مشروع «حواس» بمراكز الرعاية والإدماج: مسرح لا يلامس إنسانية الإنسان ليس مسرحا

الفن حياة، الفن مطية لمقاومة الوجع النفسي والجسدي هو بلسم لشفاء الروح المنسية يخرجها من غياهب ظلمتها ويزرع فيها تباشير الامل لتضحك

وتبدع هكذا هو المسرح في مشروع «حواس» الذي يلامس حواس الاطفال المختلفين من ذوي الهمم.

وحواس مشروع سوسيو ثقافي تنظمه جمعية مسرح الطفل والشباب بعقارب بالشراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية ودعم من مشروع «تفنن تونس الابداعية» ويقوم على 5ورشات ب5مراكز ادماج وهي ورشة مسرح الميم بمركز المرافقة والمتابعة لجمعية فاقدي السمع بالقيروان وورشة مسرح العرائس بمركز التربية المختصة الوفاق للجمعية العامة للقاصرين عن الحركة العضوية بالكاف وورشة المسرح التفاعلي بمركز المرافقة والمتابعة لجمعية القاصرين عن الحركة العضوية بصفاقس وورشة المسرح الاسود بمركز محمد العزيز عبد الجواد للشلل الدماغي بخزندار وورشة مسرحة القصة بالاتحاد التونسي لإعانة القاصرين ذهنيا بالكاف وتختتم فعاليات الورشات في مارس 2021 بخمس عروض مسرحية تقدم الى الجمهور.

«حواس» مشروع ادماجي وابداعي
«هم جزء من المجتمع، اذكياء ومختلفون ومبدعون أيضا نريد ان نتشارك معهم الامل والفرح والفن» بهذه الكلمات تحدث سامي البحري باعث الامل في ارياف صفاقس عن مشروع «حواس» ويضيف محدثنا لـ«المغرب» حواس هو مشروع سوسيو ثقافي هدفه العام ترسيخ ثقافة الخلق والإبداع عند الأطفال و الشباب من ذوي الاحتياجات الخصوصية و من الجنسين، وصقل و تطوير مهاراتهم الحياتية وتنمية قدراتهم التعبيرية، عبر أدوات فنية عموما ومسرحية خصوصا».

«حواس» مشروع مسرحي ادماجي وإبداعي تتمثل اهدافه في تنمية القدرات المهارية لذوي الاحتياجات الخصوصية (الصم و المكفوفين و القاصرين عن الحركة العضوية والاعاقات الذهنية والتوحد» من الجنسين، ويشمل المشروع 60 طفلا وشابا من خمس ولايات (صفاقس والكاف والقيروان وتونس وقفصة) عبر خمس ورشات مسرحية هي المسرح التسجيلي ومسرح الميم ومسرح العرائس ومسرح المقهورين والمسرح الاسود» بالاضافة لتمكين ودمج المبدعين من ذوي الإعاقة في الحراك الفني والثقافي وإبراز قدراتهم عبر انتاج 5عروض مسرحية وتقديمها للجمهور في التظاهرات و المهرجانات المسرحية الوطنية و الدولية لتغيير نظرة المجتمع لهم، ومن اهداف حواس ايضا تحفيز الاطفال والشباب من ذوي الاعاقة وأسرهم على ممارسة الفنون عبر تأسيس مهرجان وطني لإبداعات ذوي الاحتياجات الخصوصية وكذلك تحقيق مبدإ تكافؤ الفرص بين المواهب (الاطفال الاسوياء المختلفين).

«حواس» فرصة لاكتشاف مواهب ذوي الاحتياجات الخاصة وإخراجها الى الجمهور في اعمال مسرحية يقدمها الاطفال والشباب فالموهوبون ثروة طبيعية وانسانية لأي مجتمع ومن هؤلاء الموهوبين «ذوي الإعاقة الذين يسعى المشروع لاكتشافهم وإكسابهم الثقة بأنفسهم وإبراز قدراتهم الابداعية الى الآخرين من خلال الفن فهو احد الاساليب المستخدمة في العلاج والتأهيل وتتم حسب نوع المرض وكيفية التعاطي معه بشكل ايجابي ما يسرّع في عملية الادماج والتأهيل وهذا ما نرجوه من خلال «حواس»، حواس الذي يلامس الحواس والذهن و الانسان لان هدفنا الاول انساني ولازلنا نؤمن ان الفن قادر على صناعة المعجزات وللحلم دوما بقية كما يقول سامي البحري.

نعلمهم الامل ونتعلّم منه فن الحياة
المسرح حق للجميع وليس حكراً على فئة دون غيرها في المجتمع، المسرح لجميع شرائح المجتمع، لذا فان المسرح الذي يقدم بواسطة ذوي الاعاقة اذا ما تم تبنيه والاهتمام به من قبل الجهات الحكومية المختصة ومن قبل القطاع الخاص والمجتمع المدني، وإذا ما وظف هذا المسرح بطريقة محترفة وجيدة فانه سيسهم في انشاء جيل واع ومثقف في شتى جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وحتى السياسية فذوي الاحتياجات الخاصة هم شركاء في المستقبل، وهم الثروة الحقيقية لامتلاكهم قدرات وطاقات خلاقة ومنتجة في أي مجتمع متطور.
وفي «حواس» يكون المسرح الوسيلة الاولى للعلاج والإدماج «تجربة ممتعة، في البداية خفت ولكن اقبال الاطفال وتفاعلهم شجعني لنلعب ونعمل» هكذا وصفت سهام التليلي المشرفة على المشروع في الكاف وتضيف التليلي «تاطير الاطفال من ذوي الاعاقة له سحره الخاص فهناك ذكاء شديد يتميزون به، ذكاء واندفاع يشجع المؤطر على العمل، انطلقنا مع المهرج بألوانه الجميلة، ثم ممرنا الى تجربة الماريونات، قمنا بصناعة عروستين قبل دروس التحريك والاطفال احبوا العروسة جدا، ليسوا جميعا سريعي التفاعل لكن من لا يستطيع التفاعل مطلقا نحاول ان نوفر له الفرجة ليشبع عينيه بالألوان والفن» حسب تعبير سهام التليلي مؤطرة ورشة العرائس بمركز التربية المختصة «الوفاق» للجمعية العامة للقاصرين عن الحركة العضوية بالكاف.

تجربة أخرى مختلفة تتلاءم مع الاطفال في مركز التكوين والتربية المختصة لجمعية رعاية فاقدي السمع بالقيروان، تجربة مسرح الميم والبانتوميم او المسرح الصامت التي يؤطرها عمر هماني «نريد ترسيخ ثقافة الخلق وصقل وتطوير مواهب وإمكانيات الاطفال من فاقدي السمع، تجربة الميم او الفن الصامت مع فاقدي السمع ممتعة وفي مسارها لأنها تطلعك على الجسد ولغته، لا نحتاج الكلام فقط نكتفي بلغة الجسد وحركاته لنعلم الاطفال ونتعلم منهم ايضا» كما صرّح عمر هماني لـ«المغرب»، مضيفا «الميم لغة مسرحية لها تقنياتها ومقوماتها الفنية في اول لقاء مع فاقدي السمع حاولنا ان نقدم لهم هذا الفن ووجدنا تجاوبا كبيرا منهم، لأنهم يمتلكون لغة الجسد والتعبير ما نقدمه ليس لغة الاشارة بل فن مسرحي له تقنياته، تفاعلوا وتجاوبوا ميزتهم ذكاء شديد واختلاف وفطنة تميزهم عن الاسوياء»، فالورشة ستكون متنفسهم، ستكون فرصة لنحلم ونزرع فيهم الامل ونعمل على تقديم مشروعنا المسرحي في شهر مارس لان المسرح فنّ الحياة ومعهم نتعلم ابجديات التواصل والحياة كما يقول عمر هماني.
«حواس» ورشات مسرحية هدفها الادماج والعلاج، هي رسالة امل الى ذوي الاحتياجات الخصوصية ليعبروا عن انفسهم بالفن، ويطمح المشرفون على المشروع ليصبح المسرح خيارا وسبيلا وشكلا لحياة الاطفال وشباب المراكز والمؤسسات الخاصة بذوي الاحتياجات الخصوصية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115