الرمضانيّات: الحكم مع الدليل من السنّة والقرآن بخصوص قراءة القرآن على الميّت

أما بالنسبة لقراءة القرآن فهو أمر حسن مع النية الحسنة وتصحيح الحروف ولو كان على أمواتنا المسلمين

فقد قال الإمام النووي المتوفى سنة 676 هـ في كتابه الأذكار:
وروينا في سنن البيهقي بإسناد حسن أن ابن عمر استحبَّ أن يقرأ على القبر بعد الدفن أوّل سورة البقرة وخاتمتها، وقال قال الشافعي والأصحاب يُستحبّ أن يقرؤوا عنده شيئاً من القرآن، قالوا فإن ختموا القرآن كلَّه كان حسناً. اهـ
وهكذا قال الإمام أحمد وغيره من أهل العلم.

وقال الإمام القاضي أبو الفضل عياض في شرحه على صحيح مسلم في حديث الجريدتين عند قوله صلى الله عليه وسلم (لعله يخفف عنهما ما دامتا رطبتين) ما نصه:
أخذ العلماء من هذا استحباب قراءة القرآن على الميت لأنه إذا خفف عنه بتسبيح الجريدتين وهما جماد فقراءة القرءان أولى ونقله عنه الأبي في شرح مسلم وأقره.

ومما يشهد لنفع الميت بقراءة غيره حديث معقل بن يسار (اقرؤا يس على موتاكم) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان وصححه.

هذا وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة وصول الصدقة والصوم والحج والعمرة إلى الميت وهذه عبادات وقراءة القرءان عبادة أيضًا، فتصل إلى الميت لأنه لا فارق بينها وبين تلك العبادات المذكورة وهذا من القياس الجلي، الذي لا خلاف في حجيته والعمل به.
قال القرطبي في التذكرة: أصل هذا الباب الصدقة التي لا اختلاف فيها فكما يصل للميت ثوابها، فكذلك تصل قراءة القرءان والدعاء والاستغفار.اهـ

ومما يدل على ذلك أيضا صلاة الجنازة، فإنها ما شرعت إلا لانتفاع الميت والاستشفاع له بما فيها من قراءة ودعاء واستغفار فإذا كان يصل إلى الميت ما تشمل عليه الصلاة من دعاء واستغفار، فكذلك يصل إليه ما تشمل عليه من القرءان، سواء بسواء والتفريق في العبادة الواحدة بين مشمولاتها، تحكم غير مقبول، وهذا نص في الموضوع، والله يقول الحق وهو

يهدي السبيل، وعموم قوله تعالى (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) يدل على ذلك.

وأما بالنسبة لأمر التلقين يقول الامام النووي في الأذكار:

وأما تلقينُ الميّت بعد الدفن فقد قال جماعة كثيرون من أصحابنا باستحبابه، وممّن نصَّ على استحبابه:
القاضي حسين في تعليقه، وصاحبه أبو سعيد المتولي في كتابه -التتمة-، والشيخ الإِمام الزاهد أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي، والإِمام أبو القاسم الرافعي وغيرهم، ونقله القاضي حسين عن الأصحاب. وأما لفظه فقال الشيخ نصر:

إذا فرغ من دفنه يقف عند رأسه ويقول: يا فلان بن فلان! اذكر العهد الذي خرجتَ عليه من الدنيا: شهادة أن لا إِلهَ إِلاَّ اللّه وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتيةٌ لا ريب فيها، وأن اللّه يبعث مَن في القبور، قل رضيت باللّه ربّاً، وبالإِسلام ديناً، وبمحمد صلى اللّه عليه وسلم نبيّاً، وبالكعبة قبلة، وبالقرآن إماماً، وبالمسلمين إخواناً، ربّي اللّه لا إِلهَ إِلا هو، وهو ربّ العرش العظيم، هذا لفظ الشيخ نصر المقدسي في كتابه التهذيب، ولفظ الباقين بنحوه، وفي لفظ بعضهم نقص عنه، ثم منهم مَن يقول: يا عبد اللّه ابن أمة اللّه! ومنهم مَن يقول: يا عبد اللّه بن حوّاء، ومنهم من يقول: يا فلان [باسمه] ابن أمة اللّه، أو يا فلان بن حوّاء، وكله بمعنى. وسُئل الشيخ الإِمام أبو عمر بن الصلاح رحمه اللّه عن هذا التلقين فقال في

فتاويه: التلقين هو الذي نختاره ونعمل به، وذكره جماعة من أصحابنا الخراسانيين قال: وقد روينا فيه حديثاً من حديث أبي أمامة ليس بالقائم إسناده، ولكن اعتضد بشواهد وبعمل أهل الشام به قديماً. اهـ كلام النووي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115