الرواد وهناك سبع دور ثقافة تتطلب تدخلا من مجموع تسع وسبق للمغرب ان طرحت المشكل في جانفي 2016 ولكن المسؤولين لا يسمعون الا حديث جدرانهم وصدى مكاتبهم؟.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115