مسرحية «بوبا» إخراج عامر المثلوثي ضمن المهرجان الوطني لمسرح الطفل وفنون العرائس: دعوا الطفل يحلم ويصنع عوالمه العجيبة

صراع الخير والشرّ، صراع البياض والسواد، ثنائية الأمل والألم من اهم المواضيع التي تدور في فلكها مسرحية «بوبا» عن نص الطفل

الملك لسليمان جيغو ديوب وسينوغرافيا وإخراج لعامر المثلوثي وتحريك كل من نضال الحناشي وخبيب العياري وايمن العمدوني ووسيم اليحياوي وعامر المثلوثي وهندسة الفيديو لياسين الهمامي وإنتاج لشركة «ارسطوفانيس» للمسرح.
«بوبا» عرضت ضمن فعاليات مهرجان مسرح الطفل وفنون العرائس الذي نظمه المركز الوطني لفن العرائس من 24 الى 30 ديسمبر 2020 والمسرحية محاولة لدغدغة الخيال عند الجمهور من الاطفال وإيصال رسائل عن العمل وأهمية المعرفة بالمسرح.
خيال الظل لإثراء خيال الطفل
تقنيات مسرحية متعددة استعملها عامر المثلوثي في عمله «بوبا» اذ جمع بين الخرافة وتقنيات الحكاية وخيال الظل، القصة تبدأ بتحرك شيء ما، يشبه الشيخ «خرقة منسية، كنت شيئا ما» يتحامل ليحدث الجمهور ويطلب منه الانصات جيدا لحكايته «الحكاية ذاكرة، وجب ان نحافظ على الذاكرة والقصص» حد تعبيره لتبدأ القصة التي ستحمل الاطفال بتقنية خيال الظل الى افريقيا.
الرحلة المسرحية الى قرية صغيرة اين ولد الطفل بوبا وتعلم لغة الحيوان والنبات، في المسرحية مراوحة بين زمن الماضي والحاضر، الماضي يعبر عنه عبر الشاشة الصغيرة التي تجلب انتباه الأطفال (خيال الظل) والحاضر بحديث «العجوز الذاكرة» المراوحة بين الزمنين تعطي الفرصة للطفل ليفهم الأحداث ويواصل ترتيب البقية في مخياله، وتقدم الفرصة للممثلين ليغيروا الشخصيات أيضا.
«بوبا» قصة الطفل الذي أصبح ملكا لحبه لفعل الخير وقدرته على شفاء جميع المرضى لمعرفته الجيدة بالأعشاب ، طفل حالم يبحث عن الخير والامل يعيش الكثير من محاولات تغيير مساره من الخير إلى الشر ليعيش صراعا داخليا يرهقه في الكثير من الأحيان لولا تدخل الجدّ بالنصيحة، في العمل مراوحة بين الأحلام الأطفال وحكمة الكبار يجمعهما المثلوثي في عمل واحد مبنيّ بطريقة جيدة من حيث النص والبناء الدرامي وتحريك العرائس والحكاية.
«بوبا» مسرحية للطفل تبعث بعدة رسائل أهمها الحلم «أنا فهمت أن على الطفل التمسك بأحلامه لينجح، وعليه أن يحلم ويحلم» كما قالت الطفلة ميساء إحدى الحاضرات للمسرحية أثناء النقاش، فالحلم سلاح الصغار والكبار ودونه تصبح الحياة رمادية لا الوان فيها، كذلك تشجع الطفل على العمل والتعلم فبوبا نجح لأنه انصت لدروس جده وواظب على المعرفة فاصبح حكيما وملكا، فالمسرحية تشجع الطفل على مزيد طلب العلم والمعرفة لانها نور العقل والقلب.
الموسيقى وسيلة لفك شيفرات العمل
ساحرة هي الموسيقى، ممتعة تنساب لتدغدغ الذاكرة وتدفع الاطفال إلى التصفيق والتفاعل ايجابيا مع العرض، الموسيقى من مقومات الجمال السينوغرافي أتقنها جيدا صانعها وأمتع جمهوره من الأطفال الذين اقبلوا بعدد غفير ليستمتعوا بالفرجة.
«بوبا» إسم المسرحية وإسم الشخصية الرئيسية، «بوبا» طفل إفريقي في قرية جد هادئة وفقيرة، «بوبا» الطفل الذكي تعلم منذ نعوم أظافرهة لغة الحيوانات والأعشاب، في العمل مزج بين الواقعي والخيالي، القليل من الحقيقة لتقديم بعض المعلومات التاريخية والعلمية للأطفال والكثير من الخيال لتشجيعهم على التفكير والرحيل مع خيالهم حيث يشاؤون ليصنعوا عوالم متجددة وتلك إحدى رسائل مسرح الطفل.
الموسيقى من روافد العمل ومقوماته، صوت السطمبالي والشقاشق يصنع الملحمة الصوتية للعمل، الموسيقى الإفريقية تتحد مع موضوع العمل وشخصياته واختيار الموسيقى الإفريقية طريقة أخرى لترسيخ الانتماء للقارة السمراء وتعريف الأطفال بالموروث الفني والإبداعي والقصص والحكايات لقارة غنية بالقصص ومتفرعة ومتنوعة تنوع لهجات وأعراق سكانها، وفي المسرح تحضر اللهجة المحلية الإفريقية في العمل الى جانب الفصحى.
الموسيقى عنوان للهوية والانتماء اعتمدها المخرج عامر المثلوثي في تأثيث فقرات عمله المسرحي فكانت الموسيقى دليلا لحركات الشخصيات ووسيلة للمرور من مشهد إلى آخر، الموسيقى عنوان الالم والامل، بها يعبر الطفل بوبا عن خوفه من الأشرار ومعها يحلق في سماء السعادة كلما انقذ انسانا بسيطا من خطر المرض والألم، الموسيقى كانت دليلا الأطفال لفك شيفرات العمل وتحليله ونقاشه وبها استطاعوا الدخول إلى عوالم الأقاصيص الإفريقية لمزيد اكتشافها.
نجاح فني رغم المصاعب في ارسطوفانيس
متى توفرت الإرادة نجحت العملية الإبداعية، مسرحية «بوبا» جمعت ثلة من ممارسي المسرح في وادي الزرقاء من ولاية باجة، تلك القرية المتعطشة للفنون أبدع أبناؤها في تقديم عمل يكشف أن خارج المركز يصنع الإبداع وتنجز أعمال مسرحية تمتع الصغير والكهل، في فضاء ارسطوفانيس ورغم المشاكل المتعددة التي عاشها الفضاء وأصحابه طيلة العام الفارط إلا أنهم لم يتراجعوا عن حب المسرح وانجازه وأتقنوا كل التفاصيل التي نقلت في عملهم المسرحي الموجه إلى الطفل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115