أدباء في القلب والذاكرة : مصطفى الفارسي:(1931 /2008)

يُعتبر مصطفى الفارسي من رواد الكتابة الأدبية في تونس فقد نظم الشعر بالعربية والفرنسية وألّف القصة القصيرة والرواية والمسرحية كما اهتم بكتابة السيناريو والترجمة وأدب الرحلات بالإضافة إلى أنه مارس الفن التشكيلي وله عدة رسوم تشكيلية. وهو من مؤسسي اتحاد الكتاب التونسيين

ومن مؤسسي نادي القصة بالوردية ومن الذين تحملوا مسؤوليات هامة في البلاد سواء في وزارة الثقافة أو في اتحاد كتّاب آسيا وإفريقيا (حيث تولى رئاسة تحرير مجلته لوتس) التي كان يصدرها في تونس.
اسمه بالكامل مصطفى عبد العزيز بن حامد بن سطا علي الفارسي ولد في مدينة صفاقس يوم 26 ديسمبر 1931 تعلم في «كتّاب» الحي أولا فحفظ نصيبا من القرآن وتعلم مبادئ القراءة والكتابة ثم انتسب إلى المدرسة القرآنية «الشباب» بصفاقس وذلك سنة 1936 أين قضّى ست سنوات في الدراسة حيث تحصل سنة 1942 على الشهادة الابتدائية فالتحق بموجب ذلك بالمعهد الثانوي بصفاقس وقد تواصلت دراسته الثانوية إلى حدود شهر جوان 1952 لينتقل إثر ذلك إلى جامعة السوريون في باريس لمواصلة تعليمه العالي (1952-1956) حيث تحصل على الإجازة في اللغة والآداب العربية سنة 1955 وعلى شهادة ختم الدروس العليا من كلية الدراسات الإسلامية العليا سنة 1956 وذلك ببحث جامعي حول (ثورة القرامطة) وبمجرد عودته إلى أرض الوطن حديث العهد بالاستقلال تم تعيين مصطفى الفارسي ملحقا بديوان كتابة الدولة للأخبار (1959-1956) ثم وقع تعيينه رئيس مصلحة العلاقات الخارجية ومصلحة حقوق التأليف بمؤسسة الإذاعة والتلفزة (1952 - 1956).
يقول الأستاذ بوراوي عجينة عن هذا الجانب ما يلي (ولمصطفى الفارسي أيد سخية على الإعلام الثقافي فقد عمل منذ أواسط الخمسينات في الإذاعة وكلّف بالعلاقات الخارجية ومن هذا المنبر عرف بالآداب العالمية واطلع من خلال زياراته على حضارات قصيّة وعادات

شعوبها فقد عرّف من خلال دراسات حضارية لثلاثة شعوب اشتراكية هي كوريا الشمالية ورومانيا والصين) وقد ترجم في هذا المجال مسرحية (سور الصين لكاتب صيني) أما أبو القاسم محمد كرّو فقد كتب التالي (.. كان عندي في الإذاعة التونسية حوار أسبوعي باسم «ملتقى الأسبوع» يشارك فيه معي شخصان أو أكثر وقد شارك فيه مصطفى الفارسي مرات عديدة ولعل خزينة الإذاعة تحتفظ بهذا الأرشيف وهذا التاريخ لقيمته وأهميته) والشهادتان وردتا في الكتيب الذي أعده اتحاد الكتّاب التونسيين بمناسبة الأربعينية وفيه صور أيضا للفارسي مع عديد الأدباء التونسيين (صالح القرمادي، أبو زيان السعدي، عبد الحميد خريف) والعرب (الطيب صالح ومحمود درويش والمغربية خناتة بنونة...) وغيرهم وبعد عمله في مؤسسة الإذاعة تم تعيين مصطفى الفارسي رئيسا مديرا عاما للساتباك وهي شركة مهتمة بالإنتاج السينمائي والتشجيع عليه(تابعة لوزارة الثقافة) وذلك حتى أواخر 1968. ليتم تعيينه مديرا لإدارة الآداب بوزارة الثقافة والرئيس الثاني للجنة الثقافية القومية ثم مستشارا لوزير الإعلام (1970 - 1972) بعدئذ سمّي على رأس دائرة المسرح بوزارة الثقافة (1972 - 1975) فمديرا للنشر والتوزيع بوزارة الإعلام حتى 1979 وفي العام الموالي أُعيد تعيين مصطفى الفارسي مديرا ثم مديرا عاما لإدارة الآداب بوزارة الثقافة (1980 - 1987) ليُحال بعد ذلك على المعاش.

في الأثناء كان مصطفى الفارسي يكتب وينشر ما يكتبه على صفحات الجرائد والمجلات كالصباح والعمل الثقافي ومجلة الفكر من ذلك مثلا: القصة في الشريط السينمائي (مجلة الفكر: أفريل وماي وجوان 1959)، اللاقصة في الأدب الأوروبي (الفكر: ديسمبر 1962)، مشاكل الخلق المسرحي (جريدة العمل الثقافي 25 جوان 1970) بالإضافة إلى القصص والمسرحيات. أما الشعر فكان يكتبه بالفرنسية حينا وبالعربية أحيانا. يقول عبد الواحد براهم «هناك منحيين في شعر مصطفى الفارسي الأول هو الالتزام والثاني هو

الوجودية التي ظهرت في قصائده التي كتبها بداية من الثمانينات.

لقد تولى الفارسي نشر العديد من مسرحياته كما عُرف أيضا بروايته «المنعرج» وبمجموعته القصصية «القنطرة هي الحياة» حيث طبعت أكثر من ثمان مرات وتم إدراج العديد من نصوصه في الكتب المدرسية.
من جهة أخرى وجبت الإشارة إلى أن مصطفى الفارسي ربط علاقات صداقة أولا مع رفيق دربه في الكتابة المسرحية التيجاني زليلة (حيث أصدرا معا عديد المسرحيات) ومع عديد الكتاب والأدباء من مجايليه مثل محمد فريد غازي وأبو القاسم محمد كرّو والعروسي المطوي ومحمد المرزوقي وغيرهم.

كما أنه زار عديد البلدان في المشرق والمغرب. بل وفي مختلف القارات حيث كانت له علاقات أدبية وثقافية عديدة ومتنوعة وهو ما يفسّر انضمامه إلى منظمة كتّاب آسيا وإفريقيا وتحمله مسؤولية رئاسة تحرير مجلتها (لوتس» في نسختها العربية. وقد تمت مكافأة مصطفى الفارسي لإشعاعه الأدبي وإنتاجه الغزير والمتنوع بعديد الجوائز محليا وعالميا... وحين غيّبه الموت في العاصمة تونس يوم 07 فيفري 2008 تألم لرحيله كل من عرفه من قريب أو بعيد.. وقد تم دفنه في مقبرة الجلاّز في موكب حضره وزير الثقافة وعديد

الكتّاب والمبدعين والإعلاميين.

كما تجدر الإشارة إلى أن كتابه (حركات) تولى ترجمته إلى الفرنسية سنة 2010 المركز الوطني للترجمة كما خصّه محمد المي بفصل في كتابه (منطلقات التنوير في الثقافة التونسية) الصادر سنة 2009 كما سبق أن عرّف به وبإنتاجه الأدبي مصطفى الكيلاني في كتابه الصادر عن مؤسسة بيت الحكمة سنة 1990 بعنوان (تاريخ الأدب التونسي الحديث والمعاصر: الرواية) وكذلك فعل الدكتور عمر بن سالم في كتابيه: مختارات قصصية لكتّاب تونسيين، ومختارات لشعراء تونسيين أما بوراوي عجينه في الجزء الثاني من كتابه موسوعة القصص العربية في تونس في القرن العشرين فقد تحدث عن مسيرة مصطفى الفارسي الأدبية وأورد سردا مهما لما نشره من مقالات بالاضافة إلى المقالات والدراسات المتعلقة بأدبه كما أورد له ثلاثة نصوص قصصية هي: يوم عيد، سلسلة من ذهب، القنطرة هي الحياة. بالإضافة إلى عديد الشهادات حول أدبه ومسيرته.

وهكذا فقد مارس الفارسي نشاطا متعدد الوجوه ورغم رحيله فقد ظل أدبه متداولا وذلك لثراء تجربته الأدبية وتنوّعها.

من مؤلفاته

• البيادق/ الطوفان/ الأخبار/ رستم بن زال (مسرحيات بالاشتراك مع التيجاني زليلة)

• المنعرج (1963) رواية

• القنطرة هي الحياة (1966) مجموعة قصصية

• سرقت القمر (1967) مجموعة قصصية

• الفتنة (1967) مسرحية

• حركات (1977) رواية تجريبية

وقد أحرزت روايته (المنعرج) سنة 1963 على جائزة علي البلهوان ونفس الجائزة أحرزتها مسرحيته (الفتنة) سنة 1967. وبالإضافة إلى ذلك تحصل مصطفى الفارسي على الجائزة التقديرية الكبرى (لوتس) لاتحاد كتّاب آسيا وإفريقيا (سنة 1983) وعلى الجائزة

التقديرية للفنون والآداب (سنة 1993).

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115