الفقهيات: مسائل قضاء رمضان (3)

وأما السنة:

فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» رواه البخاري (1952) ومسلم (1147)،

فمنطوق الحديث ظاهر، ومفهومه أن من مات ولا صيام عليه لم يُصم عنه، وقد علمت مما سبق أن المريض إذا استمر به المرض لم يجب عليه الصوم أداء ولا قضاء في حال استمرار مرضه.
 وأما كلام أهل العلم:

فقال في «المغني» ص241 ج 3 ط دار المنار: «وجملة ذلك أن من مات وعليه صيام من رمضان لم يَخلُ من حالين:

أحدهما: أن يموت قبل إمكان الصيام، إما لضيق الوقت، أو لعذر من مرض، أو سفر، أو عجز عن الصوم: فهذا لا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم، وحكي عن طاوس وقتادة أنهما قالا: يجب الإطعام عنه، ثم ذكر علة ذلك وأبطلها.
 ثم قال ص 341 «الحال الثاني: أن يموت بعد إمكان القضاء، فالواجب أن يُطعَمَ عنه لكل يوم مسكين، وهذا قول أكثر أهل العلم، رُوي ذلك عن عائشة وابن عباس...
 ثم قال: وقال أبو ثور: يصام عنه، وهو قول الشافعي، ثم استدل له بحديث عائشة الذي ذكرناه أولاً.
 وقال في «شرح المهذب» 343 ج 6 نشر مكتبة الإرشاد: «فرع في مذاهب العلماء فيمن مات وعليه صوم فاته بمرض، أو سفر، أو غيرهما من الأعذار، ولم يتمكن من قضائه حتى مات:

وبه قال أبو حنيفة ومالك والجمهور، قال العبدري: وهو قول العلماء كافةً إلا طاوساً وقتادة، فقالا: يجب أن يُطعِمَ عنه لكل يوم مسكينا، ثم ذكر علةَ ذلك وأبطلها، قال: واحتج البيهقي وغيرُه من أصحابنا لمذهبنا بحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» رواه البخاري ومسلم.
 وقال في «الفروع» ص 39 ج 3 ط آل ثاني»وإن أخر القضاء حتى مات: فإن كان لعذر فلا شيء عليه، نص عليه، وفاقاً للأئمة الثلاثة؛ لعدم الدليل».

وبهذا تبين أنه لا إشكال في المسألة، وأن الصوم لا يُقضى عمن استمر عذره حتى مات، وكذلك لا يُطَعمُ عنه، إلا أن يكون مريضاً مرضاً لا يُرجى زواله، فيكون حينئذ كالكبير الذي لا يستطيع الصوم، فيطعَمُ عنه؛ لأن هذا وجب عليه الإطعام في حال حياته بدلاً عن الصيام.
 من أفطر بالأكل والشرب، هل عليه القضاء فقط أم الكفارة أيضاً؟

اتفق أهل العلم أنه ارتكب كبيرة من الكبائر يجب عليه التوبة والاستغفار والعمل الصالح، ثم اختلفوا على قولين:
الأول: وجوب الكفارة، وبه قال الحنفية والمالكية لانتهاك حرمة الصوم في غير سبب مبيح للفطر، واستناداً لحديث من جامع في نهار رمضان.

 الثاني: القضاء فقط بلا كفارة، بعد التوبة من الذنب، لأن القياس على الجماع قياس مع الفارق، قال السرخسي: «ولا مدخل للقياس في الكفارة. ألا ترى أنه لا تقاس دواعي الجماع على الجماع فيه، ولأن الحرمة تارة تكون لأجل العبادة، وتارة لعدم الملك. ثم ما يتعلق بالأكل لا يتعلق بالمواقعة متى كانت الحرمة لعدم الملك فكذلك العبادة، واستدل بالحج فإن ما يتعلق بالمواقعة فيه وهو فساد النسك لا يتعلق بسائر المحظورات، واستدلوا بحديث من استقاء متعمداً وفيه أمره بقضاء يومٍٍ مكانه، وقالوا: تعمد القيء مفسدة للصوم - أيضاً - فلماذا لا نقيس الأكل والشرب عليه؟، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وهو الراجح، والله أعلم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115