«معرض صحافة بلا خوف في مدينة الثقافة: الصورة كما الرصاصة تخترق الذاكرة وتبقى

تعجز الكلمات عن التعبير أمام قوة الصورة وصدقها، صور وثّقت لاحتجاجات متعددة في أنحاء العالم، فيها عين المصور توثق للحقيقة وتلتقط صورا تعجز

الجمل عن وصفها أحيانا فهي صادقة منحازة للإنسان وللإنسانية، صور تكشف قبح الأنظمة أحيانا، وأحيانا أخرى تقترب من شرارة الغضب المرسومة في عيون المواطنين.

فلسطينيون أو جزائريون أو أتراك أو امركيون ، الصورة وسيلة المصور الصحفي لإيصال أصوات الكثيرين، صور ترهق الناظر إليها أحيانا فكيف بملتقطها وفي بهو المدينة تزين ذاك الفضاء شبه الدائري بصور من الحجم الكبير اختزلت التحركات الاحتجاجية للمطالبة بالحرية أو لرفض الميز العنصري والعنف الذي تسلطه الأنظمة على المواطنين في معرض لـ word press photo بالشراكة مع سفارة هولندا بتونيس، المعرض عبارة عن صور لتوثيق الاحتجاجات منذ 1957.

الصورة: الذاكرة
كم من صورة شاهدناها وحفرت في الذاكرة؟ كم من صورة اعترضتك صغيرا ولازالت تفاصيلها ترافقك إلى اللحظة وكأنها التقطت للتو؟ من نص طويل اختزل في صورة ومشهد بشع يتطلب مئات الجمل نقلته صورة؟ لازالت صورة «محمد الدرة» مضرجا بدمائه تسكن الأذهان ولازالت صور السوري الغريق مرميا على الشاطئ محفورة في الذاكرة وبين الصورة الأولى والثانية عدة أعوام لكن الأثر واحد فالصورة كما الرصاصة تخترق الجسد ورغم شفائه يظل جرحها شاهدا على اختراقها لذلك الجسد ذات مرة.
فلسطين القضية وقبلة كل المصورين، الكاميرا دائما تلتقط صورا لأطفال يتمتعون بعزيمة الكبار يتحدون الكيان المحتل ويواجهونهم بطفولتهم، من الصور المعروضة صورة لمجموعة من الأطفال الفلسطينيين يحملون مسدسات لعب وكأنهم يخبرون العالم أنهم سيحاربون دائما لأجل أرضهم ووطنهم ورغم قدم الصورة من حيث التاريخ إلا انّ القضية الفلسطينية لازالت وجهة العديد من المصورين الباحثين عن لحظات الشجاعة والبسالة..

من فلسطين إلى السودان مع صورة التقطت ليلا لمجموعة من الشباب يردد شعارا احتجاجيا على ضوء الهواتف المحمولة بينما يردد المتظاهرون هتافات لأجل حكومة مدنية أثناء انقطاع التيار الكهربائي، الصورة توثق لاحتجاجات السودان وتحصلت على جائزة «وورد براس» للعام 2020 وجاء في التعليق أن الاحتجاجات في السودان بدأت في ديسمبر 2018 وانتشرت بسرعة في جميع أنحاء البلاد، وطالب المتظاهرون بإقالة عمر البشير الذي حكم البلاد 30عاما وقد فتحت القوات الأمنية النار على المتظاهرين العزل ولقي العشرات حتفهم وتعرض مئات اخرون لمزيد العنف، الصورة لـ Yasuyoshi chiba واعتبرت صورة العام 2020.
في الجزائر عاش الجزائريون طيلة العام 2019 وبدايات 2020 على وقع الاحتجاجات التي طالت كامل البلاد، احتجاجات نقلت بالصور وفي المعرض صورتين فائزتين بالجائزة نقلتا الاحتجاجات الجزائرية، الاولى لتلاميذ المدارس أثناء صدام مع الشرطة وميزتها الكتب المتناثرة كما الورود والثانية نقلت متظاهرين في العاصمة الجزائرية واغلبهم من الشباب، الذين شكلوا مجموعات «الالتراس» ولعبوا دورا كبيرا في الاحتجاجات وتشجيع المتظاهرين لمزيد الهتاف والتعبير عن الرفض لنظام بوتفليقة والصورة فازت بالجائزة الأولى عن مشاريع طويلة للعام 2020 والصورة ل romain laurendeau.

الصورة انتصار للانسانية
الصورة الصحفية تنتصر للإنسان، تكون في صفّ الحقيقة وفي كل الاحتجاجات ضدّ العنصرية كانت الصورة نصير المحتجين تؤكد مدى قوتهم والتزامهم بقضاياهم، في إطار مناهضة العنصرية مجموعة من الصور ومنها صورة لشابة سمراء جميلة تقف شامخة أمام رجال الشرطة بكل عتادهم وسلاحهم، تقف دون خوف بلباسها الصيفي وجاء في التعليق «ايشا ايفانز، ترفض التراجع خلال مسيرة ضدّ عنف الشرطة ضدّ الرجال السود نظمت في جويلية 2016 خارج مركز شرطة باتون في الولايات المتحدة، وكانت ايشا قد سافرت إلى باتون روج للاحتجاج على مقتل «التون ستيرلنج» الذي أطلق عليه النار من مسافة قريبة عندما سحقه ضابطان أبيضان» في الصور بدت ايشا ايفانز صامدة غير عابئة بقوات الشرطة مؤمنة بقضية تدافع عنها وجاءت الصورة منتصرة لشموخها وقوتها والصورة لـ Jonathan bachman.
من الصور التي تنقل دفاع السود عن قضيتهم صورة لـ«دورثي كاونتس» الطالبة السوداء الأولى التي التحقت بالمدرسة العليا «هاري هاردينغ» وفي الصورة الطالبة وخلفها الكثير من المارة البيض يسخرون منها وكانت الفتاة واقفة بشموخ وكأننا بالمصور الصحفي ينتصر لها ولثباتها وقد التقطت الصورة عام 1975.
صور لاحتجاجات ومحتجين من كل العالم، الكاميرا تنقل للمتفرج مئات القصص من مئات البلدان، صور بعضها صادمة وأخرى اشد صدمة ومن الصور الموجعة جدّا صورة لكاهن بوذي احتج بحرق نفسه فبدا الجسد النحيل تأكله النيران والناس ينظرون الى الجهة الاخرى وحده المصور الصحفي اقترب ووثق للحظة والمشهد القاسي، وصورة اخرى لمحتج من فنزويلا يركض والنيران تأكل ظهره والصورة لشاب يدعى «خوسيه فيكتور سالازار بالزا» اشتعلت فيه النيران خلال اشتباكات عنيفة مع شرطة مكافحة الشغب خلال احتجاجات ضد الرئيس نيكولاس مادورو عام 2007 والصورة حازت على جائزة افصل صورة للعام 2018 لانها جمعت ثنائية الحياة والموت.

زكرياء الشايبي:
الصورة تخترق التاريخ
الصورة تأريخ وتوثيق لحركات ومشاهد لا تتكرّر، في المعرض 24 لوحة من عام 1957 الى العام 2020 هي لحظات او جولة مع الروبورتاج الصحفي في أمريكا والفيتنام وافريقيا وفلسطين ودول عديدة نقلت الكاميرا اجمل صور عن الحركات الاحتجاجية، فالصورة كتاب تاريخ مكتوب بالكاميرا، في المعرض الصور جميعها تتحدث عن معاناة الإنسان تجاه القهر والظلم ينقلها المصور الصحفي بكل ذكاء وصدق فالمصور عادة «يشم اللحظة والصورة» لتولد بذلك الصدق وتكون تقنيا صحيحة وفي الوقت ذاته مليئة ومشحونة بالمعاني.
ويضيف الشايبي «للصورة قراءات متعددة وكلما تقدّم الزمن اختلفت القراءة، فالصورة ايقونة عالمية ومدرسة تسجل التاريخ وتخترقه وتنقل الشعب المحتج من الهامش الى صدارة الخبر ومن العتمة الى الضوء ، لان الصورة كما شرارة النار».

معرض صحافة بلا خوف:
صحافة بلا خوف او محاباة» الرسالة الرئيسية للمؤتمر هي انه يجب علينا الدفاع عن وسائل الإعلام وحماية الصحافة من أشكال السيطرة المستمرة والجديدة مع تعرض استقلال وسائل الإعلام وحريتها للتهديد في العديد من البلدان أصبح هذا الموضوع الاكثر أهمية من اي وقت مضى.

word press photo
عبارة عن منصة عالمية تربط المهنيين وعامة الناس من خلال الصحافة المرئية الموثوق بها وسرد القصص، تأسست في عام 1955 من قبل مجموعة من المصورين الهولنديين الذين نظموا مسابقة word press photo لعرض اعمالهم على جمهور دولي، منذ ذلك الحين، اصبحت المسابقة للتصوير الفوتوغرافي الاكثر شهرة في العالم، وتساعد معارض وبرامج العالمية ملايين الاشخاص على اكتشاف القصص المهمة.
وجاء في تعريفها هي منظمة مستقلة غير ربحية مقرها في امستردام للقصص المهمة مقر دائم على مدار السنة، هناك معارض ومحاضرات وعروض لقصص مرئية عالية الجودة حول مواضيع تؤثر على حياتنا، مما يجعل المقر نقطة ساخنة ثقافة جديدة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115