مسرحية «آفان» إخراج شادي الماجري الانتاج الأول لمركز الفنون الركحية والدرامية سليانة: «سأظلّ مع الأغصان الجرداء حتى تزهر»...

بطل تونسي ولد منذ يومين يضاف الى المشهد الملحمي والمسرحي اسمه «آفان» ومعناه الخير، هو بطل مسرحية موجهة للاطفال انبعث من التراث اللامادي التونسي

وكتبه علاء فرشيشي بكل طرافة ليجعل الطفل المشاهد يسافر عبر الزمن ويستمتع بطرافة وذكاء الشخصيات، «آفان» عرض عرائسي بروح الصور المتحركة التي يحبها الاطفال عمل يحيي الطفل داخل المشاهد ويدفعه للسؤال والحلم أيضا.
«آفان» أول انتاجات مركز الفنون الركحية والدرامية بسليانة، نص لعلاء الفرشيشي واخراج شادي الماجري وتحريك العرائس لعلاء الفرشيشي وشادي الماجري ومحمد بن سليمة وبثينة الطوايبي وسينوغرافيا وليد الوسيعي وصناعة الملابس لعبد السلام الجمل وموسيقى لزين عبد الكافي واضاءة وجدي غزلاني وصوت محمد امين غزيل وتوثيق لمحمد امين بركاتي.
«آفان»: كم نحتاجه ليزرع التحدّى في نفوس أطفالنا
«آفان» هو عنوان المسرحية العرائسية، وتبدأ القصة بكاتب يجلس إلى طاولته يكتب قصة ويسترجع أحداثا قديمة يتحدث بها إلى الجمهور، صوت جهوري يخبر الحضور عن «آفان» الطفل البطل، ليقف ويحمل عروسته وتبدأ المسرحية، في «آفان» مسرحية داخل المسرحية، بنية درامية متكاملة وأحداث متناسقة وتحريك للعرائس يشد انتباه الكبار قبل الصغار.
الموسيقى سيدة البداية أغان تدغدغ الذاكرة وتحمل الطفل المتفرج الى عوالم الرسوم المتحركة وما تحمله الأعمال من قيم القوة والأمل والتحدي وهي الرسائل التي توجهها المسرحية العرائسية للأطفال تدعوهم للحلم وخوض التحديات لكسب النجاح.
«آفان» اسم امازيغي ومعناه الخير، في المسرحية يخوض الطفل المرفوض واليتيم «طفل الماشية» مغامرات مشوقة ومخيفة، اثناء الرعي يجد صدفة جرة ومنها تخرج الأفعى البيضاء التي تعطل جريان الوادي مما يتسبب في الجفاف ليقرر الطفل الصغير انقاذ القبيلة من العطش وخوض المغامرة رغم رفض سيد القبيلة واستناد المهمة الى «ابنه» لان البطولة من حقّ أبناء الأسياد لا ابناء الرعاة واليتامى حسب نصّ الحكاية.
اختيار اسم الشخصية الرئيسية ليس من الفراغ او الصدفة بل هو دعوة غير مباشرة للطفل ليحلم مثل «آفان» ويعرف انه عنوان للخير والإنسانية، دعوة للطفل ليبدع ويصنع مساره المختلف دون خوف من الآخر.
آفان ولد من المخيال الشعبي الامازيغي التونسي، قدم كشخصية مغامرات وقتال تونسية، بطل يحمل الهوية الوطنية وشخصية التونسي بما فيها من طموح وإرادة للمضي قدما نحو مستقبل أجمل، شخصية تقف في وجه الصعوبات لبناء غد أفضل للجميع، تهتم للمجموعة وتسعى لحماية الأرض،هو بطل ولد من الموروث الشعبي، حالما ببلوغ العالمية مثلما بلغها «تان تان» البلجيكي او «سوبر مان» الاسباني او «المحقق كونان الياباني»..
«آفان» هو الحلم، آفان هو الامل الساكن داخل كل طفل يدعوه الى العمل والثقة بالنفس ليبدع، في المسرحية الشخصية الرئيسية اختيرت بسيطة المنشئ والمولد حتى يعرف الطفل المتقبل أن بإمكانه النجاح وعمل الخير وتحقيق ذاته وأحلامه وحتى إن سرق أبناء الساسة والمسؤولين نجاحه ونسبوه لأنفسهم يظل بريق الأمل الذي زرعه مشعا وصادقا، كما فعل «اغيلاس» ابن سيد القبيلة.
و»اغيلاس» معناه النمر لكن الشخصية جبانة وتدعي البطولة فقط بالكلام، يعجز أمام العاصفة وتغلبه الأفعى البيضاء ولا يقدر على إنقاذ ذاته وأصدقائه ولكنّه يسرق النجاح من الطفل «افان» ويدعي للعموم انه منقذ الوادي من الجفاف، « لم يعلم احد حينها أنّ أفان هو من أعاد الماء إليهم كان مازال منبوذا و محتقرا بينهم، إذ أنّ ابن الزعيم ادعى أنّه أنقذ القرية، أما صبي الماشية فقد واصل طريقه نحو مجهول ينتظره، ليس له رفقة الا أحلامه و الأمل في غد افضل».
تمازجت كل العناصر ليكون العمل متكاملا
«آفان» مسرحية عرائسية للطفل والناشئة، قصة مغامرة ولدت من المخيال الشعبي التونسي، في المسرحية تتمازج عناصر السينوغرافيا من ديكور واضاءة وموسيقى الى العروسة لتحمل المتفرج الى عوالم المغامرة والتشويق رحلة تحلق بعيدال بخيال الطفل تدعوه لخوض المغامرة دون خوف، والتماهي بين المحرك والعروسة أضفى الكثير من الصدق على الحكاية حدّ الشعور أن ما تراه حقيقة وليس تمثيلا.
فالديكور يتناسب مع الخلفية التاريخية التي يتناولها العرض ويوحي بالبيئة البربرية التي ولد فيها افان، الضوء يقسم العمل إلى اروقة تشبه التمفصلات التاريخية، اللون الأصفر والبني هو المسيطر على الحكاية الوان ترابية لمزيد ايصال معاني الحقيقة، اللون الأصفر يحيل الى الجفاف وهو موضوع المسرحية.
و إضاءة العرض تتكامل مع الديكور لتعميق الإحساس بالجفاف وحالة الاضطراب التي تعيشها الشخصيات، كما أنها تلعب دورا أساسيا في بعث الإحساس بسريان السحر لتعوض بذلك دور المؤثرات البصرية وقد وظفت للتعبير عن حالات التحول، وتعميق الاحساس بقوة لإكسسوارات التي تتميز ببعد عجائبي كالناي والجرة السحرية و«تاغنجا» عروسة المطر.
عبرت الإضاءة أيضا عن تقلب المناخ و عن حركة الليل والنهار، في المسرحية تتمازج الايقاعات الافريقية القبلية مع الموسيقى المعاصرة لخلق توليفة مميزة تنطلق من المحلي الى العالمي وتحاول تعريف طفل اليوم بموسيقى القدامى وايصال انّ الموسيقى وسيلة ايضا للتعريف بالتراث اللامادي لهذه الارض.
المسرح التزام:
المسرح التزام بثقافة الحياة والإبداع، التزام باحترام حق الطفل في الحلم والتزام بايصال رسائل عن القوة و التحدي وزرع القيم الانسانية في الطفل، مسرح الطفل التزام باحترام خيال الطفل المتفرج و احترام لذكائه وحق أطفال الداخل في أعمال مسرحية ترتقي بالمشهد عموما، هذا ميثاق شرف خاصّ جدا يعمل به ثلاثة أصدقاء شادي الماجري ومحمد بن سليمة وعلاء الفرشيشي جمعهم المكان المنشئ «قعفور» من ولاية سليانة وجمعهم حب المسرح ودراسته وجمعهم العمل على نشر ثقافة الفرجة المسرحية في المناطق الريفية ودواخل البلاد حتى لا يحرم طفل اليوم من أعمال مميزة حرموا منها صغارا.
هم ثلاثة أصدقاء جمعهم الفن الرابع واختاروه مهنة وحلما وبعد عملهم الاول «توبي الدوامة» هاهو العمل الثاني يرى النور ليكون اول عمل لمركز الفنون الركحية والدرامية بسليانة وعنوانه «افان» عمل مسرحي جمع الاصقاء علاء فرشيشي ومحمد بن سليمة وشادي الماجري صحبة بثينة الطوايبي و»افان» عمل مسرحي ينطلق من فكرة إحياء التراث اللامادي لتونس وتقديم بعض الخصوصيات الموسيقية والتراثية مثل «تاغنجا» عروسة المطر.
علاء فرشيشي:
«آفان» تجربة اخرى ننحاز فيها للمظلومين
صديق الأطفال، يكتب لهم بكل الصدق والحب، علاء فرشيشي مؤطر نادي المسرح بالمدرسة الابتدائية بقعفور، اختار ان يعلّم الاطفال حبّ المسرح لان المسرح عنده ولادة امل متجدد، عن العرض الوليد «افان» يقول علاء فرشيشي انطلقت من مقولة هاياو مايزاكي، مخرج أفلام الانمي الياباني « ديزني تكذب على الأطفال، أما أنا فلا» وقد اخترنا أن نقول للأطفال الحقيقة، فالحياة ليست وردية دائما كما صوّرتها القصص وأفلام الرسوم المتحركة، وليس من الضروري ان تجازى لفعل الخير ولا توجد دائما فكرة المكافئة من هنا ولد «آفان» بطل تونسي امازغي الاسم هو شخصية تناضل من اجل انتصار القيم النبيلة وسط مجتمع اعمى، ورغم المصاعب تحافظ الشخصية على مواقفها ومبادئها تجاه المجموعة والوطن.
ويضيف كاتب النص افان المسرحية هي صوت المظلومين، صوت كل شخص منبوذ لاختلافه، هي دعوة للحلم والإيمان انّ غدا أفضل حتما، لأننا منحازون دائما للقضايا الخاسرة ومنحازون للإنسان».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115