القصرين تحيي الذكرى الـ 12 لرحيل محمود درويش: من جبال سمامة ... هنا فلسطين

فوق جبال سمامة الشامخة وعلى إيقاع الفن التراثي الفلسطيني أحيا المركز الثقافي الجبلي بسمامة الذكرى الـ 12 لرحيل الفنان الفلسطيني محمود درويش

في تحية وفاء من أرض تونس الى فلسطين، بحضور سفير دولة فلسطين في تونس هايل الفاهوم والملحق الثقافي في سفارة جمهورية ايران الإسلامية وبمشاركة الرابطة الوطنية لحقوق الانسان فرع القصرين و عمادة المحامين ومدير المركز الثقافي بسمامة وبحضور التنسيقية التونسية الفلسطينية للإعلام وعدد من الشخصيات الحزبية والنقابية وعدد من كوادر سفارة فلسطين ونشطاء من أبناء الجالية الفلسطينية والسورية واللبنانية وحشد كبير من سكان المنطقة فكان اللقاء بين المشرق العربي ومغربه هناك في جبل سمامة.

رغم بعد المسافات بين تونس وفلسطين ظلت القلوب والأرواح تقرّب كل شيء ، وفوق جبل سمامة كان درويش حاضرا بقلبه وكلماته وشعره وايمانه بقضيته ...يشعر زائر المكان بأن روح درويش تحلق بين الحضور فهو «الحاضر بالغياب» وهو الذي قال عن تونس قبل سنوات « كيف نشفى من حب تونس» فأجابه أبناء الخضراء بالقول « كيف يمكن ان نشفى من حب فلسطين».

القدس وغزة ورام الله ونابلس وكل المدن الفلسطينية كانت حاضرة بكوفية النضال التي لفّت الأعناق وبدقات قلوب الحاضرين التي أطربها إيقاع الموسيقى الفلسطينية المعزوفة بأنامل أبناء القصرين .

ولم ينس الحاضرون بيروت فلها كل القصائد وكل الحب وكل التضامن مع وجعها وآلامها فغنت الفرقة الفنية أغنية خاصة تحية لبيروت . « اشهد يا عالم علينا وعلى بيروت « فاشهد أيها العالم اليوم على بيروت التي تعيش فاجعة جديدة ولكنها ستنتفض مجددا وسينفض أبناؤها عن وجهها رماد الحزن.

محمود درويش الذي كتب عن وطنه وعن كل الأوطان وعن الحب والأرض وعبقها وكتب أيضا عن الاكيل والزعتر والصنوبر ، فكأن قصائده الحية التحمت في تلك الأمسية الصيفية مع تراب هذا الجبل الصامد والذي قاوم كل ضربات الإرهابيين وانتصر عليهم ودحرهم مثلما دحر كل الغزاة في تاريخه.

مقاومة العنف والتطرف بالثقافة
وقال مدير مركز سمامة في مستهل الأمسية الشعرية الخاصة ان محمود درويش بذكرى وفاته هذه يلهمنا للعمل على مقاومة العنف بالثقافة والشعر وتصليب ثقافة الحب في النفوس. مؤكدا بأن القصرين مصرة على بقاء فلسطين قضية وشعبا في مركز اهتمامات الحركة الثقافية في الجهة.
وأكد سفير دولة فلسطين في تونس هائل الفاهوم أن الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش الذي فاض عن فلسطينيته كما تجاوز عروبته نحو كونية كانت الانسانية جوهرها وحرية الانسان اساسها صار اليوم ملهما لنا ولكل التواقين للحرية لمواصلة الاصرار على استكمال دروب البحث عن الانعتاق والسلام. وقد ذكّر الفاهوم في مستهل كلمته بعشق محمود درويش للتونس حيث ردد على مسامع الحضور مقطع كيف نشفى من حب تونس الذي قال سعادته انه تعبيرا عن تعلق الشاعر بارض تونس وشعبها الذي وقف مع شعبنا الفلسطيني وقفة عز في احلك الظروف.

تحية وفاء لفلسطين
من جانبه، اكد رئيس الفرع الجهوي للمحامين بالقصري عماد الهرماسي ان فلسطين التي انجبت شاعرا بحجم محمود درويش لا يمكن لها الا ان تنتصر وانه لن يكون بمقدور الارهاب الصهيوني ان ينال من تصميم الشعب الفلسطيني على الانتصار . وقال: «انه من دواعي العزة والشرف ان نحتفل اليوم من جبال القصرين الصامدة بوجه الإرهاب والظلامية لنرسل تحية وفاء لأرضنا السليبة في فلسطين وارضنا التي تحاك لها الدسائس ومنها ما يسمى بصفقة القرن التي نعتبرها سرقة القرن وهي محاولة يائسة للاستحواذ على الأرض . ارض فلسطين في قلوبنا وبالتالي مهما فعلوا ومهما دبروا المكائد والدسائس فان فلسطين ستبقى في قلوبنا ودرويش سيظل الشاعر الثائر الذي غنى للحرية

والكونية ولحقوق الانسان والفن والحب والعشق» . وتابع :»محمود درويش هو فلسطين ونحن اليوم اصرينا على احياء ذكرى رحيله لكي تبقى جذوة الثورة الفلسطينية في قلوبنا معتبرا ان فلسطين قضية الجميع وهي قضتنا الأم وقضيتنا المركزية للامة العربية والإنسانية جمعاء . اما حقي برقاوي، عن الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، فشدد على نضال المحامين التونسيين الداعم بلا حدود لنضال شعب فلسطين وقضيته العادلة، مشيرا الى رفض المحامين لكل ما يحاك ضد شعب فلسطين وخاصة ما سمي بصفقة العصر المذلة، ونضال المحامين من أجل اسقاطها، مجددا على دعمهم الكامل واللامشروط لعدالة القضية الفلسطينية».

كانت جبال سمامة في تلك الأمسية تنصت للمداخلات الشعرية التي استهلها الشاعر السوري هادي دانيال بعنوان «شعر محمود درويش : السنة الثانية عشرة من ولادته الجديدة «وتناول فيها جانبا من الصيرورة الشعرية للشاعر محمود درويش واهم المراحل التي مرت بها وآثار تطور قصيدة درويش في الحركة الشعرية العربية.» واستذكر درويش بقراءة قصائد من ديوانه «لماذا تركت الحصان وحيدا يا ابي» والتي تفاعل معها الحضور بحرارة وحلق بعيدا في سكينة هذا الجبل .

كما ألقى عدد من شعراء تونس قصائد في حب فلسطين ونضال شعبها، واختار مدير مركز سمامة الثقافي أن يوجه تحية حب لفلسطين ودرويش بقصيدة خاصة.

وكان الاختتام بنكهة فلسطينية خالصة وبإيقاع الدبكة التي أدخلت البهجة والفرح الى قلوب الحاضرين . فهذا الإيقاع التراثي لفرقة جفرا الفلسطينية يذكرنا بأن الانتصار قريب وبأن إرادة الصمود لا تنكسر وبان فلسطين تضم شعب الجبارين . واعتبر عماد الهلالي في تصريح لـ«المغرب» ان هذا الموعد الدّرويشي على سفح جبل سمّامة أغنية جديدة ننشدها وفاء لهذه الأرض الطيّبة الممتدّة من البِروة مسقط رأس درويش إلى بوفروة قريتنا...

وأضاف: «كوّنّا مجموعة المَعبَر لتقديم الأغاني الفلسطينية وخاصة تراث فرقة العاشقين وننشر قصائد درويش في الأوساط الشبابية وشعر درويش حرث في هذا الارض. نحن نعيد قراءتها كفلاّحين ومزارعين ورعاة لا كمختصّين أكادميّين وألسنيّين. هكذا نطرب لغنائيّات درويش الخالدة وهكذا نتفاعل معها. واعددنا طاولات من حَلْفاء و باقات للضيوف من أزهار الجبل وفطورا ريفيّا مع عطور الإكليل في أرجاء المكان».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115