القرآنيات: خير من ألف شهر (2)

إنها ليلة تتنزل فيها ملائكة الرحمن شاهدة إما لك أو عليك، هل ترى هذه الأحلام التي تُداعب قلبك من وقت لآخر، وتتخللها وساوس

الشيطان يقول لك: لا أمل في تحقيقها، فيُهبط من عزيمتك، ويجعلك ترى الدنيا قاتمة؟

 لكلٍّ منا أحلام ودعوات، هذان زوج وزوجة حُرما من نعمة الإنجاب، فطرقا أبواب الأطباء للتداوي؛ فكانت الإجابة مؤلمة: لا أمل لكم في الإنجاب، ولكنهما لم ييئَسا، بل طرقا أبواب رب العباد في ليلة الهبات؛ فكان حسن اللجوء يعقبه صدق الوعد والإجابة، وكانت ليلة القدر شاهدة على عظمة الخالق، فوهبهم من الذرية ما شاء.
 وهذا صاحب ابتلاء أقعده وأوجعه المرض، فلم يُجدِ معه دواء الأطباء، ولم يخفف عنه ألمه أي طبيب، بل قالوا له: أيامك في هذه الحياة تكاد تكون معدودة فبكى، ولجأ إلى الله في ليلة القدر؛ فاخترق حسن الظن بالله ودعواته أبواب السماء، لتتنزل عليه نسمات الشفاء التام، وكأن لم يكن به أي داء، فزال الألم وخرَّ ساجدًا لله على عطاياه، وغيرها الكثير والكثير من الأمثلة مِن الذين صدقوا الله، واخترقت أصوات دعواتهم وبكاء أعينهم هذه الليلة، راجين من الله أن يكونوا من الفائزين، فقيل لهم ولأمنياتهم: كوني، فتكون!
 

صدقًا إنها ليلتنا، فعلينا ألا نُضيعها بين القيل والقال، أو في غفلة وكسل، فإذا وافقت فيها ساعة إجابة صوت دعواتنا حقًّا ورب العرش ستتحقق مهما كنا نراها مستحيلة.

 لنكتُب دعواتنا، ولنطرق أبواب أهلنا وأحبابنا وجيراننا وأصحابنا، وكل من نعرفه من قريب كان أو بعيد، وندخل السرور على قلوبهم، ونطلب منهم دعواتهم؛ لندعو بها لهم، فنكون ممن خلط دعواته بدعوات الغير، وندعو لغيرنا بما تشتهيه أنفسنا، ونكون لحوحين لدعواتهم وكأنها دعواتنا فإذا وُفِّقنا في الدعاء لغيرنا، سخر الله لنا من يدعو لنا، فلنجد بها على كل من حولنا، ولنأخذ بأيديهم ونحن في طريق سيرنا لبداية حياة جديدة.

 ولا ننسى ألا نتكلف في الدعاء، فلنكن بسطاء في مناجاتنا، فلا نتكلف أو يرتفع صوتنا عاليًا.

ومن أجمل ما ندعو به في هذه الليلة المباركة ما وصَّى به رسولنا الحبيب عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيتَ إن علمت أي ليلة ليلةُ القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: «اللهم إنك عفو كريم، تحب العفو، فاعفُ عني»؛ رواه الترمذي
 عباد الله قد نُدرك ليلة القدر هذا العام ونحن نتنعم في صحة وبركة في الوقت، ورضا من الله، وقد ندركه العام القادم، ولكن قد تقل الصحة، فلا نقوى على القيام والعمل فيها.

 وقد لا ندركه فكثير ممن كانوا معنا بالأمس وأدركوا رمضان وليلة القدر ولم يحسنوا فيها وهم الآن أشدُّ ندمًا، يوَدُّ الواحد منهم لو يعود فلا يضيع ما ضيَّع، ولا يَفوته ركب الفائزين، فلنغتنم الآن من رمضان والعشر الأواخر وليلة القدر قبل الرحيل!

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115