في تجربة الفنانة التشكيلية أمينة العيوني: أجواء باب سويقة وعبق المــاضي والذكريــــات

سفر ملون يختصر هواجس الذات الحالمة وهي تعانق ألق اللحظات حيث الرسم وجد وذكرى وأغنيات يزيدها التلوين بهاء و حرقة و تشوفا للآتي ...

هكذا هي الحكاية في حيزها الجمالي ..لوحات و أعمال فنية على مدى عقود من الصلة بممكنات التلوين تشير الى نظرات مفتوحة على العالم و الآخرين بكثير من الحلم...هذا الحلم العائد الى الخطوات الأولى..مع التلوين والرسم تعود للقراءة و الكتاب عندها عالم فسيح وممتع كالرسم.
هي فنانة تنوعت ألوان و ثيمات لوحاتها التي حلت أمكنة تونسية و أروقة و كذلك خارج تونس من حيث المشاركات و المعارض الفردية الخاصة و كذلك الجماعية .

يمينة الذهبي العيوني و رحلة السنوات الملونة... كان ولعها بالتلوين و الرسم مبكرا وتطور هذا الهيام مع الزمن و صار حكاية حياتها و هاجسها قبالة القماشة و بعيدا عنها ...تغمرها الفكرة و تشغلها الى حين اللحظات الحاسمة ...لحظت بداية الرسم و العمل الفني و العلاقة هنا غير محكومة بالسرعة و زمن الانجاز فقط هي تعانق فلسفتها و أفكارها و تخريجاتها ليأخذ العمل التلويني لديها ما يتطلبه من وقت دون تسرع و عجلة...انها تأخذ الرسم مأخذ فسحة مفتوحة بعيدا عن ضغط العروض و المعارض ... وهكذا.

حدثتنا عن عالمها هذا لتقول "...منذ كان عمري خمس سنوات وجدتني منسابة مع فكرة الرسم والتلوين بكثر من الرغبة والعفوية حيث كنت بعد ذلك ارسم شيئا من دواخلي في كراس المحفوظات ليلفت ذلك انتباه معلمتي في القسم الى أن صار الرسم مادة من المواد في مرحلة الثانوي ليتطور الحيز الى رغبتي و عادتي في رسم ما أحب و زاد هذا الشغب حيث كنا نقطن بباب سويقة حيث أجواء الحضرة و زاوية سيدي غرس الله و كنت أتأمل لساعات في المشاهد و التفاصيل و دقائق الأشياء ومنها حراك النمل وعالمه المنظم و الدؤوب في حيويته فضلا عن زرقة السماء و السحب و كنت مغرمة بأجواء " حومتي " و تعاطيت بحميمية مع الأمكنة فأنا أصيلة مدينة تكرونة التي قضيت فيها طفولتي و في سنوات الشباب شجعتني أمي و بلغت الانطلاقة الفعلية و تعرفت على الفنان الكبير محمد مطيمط و رأى عمقا في أعمالي ليعرضها على تلامذته فأعجبوا بها و أراد ذلك كمفاجأة لي و قد أسعدني هذا و جعلني أتقدم في تجربتي ...و في سنة 1982 كانت مشاركتي في معرض جماعي برواق يحيى بالبالماريوم بادارة الفنان الصادق قمش و كانت فيه لوحات معروضة لعمار فرحات و عبد العزيز القرجي و الزبير التركي ولفنانين أجانب و غيرهم و قد تم التركيز على عملي المعروض خلال النقل التلفزيوني لنشاط هذا المعرض الكبيرو بعد ذلك شاركت في معارض بدار الثقافة ابن خلدون وبمتحف سيدي بوسعيد و بالنادي الثقافي الطاهر الحداد و بار الثقافة ابن رشيق و بفضاء التياترو وصولا الى سوفونيبه بقرطاج آخر سنة 2019و في الخارج شاركت في معارض في كل من مصر والجزائر و لبنان و و ألمانيا...".

وعن العلاقة بالرسم من خلال اللوحات المنجزة تواصل القول "...يتلبس بي الرسم ولا أقرر مسبقا الموضوع الذي أجدني بعد ذلك أتعمق فيه لدرجة أني لا أستطيع التخلي عنه لأعيش جنون الفن و مغامرات الفنان مع لوحاته ..ألواني تفرض نفسها على عملي وقد تناولت في عدد من لوحاتي الأشياء الغريبة و المسكوت عنها خاصة المتصلة بالتقاليد و المخيال الشعبي في عالم الأنثى مثل "التصفيحة" حيث بحثت كثيرا في هذه المسائل...اشتغلت على المشاهد و عوالم المرأة و حالاتها و الرسم عندي تناسق مع الأفكار و الفلسفة .و في لوحة "قيروانيات" اشتغلت على تجربة أروى القيروانية و هي لوحة زيتية ككل لوحاتي... وبالنسبة للوحاتي أرى أنها في المنحى السوريالي... بعد مسيرتي هذه التي تمسح حوالي أربعين عاما من الرسم أواصل تجربتي التي أطمح فيها الى الجديد والمختلف وما تبقى هو الحلم الذي يحفزنا على المزيد من العمل و الابتكار والابداع ...العالمية حلم وأتمنى لأعمالي الحضور في اليونسكو مثلا والحقيقة أنه لا مشكلة لي في اقتناء أعمالي التي يقبل عليها الراغبون في فني وخاصة من الأجانب علما و أني أنجز عددا من اللوحات حسب طلب أحباء فني ولي مثلا طلبيات لوحات من قبل البنك العالمي... تجارب ظلت في ذاكرتي وتأثرت بها لأسماء مهمة منها سالفادور دالي وفاتح المدرسي وعبد العزيز القرجي ومحمد مطيمط...".

وفي باب التثمين لعملها الفني كرمت مهرجانات فنية تشكيلية و ثقافية الفنانة يمينة العيوني منها المهرجان الدولي للفنن التشكيلية بالمحـــرس ومهرجــان العصاميات في الفن التشكيلي بالمنستير فضلا عن اختيار عمل فني لها سنة 2017 بمتحف أوزنابريخ فضلا عن لوحات مروضة بمتاحف بالجزائر و لبنان ومصر وايطاليا وفرنسا.
أعمال ولوحات فنية لرسامة ديدنها الذهاب بعيدا تجاه الرسم وعوالمه المحفوفة بالأسئلة وبالدهشة و بالفكرة التي تنبع من الذات و ذات الفنانة التشكيلية يمينة العيوني محتشد من الأفكار والذكريات والأحلام حيث اللون مقيم و متحرك للقول بالإبداع و الجمال وفق عبارة تشكيلية فيها الكثير من الإصرار والمحاولة والاجتهاد.

شمس الدين العوني

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115